ایکنا

IQNA

الخطاط القطري المهندي: خطي للمصحف يجمع بين الجماليات والوضوح

15:49 - February 27, 2017
رمز الخبر: 3463671
الدوحة ـ إکنا: بعد عامين تقريباً، سيصبح بمقدور مسلمي العالم تلاوة القرآن الكريم عبر مصحف سيخطه خطاط قطري، لأول مرة، وما يمنحه ميزة أنه سيجمع بين جماليات الخط العربي، ووضوحه في الوقت نفسه.
الخطاط القطري المهندي: خطي للمصحف يجمع بين الجماليات والوضوح
وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا)، هذا التشريف، حظي به الخطاط راشد المهندي، الذي أعلنت عنه المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، خلال الأسبوع الماضي، لينجز هذا العمل الجليل، وهي الأمنية التي تمناها منذ زمن بعيد، إلى أن تحققت له.

في حديثه لـ"الشرق" يتعرض المهندي لخطة عمله، وطبيعة المواد والأوراق المستخدمة، والميزة التي سيضفيها على هذا المشروع الكبير، علاوة على حديثه عن نوعية الخط المستخدم، وأسباب تفرده، إلى غيرها من التفاصيل التي جاءت عبر الحوار التالي:
الخطاط راشد المهندي خلال حديثه للشرق


*ما أبرز ما سيجعل المصحف المرتقب متفردًا من نوعه وجامعًا لجماليات فنية؟

من المهم الإشارة هنا إلى أن الميزة الجوهرية التي سوف يتسم بها المصحف المرتقب- بإذن الله- هي أن من سيخطه سيكون خطاطًا قطريًا، وهي ميزة كبرى، تتبناها المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، ضمن هذا المشروع الجليل الذي أعلنته أخيرًا، ما يجعله عملًا فريدًا من نوعه، ليصبح المصحف الشريف، مخطوطًا بيد خطاط قطري لأول مرة، ما جعل كتارا تختار خطاطًا مؤهلًا من حيث كافة الإمكانات، ليقوم بإنجاز هذا المشروع الكبير، وهذا ما يلقي على عاتقي مسؤولية كبيرة لإنجاز هذا العمل الجليل.

وسأعمل جاهدًا على أن يتميز المصحف المرتقب من الناحية الفنية بكل الطرق والوسائل، حيث سيكتب على ورق مميز، يستورد ويعد خصيصا لهذا المصحف، علاوة على اختيار عناصر زخرفية مستمدة من البيئة القطرية، لتزيين صفحاته، بالإضافة إلى كتابة لفظ الجلالة بلون الأدعم، لإضفاء مزيد من التميز لهذا المصحف الشريف.

خطة العمل

*وما هي خطة العمل التي ستعتمد عليها لتنفيذ المشروع؟ ومتى ستبدأ؟

مازلنا في بداية المشروع، وهناك إطار عام للعمل ونبحث حاليًا في خطة العمل بكافة تفاصيلها، إلى أن نستقر على الشكل النهائي، ولكن من الأفكار الأساسية أن يكون مميزًا من حيث الإخراج الفني، علاوة على نوعية الزخارف، وجودة الأوراق والخامات المستخدمة في كتابته.

*وهل تقوم حاليًا بما يشبه التدريب للانطلاق نحو التنفيذ؟

بالفعل، أنا أقوم بالتمرين بشكل يومي على الخط وكتابة صفحات من القرآن الكريم، لكون الخط بحاجة إلى تدريب ومتابعة دائمة، شأنه شأن كل المجالات الأخرى، والتي تحتاج إلى متابعة ومداومة، وذلك إلى حين الاستقرار على كافة الأدوات والخامات المطلوبة، والتي سيتم توفيرها خصيصًا لهذا المشروع، بما يليق بهذا العمل الكبير.

كل هذا يجعلنا نؤكد أن الأمر يحتاج إلى وقت، حتى إذا انتهينا من الوقوف على كل ما يتعلق بخط المصحف الشريف، بدأنا في المشروع على الفور.

توثيق المشروع

*وما هي الميزة التي ستضفيها على الخط المُستخدم؟

سأحرص على إبراز جماليات الخط نفسه، مع وضوحه، لأنه قد تكون هناك بعض المصاحف الجميلة، ولكنها غير واضحة الخط لكل القراء، والعكس، ولذلك سأحرص على المزج بين وضوح الخط وجمالياته في آن.


المهندي خلال الكتابة

*وأين سيتم تنفيذ المشروع، خاصة أن تلفزيون قطر، سيوثق مراحله؟


المكان سيكون في "كتارا"، وسيكون مجهزًا بكل ما يحتاجه العمل من طاولات وخزائن، إلى غير ذلك، وهي جهود تحسب لمؤسسة الحي الثقافي بأن تطلق مثل هذا المشروع وترعاه في كل مراحله.

*وما عدد ساعات العمل المتوقعة على مدار اليوم؟

أتوقع أن أعمل على مدى 7 ساعات، بإنجاز صفحة يوميًا، وأعتبر هذا المعدل معقولا للغاية، فالعمل سيكون بحاجة إلى دقة وتركيز شديدين، خاصة أن خط المصحف، قد يكون بحاجة إلى إعدادات تسبق التنفيذ، فمن المهم توزيع كتلة الكتابة بشكل صحيح في كل صفحة، حرصًا على تحقيق التناسق داخلها، بحيث تُوظّف معايير اللوحة الفنية بكل صفحة، الأمر الذي يؤكد أن هذا العمل ليس هينًا، بل هو عمل كبير، ينبغي أن نكون على مستواه.

وربما يحمل المستقبل تسريعًا لوتيرة العمل بإنجاز صفحة ونصف أو صفحتين إذا استطعت، رغبة في أن يكون الإنجاز أكثر مما هو متوقع، ولكننا نضع في الحسبان أي أمور طارئة.

لوحة فنية

*من أين سيتم جلب الأوراق والخامات اللازمة لإنجاز هذا العمل الجليل؟


هناك مزودون من تركيا، لكون الأتراك متميزين في صناعة الخط، فالخط ليس الكتابة وحسب، ولكن صناعة متكاملة أيضا، فهناك صناعة الورق وإعداد الأحبار المناسبة والأقلام والعناصر الزخرفية، فهذه منظومة متكاملة، ما يتطلب استعدادات مكثفة، وسيكون اختيار الأوراق من أجود الأنواع، المعدة لإنجاز اللوحات الخطية، فسوف أحرص على أن تكون كل صفحة من صفحاته بمثابة لوحة فنية، يراعى فيها ما يراعى في اللوحات الفنية.

مزايا خط النسخ

*لماذا جاء اختيارك لخط النسخ في خط المصحف الشريف؟

لكونه أجمل وأوضح الخطوط بالنسبة لخط المصاحف. ولذا، فإن معظم المصاحف المنتشرة بدول العالم كتبت بهذا النوع من الخطوط، وفي المقابل هناك أنواع أخرى من الخطوط قد لا تصلح لخط المصاحف، لكونها لا يصلح معها التشكيل أو الضبط، بينما المطلوب في كتابة المصاحف أن تكون تامّة الضبط بالشكل وعلامات الوقف والوصل إلى غير ذلك، فليس كل خط يصلح لكتابة المصاحف، وهذا ما يجعل خط النسخ هو الأنسب والأفضل والأجمل، لما يحمله من جماليات فنية تؤهله لخط المصحف، كما أنه يعد من الخطوط الصعبة لما يتطلبه من دقة فائقة فكل جزء منه خاضع لحسابات دقيقة، علاوة على أن الكتابة به تحتاج إلى تدريب مستمر، حتى يحافظ الخطاط على مهارته في الكتابة، وعلاوة على ما سبق، فهو يظهر مدى قدرة الخطاط وتمكنه من هذا الفن.

مستوى واعد


*هل ترى أن خط المصحف الشريف بيد خطاط قطري، يعكس أن هناك مستوى واعدا بين الخطاطين القطريين؟

بالفعل الأمر كذلك، وإن كنا بحاجة إلى مزيد من الاهتمام بالخط بالمعنى الكلاسيكي. وإذا كان هناك من يكتب وفق المدرسة الحروفية، إلا أننا تفتقر لمن يخطون بالطريقة التقليدية الكلاسيكية، وربما تكون كتارا مؤهلة للقيام بمبادرة لتشجيع الخطاطين القطريين، فدولة قطر متميزة في مختلف من المجالات، ولكن يبقى الجانب المتعلق بالخط العربي التقليدي يحتاج إلى مزيد من التشجيع والرعاية.

ولذا، فنحن بحاجة إلى مظلة لتشجيع الخطاطين القطريين، ونتمنى أن تقوم كتارا بهذا الدور، خاصة أن لدينا خطاطين واعدين، ويمكن تشجيعهم بتنظيم المعارض، والاحتكاك بالخطاطين الكبار. ولعل مثل هذه المبادرات تعمل على تحقيق الأهداف المشار إليها، دون الشعور باستحالة هذا الأمر، لكوننا بحاجة إلى تقوية هذا الجانب، أسوة بالمجالات الفنية والثقافية الأخرى، التي حققت قطر فيها تقدمًا لافتًا.

تحديات


قال المهندي إن التحدي الذي قد يعترضه، يكمن في إبراز جماليات الكتابة مع وضوحها، "ولذا سأحرص على المزج بين جمالية الخط ووضوحه. وبالمؤكد ستكون هناك استشارة لكبار الخطاطين والمختصين في الإخراج والضبط والتدقيق، لأننا أمام إنجاز مخطوط للمصحف الشريف، وفق مواصفات فنية وجماليات عالية، من المهم أن نكون على مستواها".

فضل الدعاء

خلال الحوار، غالب الخطاط راشد المهندي دموعه، عندما قال إنه فقد والدته مؤخرًا، وأنه كان يتمنى لو مَدّ الله لها في الأجل حتى ينال بركة دعائها، وتشهد تحقيق أمنية حياته، والتي تحققت له بفضل دعائها له بالتوفيق.

المصدر: بوابة الشرق الالكترونية

captcha