ایکنا

IQNA

رسالة رئيس مركز حوار الأديان في لبنان المنددة بإلإساءة للنبي(ص) في فرنسا

12:24 - October 26, 2020
رمز الخبر: 3478730
بيروت ـ إکنا: ندّد رئيس مركز حوار الأديان والثقافات في لبنان وعضو الأكاديمية الحَبرية المريمية العالمية سماحة السيد علي السيد قاسم بإلإساءات  الفرنسية المتكررة من خلال الرسوم الكاريكاتورية للنبيِ الأعظم محمد(ص).

وأصدر رئيس مركز حوار الأديان والثقافات في لبنان سماحة السيد علي السيد قاسم رسالة ندد فيها بإلإساءات  الفرنسية المتكررة من خلال الرسوم الكاريكاتورية للنبيِ الأعظم محمد بن عبد الله"صلى الله عليه وآله وسلم".
 
وجاء في هذه الرسالة:
     
"بسم الله الرحمن الرحيم
 
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} 

لقد تعهد الله بنصرة نبيه "ص" ورعايته، ودفع كل إساءة أو افتراء عنه "ص"، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} 

{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} 

لقد عصم الله نبيه من الإساءات، وكفاه المستهزئين، والإساءات لا تزال  تتكرر ضد سيدنا رسول الله "ص" كالرسوم والأفلام المسيئة؟

وعليه نقول أن معنى أن الله يعصم نبيه من الناس وأن الله كفاه المستهزئين يعني أن إساءاتهم وافتراءاتهم باطلة المفعول لا تؤثر على النبي ولا على دعوته ورسالته.

فلا تتحقق مقاصدهم، بل تتأتى النتائج بعكس ما خططوا له، حيث تُلْفِت هذه الافتراءات الانتباه، وتثير حب التعرف على هذه الشخصية فإذا بهم يحسنون من حيث أرادوا أن يُسيئوا، وإذا بهم يقفون على الحقيقة عندما يطلعون على عظيم خلقه ورحمته ورأفته ومما يدفعهم إلى الإيمان به أو على الأقل إلى احترامه وتقديره.

لقد بدأ الهجوم على سيدنا رسول الله"ص"منذ اللحظة الأولى التي أمر الله فيها نبيه أن يصدع (يجهر ويعلن) بالدعوة: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} 
فجمع النبي "ص" قومه ودعاهم إلى الإسلام وهو فيهم الصادق الأمين الذي يودعون عنده أماناتهم ويحتكمون إليه في أشد خلافاتهم، فلما دعاهم انقلبوا في وجهه.

و عن ابن عباس قال: صعد رسول الله "ص" ذات يوم الصفا؛ فقال: يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش، فقالوا له: ما لك قال: أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقون، قالوا: بلى قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبًا لك ألهذا دعوتنا جميعًا، فأنزل الله عز وجل: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} 

ومنذ هذه اللحظة والهجوم والافتراء والإساءة تتوالى على رسول الله "ص"والسؤال: كيف نواجه هذه الإساءات؟

إنهم يحاولون استفزاز المسلمين وإيقاعَهم في الفتنة الطخياء العمياء التي يدبرها الأرجاس ويهرب منها الأكياس ، والوقيعة بين المسلمين والمسيحيين، وحين يخرج المسلمون في مظاهرات وردات أفعال غير مدروسة ، يفرح الخصوم والمدبِّرون؛ لأنهم هكذا يتحقق غرضهم، وينفذ كيدُهم ومكرُهم، وعندها يظهر المسلمون - كما أراد أعداؤهم - بمظهر من لا يحسن إلَّا لغةً واحدةً، هي لغة العنف والإرهاب والتدمير، ولا شأن لهم بلغة الحضارة من البيان والحوار ومقارعة الحجَّة بالحجة، واللجوء إلى القانون .

ولذلك نحن على قدْر ما نستنكر الإساءةَ إلى سيدِنا رسول الله "ص"، بقدْرِ ما نستنكر ردَّ الفعل المندفع المتهوِّر الذي يُضيع حقَّنا، ويُحوِّلُنا من أصحاب حقٍّ إلى مُدانين مُخطِئينَ، وتُرفَع ضدَّنا القضايا، وتسوء العلاقات.
رسالة رئيس مركز حوار الأديان في لبنان المنددة بإلإساءة للنبي(ص) في فرنسا
رئيس مركز حوار الأديان والثقافات في لبنان سماحة السيد علي السيد قاسم

والسؤال لا يزال مطروحًا: إذن: كيف نواجه ونردُّ هذه الإساءات؟

لنا أسوةٌ في هَدْيِ القرآن الكريم حين كانت تُوجَّه الإساءات إلى النبي "ص"، فبماذا أمر الله نبيه أن يفعل أمام هذه الإساءات؟

حين تطاول المشركون على النبي "ص"؛ قالوا: ساحر، شاعر، كاهن، وقالوا أقوالًا منكرة عن الله تعالى، وكان ذلك يشق على النبي "ص"، فهو أعلم الخلق بجلال الله سبحانه وتعالى.

ولقد سجل القرآن بعض أقوالهم: {قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}

 {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}

 وأمام كل هذه الافتراءات بماذا أمره ربه"ص" ومن خلاله دعوة إلينا في أسلوب المواجهة : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} 

بل إنَّ الله سبحانه وتعالى نهانا عن سبِّ آلهة ومقدسات الآخرين؛ كي لا نُعطيَهم مبرِّرًا للتطاول على الذات الإلهية، فقال عز وجل : {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 

وفي سورة الأحزاب درس للأمة في فقه المواجهة والرد على الإساءات والافتراءات: فلمّا تكالبت الأحزاب واجتمعت لتصفية الوجود الإسلامي بالمدينة، جاء تأييد الله عز وجل ونصره لنبيِّه "ص" بعد شدائد اهتزت بسببها نفوسٌ واضطربت، ونزلت سورة الأحزاب لتسجل الموقف وتعلم الأمة الدروس والعبر .

لقد ساءنا كثيرًا تكرار نشر الرسوم المسيئة للنبي الأعظم وقد سبقها التعرض للانبياء والكتب الالهية السابقة كمقدمة لضرب الإيمان بالمعتقدات واسقاط القدوة  الإسلامية والمسيحية تمهيدًا لإيجاد أرضية للتطبيع مع العدو المحتل للأرض والمقدسات.

من حق الامة العربية والاسلامية أن تدافع عن حقها ورسولها ونبيها وان تنتصر له ، وان لم تدافع عنه فهي امة لا خير فيها.

ونحن نؤمن بجميع الرسالات والكتب الالهية وحوار الحضارات والمجادلة بالتي هي احسن ، ولا يجوز ان يكون هناك ردود فعل تتنافى مع منهجية الرسول الكريم.
 
ولن نسمح بالاساءة تحت مسمى حرية التعبير عن الرأي ونعتبر أن اعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم فيه اساءة لمشاعر المسلمين جميعا ولأصحاب الرسالات السماوية ، وندعو الجميع إلى ردود الفعل العقلائية في وجه الاساءة الى الرسول الكريم لكي نوضح الصورة المشرقة للاسلام المحمدي الأصيل ، وندعو مجددًا إلى العمل على تكريس الوحدة الإسلامية التي من خلالها تتوحد الرؤى والأهداف في مواجهة أعداء الأمة.
أخبار ذات صلة
captcha