ایکنا

IQNA

"الطاروطي لإعداد القراء".. معهد في مصر لتخريج إمام سليم القراءة

14:15 - January 14, 2019
رمز الخبر: 3471388
القاهرة ـ إکنا: أكد القارئ المصري "الشيخ عبد الفتاح الطاروطي" أن الهدف من إنشاء "معهد الطاروطي لإعداد القراء والمبتهلين" هو إيجاد جيل من القراء يقوم على أساس من العلم والدراسة المتخصصة على يد خبراء متخصصين.

وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا)، مبنى مكون من خمسة طوابق في قرية "طاروط" بمحافظة "الشرقية" المصرية، يفد إليه حفاظ القرآن الكريم من مختلف محافظات مصر، ليتعلموا أحكام التجويد، ويدرسوا القراءات، وآداب قراءة آيات الذكر الحكيم، ومن لديه موهبة الصوت منهم، يجري تنميتها بدراسة المقامات، ليتم في النهاية إخراج إمام سليم القراءة حسن الأداء والصوت، بل أكثر من ذلك تفريخ قراء ينافسون بقوة في المسابقات الدولية للقرآن الكريم.


وراودت فكرة إنشاء معهد الطاروطي لإعداد القراء والمبتهلين، القارئ الدكتور عبدالفتاح الطاروطي على مدى سنوات، حتى خرجت للنور وحيز التنفيذ منذ عام ونصف العام، ليبدأ العمل به عام ٢٠١٨، بعد افتتاح حضره الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، ولفيف من المسئولين ومحبي القرآن الكريم، المعهد زارته مؤخرًا "بوابة الأهرام" للوقوف على الفكرة الأولى من نوعها في العالم الإسلامي، والدور المأمول في إعداد قارئ ومبتهل يمثّل مصر خير تمثيل في المحافل الدولية.


عن فكرة إنشاء المعهد، يقول الدكتور عبدالفتاح الطاروطي: لاحظت في الآونة الأخيرة انتشار الأصوات المزعجة والأداءات السيئة والتلاوات الخالية من أي التزام بأحكام التجويد، لبعض المتسللين إلى صفوف القراء بغير حفظ ولا تعلم ولا خبرة، ولكن كل غرضهم أن يحصلوا على أي دخل من خلال القرآن الكريم حتى ولو على حساب القرآن نفسه؛ مما يؤدي لتشويه صورة مصر صاحبة السبق والتاريخ في قراءة القرآن.
 
الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية خلال افتتاحه المعهد
 
وتابع الطاروطي: بدأت أسمع مقولات بأن البساط بدأ ينسحب من تحت أقدام القراء المصريين وأن دولة القراءة في مصر قديمًا هي الباقية والجدد ليس لهم وجود، فشعرت بالحزن الشديد؛ لأن هذا الكلام ليس له أساس من الصحة، فالأصوات موجودة وجيدة ولكن ليس هناك من يحسن القيادة، وبالتالي أردنا من خلال معهد الطاروطي لإعداد القراء والمبتهلين أن نأتي بأصحاب المواهب حتى لو كانت الموهبة بنسبة 50 أو 60 %، وننمي فيها ونجمّلها إلى أعلى مستوى بكثرة التلاوات والتدريبات لإكمال النقص الموجود، لافتاً إلى أنه ليس شرطًا أن يخرج الدارس من المعهد قارئًا متميزًا، وإنما إمام متميز عندما يصلي بالناس يكون على قدر المسئولية يرغّب الناس في القرآن.


وأوضح الشيخ عبد الفتاح الطاروطي قائلاً: إن الهدف من المعهد إيجاد جيل من القراء يقوم على أساس من العلم والدراسة المتخصصة على يد خبراء متخصصين، كما أن الفكرة في أساسها خدمية وليست استثمارية؛ ليفهم الجميع أننا لا نبحث عن دنيا، وإنما يكفيني - لو كنا نريد أن نقول إننا في مجال التنافس بين القراء القدماء والجدد أو بين زملائي - أنني صنعت عملاً لم يقُم به قارئ قبلي، والأكثر من ذلك أنه في كل مكان يوجد التنافس والغيرة والحقد، وأنا بهذا العمل أنتصر على نفسي وعلى هواي وعلى شيطاني، وأضع بذرة تنبت وينتج عنها خير كثير أجني ثمرته حتى وأنا بين يدي الله سبحانه وتعالى، مشيرًا إلى أن المعهد أعد خطة على أساس علمي، تستهدف على سبيل المثال تخريج من كل 50 دارسًا 10 قراء متميزين، وبالتالي على مدى 10 سنوات نستطيع أن نقدم لمصر ١٠٠٠ قارئ على أساس من العلم والخبرة يستطيعون أن يحتلوا مكانة متقدمة بين أهل القرآن الكريم، ويمثلوا مصر في المسابقات الدولية خير تمثيل.
الدكتور عبدالفتاح الطاروطي أثناء حديثه عن المعهد مع محرر "بوابة الأهرام"

وسيرًا على خطى القيادة السياسية الحكيمة التي تسعى إلى إعداد القيادات في كل المجالات السياسية والفكرية والفنية والرياضية، يتساءل الطاروطي: لماذا لا ننتهج النهج نفسه مع قراء القرآن الكريم؟ ولماذا ننتظر الصدفة تخرج لنا قارئًا متميزًا؟ لماذا لا نجتهد ونسعى لإخراج جيل من القراء على أساس متين؟ مضيفا: من ثم أتينا بأهل الخبرة والمتخصصين ففي مجال أحكام التجويد استعنا بنقيب القراء بالشرقية فضيلة الشيخ الشحات شاهين وهو يملك سندًا عالياً في القراءات العشر يعاونه القارئ الطبيب أحمد عبدالحكيم، كما استعنا بالدكتور طه محمد عبدالوهاب خبير الأصوات ليحاضر في المقامات الصوتية.

ونظرًا لأن القارئ يجب أن يعد إعدادًا نفسيًا وبدنيًا نوه الطاروطي بأنه تولد عن ذلك شقان، الأول وهو مادة آداب وأخلاق تلاوة القرآن الكريم التي يدرسها الدكتور محمد عبدالرحيم بيومي عميد كلية أصول الدين، والدكتور أحمد إبراهيم دهشان رئيس قسم الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، والمادة تهدف إلى تعريف القارئ بالرسالة المكلف بها، وليس مجرد إعداده لامتهان مهنة فحسب، وأن يعرف قيمة القرآن الكريم الذي يقرأه، والسلوكيات التي يجب اتباعها حتى يعرف من خلاله سمت القرآن الكريم وآدابه ووقاره، فلا يجب أن يكون القارئ مدخنًا أو يظهر بمظهر سيئ، لننسج في النهاية قارئًا إذا رآه أحد يقول هذا رجل من أهل القرآن الكريم، أما الشق الآخر فيتعلق بالجانب البدني متمثلًا في إشراف طبي تحت رعاية الأستاذ الدكتور محمد الوجيز رئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة بجامعة الزقازيق، والأستاذ الدكتور رمضان نافع رئيس قسم الصدر والحساسية؛ حيث إنها أهم الأجهزة لدى قارئ القرآن الكريم فيجري علاجها إذا كان بها مشكلة، وتعليمه كيفية الحفاظ عليها، وما الأدوية التي يجب أن تؤخذ وما يجب تجنبه منها.


كما كشف الدكتور عبدالفتاح الطاروطي أنه جرى أخذ الموافقة من النقابة العامة للقراء برئاسة الشيخ محمد محمود الطبلاوي، وموافقة الشيخ محمد حشاد شيخ عموم المقارئ المصرية على جعل مقر نقابة القراء بالشرقية في المعهد، وبعدما يتخرج القارئ في المعهد يلحق مباشرة عضوًا بالنقابة، مبينًا أن نظام الدراسة بالمعهد عبارة عن دورة لمدة شهرين، وبعد التخرج يتم جمع ثلاث دفعات واختبارهم في قراءة القرآن الكريم من خلال مسابقة الطاروطي المحلية والفائز يحصل على جائزة مالية؛ حتى يشعر القارئ أن مهمته لم تنتهِ بعد، وأنه مازال تحت التدريب والاختبار، وكل ذلك يصقله ويعوّده على المسابقات الدولية، بالإضافة إلى وجود مكان لإقامة المغتربين من خارج المحافظة إقامة شاملة.


وبخصوص القراء الوافدين من دول أخرى قال الطاروطي: لقد تحدث معي بعض الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر للدراسة في المعهد ونظرًا لاختلاف العادات والتقاليد رأينا عدم الاختلاط بينهم والدارسين المصريين؛ ولذلك نحن بصدد إنشاء مقر آخر لإقامة القراء الوافدين، كما بدأ المعهد في استقبال الفتيات الحافظات للقرآن الكريم اللاتي يردن - من باب إتمام العلم - أن يدرسن القراءات، مضيفًا أنه يخطط لجعل الطابق الخامس استوديو صوت وتصوير حتى يضع القارئ في اختبار تطبيقي يكون محاكاة للاختبارات في المسابقات الدولية للقرآن الكريم، حتى تذهب عنه رهبة الموقف وتكسبه الثبات النفسي أمام المحكمين والجمهور والكاميرات، فتخرج الآية بطلاقة، وبإذن الله يجانبه الفوز ويشرف مصر.

وتمنى الشيخ الطاروطي أن يُستقبل القارئ المصري الفائز في المسابقات الدولية للقرآن الكريم بحفاوة مثله مثل أي لاعب أو فنان يحصد جائزة؛ حيث إن القارئ يمثل مصر ويرفع اسمها عالياً، مصرحًا بأنه بصدد إنشاء صندوق رعاية فقراء أهل القرآن الكريم، والكبار منهم الذين لا يجدون ما ينفقون، وذلك من خلال جمعية الطاروطي لخدمة القرآن الكريم وأهله، وتحت إشراف وزارة الشئون الاجتماعية.

 
captcha