ایکنا

IQNA

أهمية التدبر في القرآن لإزالة المعوقات للنهوض بالواقع القرآني

9:32 - April 24, 2021
رمز الخبر: 3480918
كربلاء المقدسة ـ إکنا: يلزم العمل على إزالة المعوقات للنهوض بالواقع القرآني من خلال ضمّ موضوع الفهم والتدبر في كل البرامج القرآنية، كما أنَّ عقد المؤتمرات لتسليط الضوء على أهمية التدبر، وأهمية فهم الخطاب القرآني له أثر كبير في النهوض بهذا الواقع.
أهمية التدبر في القرآن لإزالة المعوقات للنهوض بالواقع القرآني
والسبيل إلى إحياء التضامن بين المجتمعات الإسلامية حول القرآن الكريم في شهر رمضان، هو أن يرتقي الإعلام الإسلامي في خطابه إلى ما يحقق هذا التضامن بعيداً عن الدخول في الزوايا الضيقة، فالخطاب القرآني خطاب إنساني بالدرجة الأساس، يقول تعالى: "هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"(سورة إبراهیم / الآية 52) فالتزام المسلمين في الصوم بزمان معين، بالإضافة إلى ما يحمله هذا الزمان من جانب ذكروي، وهو نزول القرآن فيه، يكون ذلك مدعاة لتضامن المسلمين والتفافهم حول هذا المحور المقدس، وهو القرآن ورمضان.

وما أنجزته الحركة القرآنية في هذا العصر لم يصل إلى مستوى المطلوب الذي أراده الله سبحانه وتعالى من الحثّ على التدبر والعمل بما جاء به كتابه العزيز، كما لم يرتقِ إلى مستوى ما يطمح إليه المعصوم، فلا يزال الاهتمام بالجانب الإقرائي هو الطاغي على الساحة، وإن كان جانباً مطلوباً، ولكنه يبقى وسيلة للتدبر والعمل، وليس كما يتصور من أنه مجرد من ذلك من خلال ما يقرؤه البعض في الحديث الشريف الذي قال فيه صلى الله عليه وآله وسلم: "يقال لقارئ القرآن اقرأ ورتل وارتقِ كما كنت ترتل في الدنيا، فإنَّ منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها" فقد يتصور أنَّ هذا الحديث يخص الحافظ والقارئ مجردٌ من الصفات، والواقع إن كليهما يقرأ، الحافظ يقرأ عن ظهر قلب، وغيره يقرأ في المصحف، ولكن ليس ذلك مجرداً عن العمل بما جاء به كتاب الله تعالى، خصوصاً إن الارتقاء في منازل الجنان لايكون إلا بالعمل، يقول تعالى "هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ"(سورة آل عمران / الآية 163) وبخلاف هذا الفهم يوقفنا ما ورد في الحديث الشريف في ذم القراء الذين لاتجاوز قراءتهم حناجرهم، والتي نستفيد من مضمونها أنه يرتفع عمل الإنسان إلى الله تعالى عندما يكون مبنياً على قراءة تدبرية وعملية للنص المقدس إذا كان هناك من يقرأ متدبراً، كما ورد في الحديث الشريف: "لاخير في قراءة ليس فيها تدبر" أو يكون ارتفاع العمل مبنياً على النية الصادقة والعمل الصالح الذي أساسه الفطرة السليمة، فلا يتصور أن يرافق القارئ أو الحافظ -غير العامل- السفرة الكرام البررة، كما ورد في الحديث الشريف، لأنَّ مرافقته لهم تعني اشتراكه معهم في السفارة الإلهية؛ فهم سفراء الله تعالى في إبلاغ رسالاته إلى الأنبياء، وهو حامل للقرآن الكريم الذي يقتضي منه أن يكون عاملاً به، وليس قارئاً له فقط، وتجاه هذا النهج التكاملي ينبغي علينا أن نجعل من شهر رمضان شهر وعي وتدبر.

ويلزم العمل على إزالة المعوقات للنهوض بالواقع القرآني من خلال ضمّ موضوع الفهم والتدبر في كل البرامج القرآنية، إن كان في مجال الحفظ والتلاوة أو في المسابقات، ويكون ذلك وفق منهجية تأخذ بنظر الاعتبار المراحل العمرية للمشاركين، والفروقات اللغوية بين المسلمين؛ كون بعضهم قريباً من اللغة الأم، والبعض الآخر يحتاج إلى ترجمة وتبسيط للمفاهيم، كما أنَّ عقد المؤتمرات لتسليط الضوء على أهمية التدبر، وأهمية فهم الخطاب القرآني له أثر كبير في النهوض بهذا الواقع.

وإذا كان الصوم - وكما هي الصلاة - المشترك بين الأديان الكبرى على اختلاف شرائعها وطقوسها، فكيف بأبناء الإسلام على اختلاف قومياتهم ولغاتهم تجمعهم للصلاة قبلة واحدة، وللصوم شهر معين واحد، يحيط به المقدس من كل جانب، على الرغم من اختلاف المذاهب الفقهية في إثبات رؤية هلاله، واختلاف الشعوب الإسلامية في ماورثته من طريقة استقباله، وفي إحياء أسحاره ووقت إفطاره وإحياء لياليه وأيامه شعوراً منهم أنه موسم إيماني لابد من استثماره في الطاعة، وفي التواصل والتراحم.

وإن كان هناك بعض الظواهر لانستطيع عدَّها قاسماً مشتركاً بين الشعوب الإسلامية، كبعض البرامج التلفزيونية التي لاتمتُّ إلى روح الشهر المبارك بصلة، كبرامج "فوازير" ونحوها من برامج ترفيه لاعلاقة لها من حيث الزمان بشهر رمضان، ولا بالهدف من تشريع الصوم، كبعض البرامج التي تسجلها الدراما المصرية؛ لما يعرض فيها من غناء وابتذال، وهي بالتأكيد لاتحمل عمق وأصالة الموروث الإسلامي لشعبها القائم على الإيمان بقدسية شهر رمضان.

وباختصار نقول إن المشترك بين الشعوب الإسلامية، وكذا الجاليات الإسلامية المغتربة ـ على تفاوت فهمها لفلسفة رمضان ـ هو تقديس هذا الشهر الكريم؛ كونه شهر عبادة وعودة إلى الذات، وفترة لتكريس الجهد في تطهير النفس من رواسب المادة في أيام معدودات ينطلق منها المسلم للحياة بروحية متجددة تختلف عن بقية الأيام العادية.
 
بقلم الناشط القرآني العراقي / "علي الراضي الخفاجي"
captcha