ایکنا

IQNA

توقيع كتاب "جرحٌ وزيتون؛ أعيانٌ وأزمان" في معرض بيروت الدولي للكتاب + صور

12:23 - March 13, 2022
رمز الخبر: 3485176
بیروت ـ إکنا: تمّ إطلاق وتوقيع كتاب المستشار الثقافي الایراني في لبنان "الدكتور عباس خامه يار" بعنوان "جرحٌ وزيتون؛ أعيانٌ وأزمان"، بحضور ممثل وزير الثقافة اللبناني الدكتور محمد وسام المرتضى، وعدد من النواب والنخب المثقفة في عالم الأدب والكلمة.

وسطَ أجواءٍ شتويّةٍ عاصفة في شهر مارس / آذار، وحركةٍ ثقافيةٍ لا تعرفُ الهدوء رغم كل الظروف، تحديدًا من معرض بيروت الدولي للكتاب، حيث عودة النبض إلى روحِ هذه النقطة الساحليّة التي اعتادت أن تستقبلَ روادَ الكتاب والثقافة في كل عام لولا مستجدات الوباء خلال الأعوام الأخيرة، تمّ إطلاق وتوقيع كتاب المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الباحث الدكتور عباس خامه يار بعنوان "جرحٌ وزيتون؛ أعيانٌ وأزمان"، بحضور ممثل وزير الثقافة اللبناني الدكتور محمد وسام المرتضى، وعددٍ من النواب والنخب المثقفة في عالم الأدب والكلمة.

والكتاب الذي يحوي فصلين اثنين؛ أعيان وأزمان، يتناول خواطر جمعها خامه يار خلال تجربته المهنية والثقافية خلال أربعة عقودٍ من الزمن، فكان أبطالها أفرادًا مرّوا في حياته، فمنهم من رحل ومنهم من يعاصره، وأحداثًا كان لها الأثر في المسار الثقافي للدول والمنطقة والتأثير الملموس على العلاقات الثقافية بين الدول.

وسطَ أجواءٍ من التأثر والوَجد الذي فرضته طبيعة الكتاب ولحظته الزمنية والمكانية حيث أعرب خامه يار عن سروره بإطلاق كتاب خواطره من بيروت التي أحبها وأحبته، وبعد مشوارٍ طويل من التجارب الثقافية التي كلّلها بهذا الإصدار من هنا، نقطة التقاء الثقافات، معرض بيروت الدولي.

قدّم الحفل أستاذ الفلسفة وعلم الكلام في الجامعة اللبنانية الدكتور خضر نبها، فابتدأ الكلام قائلًا: أرحب بكم في شهر آذار، مع تفتح زهر اللوز، تميس الزنابق قدًّا، ويضوع البنفسج عطرًا، ويبرعم الورد احتفاءً بمناسباتٍ تتزاحم فيه من ولادة الأئمة الأطهار الى يوم الجريح المقاوم، يوم عيد الأم وعيد المعلم، هذا المعلم المقهور والمظلوم في وطني لبنان. فألف تحية الى كل مقاوم وأم، ومعلم ومعلمة. أيها الحفل الكريم، هناك فرق بين المذكرات والسيرة الذاتية، السيرة الذاتية تغطي حياة الراوي في الترتيب الزمني. واما المذكرات فهي تجربة حقيقيه في حياة المؤلف. ولديها درس او رسالة لمشاركتها مع القراء.

من هنا أي رسالة يريد ان يشاركنا فيها الأخ والصديق العزيز الدكتور عباس خامه يار في كتابة " جرح وزيتون"؟ الجواب عند سعادة المستشار.

وقال نبها: ولكن يا سعادة المستشار، كتابكم "جرح وزيتون"، استغرق كل عقلي وقلبي، لما فيه من رؤية العاقل المدبر، والسائح الهائم في حب المعرفة، والعاشق المتجول في قصور العلم وكهوف العاشقين. "جرح وزيتون" كتاب ممتع، رصين، تاريخ للحوادث والإعلام، فيه حشد من الذكريات والحوادث النافعة والمعبرة، ادعو الله تعالى ان يحتل هذا الكتاب مكانه في المكتبة العربية، ويستفيد منه المثقف العربي، ويتأمل تجربة رجلٍ محبٍ وعاشق، خاض معترك الحياة مجاهدًا ومفكرًا ودبلوماسيًا حتى يصل الى ما يرضي الله تعالى ويخدم وطنه الأول إيران ووطنه الثاني لبنان. (جرح وزيتون) عمل جليل، يستحق التأمل والتدبير...
المستشار عباس خامه يار، "رجلٌ في وجهه مزيجٌ من التعب والطمأنينة. لكم مني أخي الحبيب  ودَّ الورد وكل الحب والإعجاب والتقدير.

وقد كان أول المتحدّثين ممثل وزير الثقافة اللبناني الدكتور محمد المرتضى، الأستاذ سليمان علّوش الذي قال: "لقد شرفني معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى بتمثيله في هذا الحفل الكريم، وأنا باسم معاليه، إذ اثني على أهمية الكتاب موضوع الحفل وعلى أهمية العلاقة بين لبنان والجمهورية الإسلامية في ايران .. هذه العلاقة التي يُمثّل الدكتور عباس خامه يار نموذجًا من نماذجها الطيبة والواعية والمُحِبة.. أتقدم منه بجزيل الشكر والامتنان على طلب الرعاية ونتطلع إلى مزيد من التعاون.

أما بعد.. فلقد كان الدكتور خامه يار وما زال سفيراً للمحبة والخير، وعنواناً من عناوين العلاقة الثقافية والفكرية والدينية بين بلدينا، وقد أينع زرعه في كل مكان في بلدنا من بيروت الى الجبل والشمال وصولا الى البقاع والجنوب في جولات محبة فكرية وثقافية ستبقى عنوانا للتواصل الحي والانفتاح والحوار في كل ما يُغني هذه العلاقة التي نريدها أن تترسّخ مع كل محيطنا العربي والإسلامي وأن تكون بالتبادل المعرفي والتنوع الثقافي الذي يُغني العلاقة السياسية ويجعلها أكثر وضوحاً وشفافية.. ولقد أطل الدكتور خامه يار في كتابه هذا على سياحة عملية وفكرية ودينية وثقافية راقية في العلاقة التي أقامها مع الشخصيات الدينية اللبنانية الكبيرة وخصوصًا تلك التي كانت لها بصمات سياسية وحوارية كبرى بين المكونات اللبنانية ، فكان كتابه هذا مزيج روائي ادبي وثقافي بلغته المميزة ولفتاته الجميلة التي رسمتها ريشته الأدبية بعدما جالت مخيّلته في تطواف مبدع في رحاب تلك السنوات والأوقات الرائعة التي عاشها في لبنان وتجوّل فيها بين أصدقائه الذين يمثّلون النسيج اللبناني بكل طوائفه ومكوناته..

وأضاف علّوش: اننا في الوقت الذي نحتفي بهذا المولود الثقافي وبهذه التجربة التي باتت مدّونة لتغني العلاقة بين بلدينا نؤكد العمل على كافة المستويات للحفاظ على هذا الخط العلمي والابداعي والثقافي للبنان والذي يمثّل هذا المعرض وجها من وجوهه الحضارية ومعلماً من معالمه التي لا بد ان نعمل جميعا على رعايتها وحمايتها لتمتد في روح الأجيال وفي كل اشراقات المستقبل مهما كانت الأوضاع صعبة ومعقدة كالتي نعيشها اليوم لأننا نظل دائما بحاجة للخبز الثقافي والفكري حتى في الوقت الذي نعيش فيه الجوع للخبز والقمح .. واننا لعلى أمل بأن تكون تجربة الدكتور خامه يار بحيويتها ونشاطها وإنتاجها حافزا اكبر لتوطيد العلاقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران وتعزيزها لما فيه الخير والمصلحة الكبرى لبلدينا".

بعد ذلك كانت كلمة مدير عام منشورات مؤسسة الهدى الثقافية وممثل رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في إيران الشيخ محمد أسدي موحّد الذي أثنى على جهود الدكتور خامه يار قائلًا: "أشكر الله أن أعطاني هذه الفرصة لكي أزور لبنان لأول مرة وكانت أمنية لي حيث عندي الكثير من الأصدقاء اللبنانيين من الجاليات اللبنانية لكن لم أزره يومًا. اليوم هذه فرصة لأتعرف إلى شعب لبنان المثقف وصاحب العلم والوعي، فنحن معروف عندنا أن الجاليات اللبنانية حيث تتواجد، لا نكون بحاجة إلى ميزانية لأي نشاط ثقافي، لأنهم شعب مثقف وشعب ذو وعيٍ، فأنا أشكر لبنان شعبًا ودولةً لهذه الفرصة التي أتيحت لنا وخاصةً وزارة الثقافة اللبنانية على هذا اللقاء الذي نرفع فيه الستار اليوم عن كتاب الدكتور عباس خامه يار. كتاب "جرح وزيتون" طبع مرتين في إيران باللغة الفارسية، وأنا اقترحت على الدكتور خامه يار أن نتبناه كمؤسسة ودار نشر ترجمةً وطباعةً، وقد منحنا هذا اللطف والشرف، وحيث أننا مؤسسة دولية طبعت حتى الآن أكثر من ألفي عنوان في مجالات مختلفة وبلغاتٍ مختلفة، فقلت من الأفضل أن نشارك دور النشر في لبنان في طباعة هذا الكتاب. وبحمد الله تمت طباعة هذا الكتاب بالتعاون مع دار أثر اللبنانية، على أمل أن يكون هذا منطلق خير وبداية لنشر الكتاب في الدول العربية، ولعلها تكون خطوة أولى للتعاون بيننا وبين دور النشر اللبنانية. فالعلوم والفنون كثيرة باللغة الفارسية ونحن بحاجة كي نترجم هذه الكتب للعالم العربي وكل دول العالم. فهناك إقبال على هذا النوع من الكتب بشكل واسع. على أمل أن تكون هذه تجربة خير فيكون التعامل مستمرًا مع دور النشر والمؤسسات الثقافية والعلمية في لبنان.

ثم تحدّث أستاذ اللغة العربية وآدابها في الجامعة اللبنانية البروفيسور علي زيتون، حيث قال: "جرح وزيتون" عنوان يلفت انتباهنا جنوبًا، في لبنان. ففلسطين هي الجرح، الوجع حتى أعماق القلب والروح، والزيتون هو الذي يلفها برمزيته المومئة الى أدقّ أسرار هذا البلد الحزين، الذي يضمر في حزنه ليس وجعا بقدر ما يضمر إيمانًا عميقا بنصر مبين. كيف لا والزيتون على علاقة وشيجةٍ بالثقافة القرآنية التي يمثل فيها الجرح انتفاضةً قوية في مواجهة سكين الغاصب التي تصبح ملك بنانه وتصبح أمارة المقاومة التي يختطّها الفلسطيني في شوارعه ومدنه.

وإذا كان الجزء الثاني من العنوان: " أعيان وأزمان" فإن الجزء الأول يتسلل الى مسارب وشرايين هذا العنوان ليعطي الصبغة الجهادية على الأعيان الذين يتحدث عنهم الدكتور عباس خامه يار، وعلى الأزمان التي تفيئ هذا الكتاب، غير العادي تحت ظلالها.

ولقد توزعت قراءة الدكتور خامه يار للأعيان، على قادة منهم: (كاسترو وأحمد بن بلا)، وعلى رجال دين حملوا لواء الثقافة والجهاد بينهم: (الشيخ التسخيري، وسماحة الإمام السيد موسى الصدر، والشيخ احمد الزين)، وعلى مثقفين يتوزعون على حقولٍ معرفيةٍ عرفها عصرنا الحالي منهم: (السبزواري)، وعلى شهداء كبار منهم: (فتحي الشقاقي)، وعلى إعلاميين من بينهم: (محمد حسنين هيكل وجورج قرداحي)، وعلى شعراء من بينهم: (مظفر النواب، وجوزيف الهاشم وبولس سلامة).

وهؤلاء الأعيان لم يكونوا أعيان هذا البلد أو ذاك فحسب، توزعوا على طول البلدان الإسلامية وعرضها. وكانت قراءة الدكتور خامه يار لهذه الشخصية او تلك قراءة مثقف كبير تملك ثقافة عصره تملكًا جديًا، ليس في حقل اختصاصه، العلوم السياسية، وحده، فالدكتور خامه يار ملم بمختلف الحقول المعرفية، وبآخر ما وصلت إليه في زماننا، ولذلك كان تقديمه هذه الشخصية او تلك تقديمًا دقيقًا يمكن أن نصفه بالتقديم العلمي الموضوعي. إنها قراءة الخبير المجرب.

ومما يجدر ذكره أن قضية فلسطين كانت حاضرة، ينبئنا تقديمه الشخصيات التي قدمها بتسلّلها الى كل رأي يبديه وان لم يصرح هو به بشكل مباشر. ولذلك فانه من الطبيعي ان يكون عبق كلامه عبقًا جهاديا. ومازال حتى ساعتنا هذه ناشطا لا يكل، يحمل القضايا الوطنية والإنسانية ويتحمل مشقاتها في حياته اليومية، وإذا كان له فضل خاص علي ودين في عنقي، فان فضله على الحركة الثقافية الجهادية حيثما حل مستشارًا ثقافيًا للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان وغير لبنان لا يقدر بثمن، وهذا طبيعي كيف يكون ابنًا بارًا للثورة الخمينية التي مازالت تزرع بذور الخير والحماية لشعوب المنطقة، من فلسطين واليمن ولبنان والتصنيع الحزبي الى سوريا والعراق ومواجهة المخلب الأمريكي الداعشي، بالله عليكم كيف يكون؟

لن يكون غير ذلك ابدًا، والكتاب الذي بين يدينا اليوم "جرح وزيتون، أعيان وأزمان" خير دليل على ذلك بكل دقة ووضوح...

بعد ذلك كانت كلمة الوزير السابق والشاعر والأديب الدكتور طراد حمادة، حيث تحدث قائلًا: "جرح وزيتون كتابةٌ عامرةٌ بأنواع أدبية عدة يتواصل فيها أدب السيرة الذاتية والتاريخ الواقعي لا النظري للثقافة وأدب سير الرجال والتواصل للتعارف والحوار المستجاب وفيها عن أدب القصة والمقالة والخاطرة والعبارات القلبية والاستشراقات الفكرية ويعطيها ما ذكرت من تعدد الأنواع الأدبية في هذا النوع من الكتابة، كتابة تشبه صاحبها والدبلوماسية الثقافية متعدد الأبعاد في النظر الى الآخر والحوار معه والحديث عنه فيما نسميه النظرة الفلسفية الى منهجية هذا الكتاب، تجليات المرايا تبادل التعارف والحوار بين الأنا والآخر المعاصر له، ولذلك يدخل الى ذكريات في التاريخ الواقعي لا النظري وفق رأي الفيلسوف الألماني هيجل، أي انه يكتب عن أشخاص معاصرين له، يعرفهم ويعرفونه، التقى بهم وأقام معهم الحوار والتعارف والتحاب وهو في تجليات المرايا يقدم نفسه إليهم ويقدمهم الى نفسه ليرسم صورتهم في صفه قرائه ونرى على صفحة مرآتهم صورة نفسه وبذلك فان هذا التجليات بالنظر تجعل عمق الآخر سيئًا وتخريبيًا، وليس عدواّ وظلمةً معتمةّ انه النور الذي يتجلى في مرايا التعارف الإنساني وعادةً ما يعرف في صدر العارف ويضج عنه في وجده وهذا ما يحصل في تجليات هذا الكتاب الآخر المنجى الآخر. انه يقدم لنا سيرة اشخاص معاصرين لسنا نعرفهم يدورون بيننا وقد ذبنا بهم وقرأنا عنهم وربما استفدنا منهم أيضا وعليه تكون صورة هذا الكتاب عند الملتقي المعاصر صورة مطابقه لتجليات المرايا، حيث بشخص الكاتب والتلقي والأخر في الرواية، والقصة والخاطرة تعتبر وحدة مترابطة الأبواب والابداع، ان الكتابة عن الامام الخميني والتسخيري والدكتور الكيك وجورج جرداق وعلي زيتون هي بالنسبة لي كتابة أشارك فيها عند قراءتها لأكون على صلةٍ معرفيةٍ فيه، وعليه تظهر عندي صاحب الخاطرة صورة الكاتب والآخر صاحب السيرة في مرآة نفسي، في أي حال تصبح القراءة ممتعة وذات فائدة على السواء. في هذا الكتاب نتعرف الى الدكتور عباس خامه يار في تجليات مرآته ونظرته الى الآخر وفي سيرته".

في النظر الى سيرة الآخرين يكتمل الترتيب وخطتهم وتكتمل عندنا صورة عجيبة من الحوار الثقافي من العصر الذي نحن فيه، اقصد ان التاريخ للأشخاص والأفكار يضج بثقافة العصر، فهنا الدكتور عباس خامه يار المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية كشاهدٍ على ثقافة عصره، مؤرخًا ومحاورًا معها وصانعًا لإنتاجها. الحياة الثقافية بالنسبة إليه هي الرابط والناطق بين الإنسان وأخيه الآخر المعاصر وهي بتأريخها لرجال المرحلة، تجليات المرآة في كتاب جرح وزيتون فيه كل هذه الصفات من منهجية كتابة متجددة وممتعة أمدها من جانب النظر الفلسفي صورة عن معنى التعافي والتواصل الوثيق الصلة، بدور المعرفة والثقافة في بناء الحضارة الإنسانية.

عباس خامه يار في كتابك جرح وزيتون، تجليات ومرايا ثقافتك وثقافة إيران العظيمة في علاقتها بالثقافة الإنسانية في هذا العصر الذي نحتاج فيه الى التعارف، التعارف والمحبة، ونبذ التباعد والتنابذ والبغضاء وهذه من أصول الثقافة الإسلامية الحقة...

بعد ذلك تحدّث الدكتور ميشال نوفل الباحث في شؤون الشرق الأوسط، والذي قال: فی کتابه الجديد جرح وزيتون يبرز الكاتب الأستاذ خامه يار تلك الحساسية الإيرانية في مجال معرفة إيران وثقافتها والتركيز على التقارب معها جزئيًا وسياسيًا، وهو بذلك يزيل الأمور عن الإسلام السياسي، وجذور التفاعل مع جماعة الإخوان المسلمين منذ قيام حركتهم من مصر وتأثر المفكرين بكتابات السيد قطب ونقلها الى الفارسية، ونجد في هذا الكتاب وهو عبارة عن سجلّ واسع لانطباعات وملاحظات تعكس تجارب إنسانية مع شخصيات مرموقة أو تاريخية غابت، وبقيت أعمالها في المجال الثوري، الثقافي، العلمي وتركت أثرا عميقا في نفس المستشار الثقافي وطبعا هو يذكر العديد من الشخصيات ابتداءً بالإمام الخميني والتسخيري ثم يأتي فيكتور الكيك وجورج جرداق وغيرهم، يلاحظ انه أيضًا في هذا السجل يسجل أو يحاول إظهار أعمال ادباء من مصر ولبنان وسوريا وعراق ودول عربية اخرى، الكاتب خامه يار المليء بالمعلومات، يحضر حضورا كثيفًا ناعمًا في بعض الأحيان، وما يراه لأنه يحصل أمامه كما يقول الناقل أدوار سعيد، او انه يفلت ما يعرفه من قبل ويعيد تحديثه كما في حالة الإمام الخميني والدكتور علي شريعتي، وآية الله الطالقاني ومهدي بازركاني، والحصيلة انه يضع بين أيدينا لحظات للقاءات واجتماعات مع شخصيات سياسيه و ثقافيه وأكاديمية ودينيه، وخواطر من رحلته والمهمات التي قام بها في بلدان عربيه وإسلامية عدة وهكذا نسافر مع المؤلف من ماليزيا في الشرق الى الجزائر في المغرب، ومن طاجيكستان في آسيا الوسطى الى موسكو وهو يكتب عما يكتب إما لأنه مهم وإما لأنه يروق له ان يسعى الى ذلك وهذا النوع من الكتابة فيه مقدار معين من الغصة والحزن وما يزيد عن ذلك من العاطفة والمحبة والعرفان.

أما اللحظات الاستثنائية فهي تفرض نفسها عندما يجد الكاتب لذة بترجمة الشعر العربي الى الفارسية او يسجل بحيادية وقائع حادثة غريبة شهدها خلال زيارته الكعبة الشريفة، او انه لا يتردد في التحليل الجمالي لظاهرة التماثيل في طاجيكستان ووظيفتها في تحديث الهوية فضلا عن اعتماد لوحة لايفانا في احد متاحف موسكو للتوسع عن التعريف بالتاريخ القديم لروسيا، يعني ينقلنا خامه يار الى القرن السادس عشر، ويمكن أن نضيف الى كل ذلك مساحات تتولد عن صور الكآبة والأسى الناتجة عن انفجار مرفأ بيروت، وغياب أماكن مثل فندق البريستول الذي يرى فيه الكاتب معلمًا ثقافيًا بسبب الخدمات الذي كان يتوفر عليها لعقد المؤتمرات السياسية. وربما هي علامة من علامات الزمن، هذا الاهتمام بالتعاون الثقافي مع روسيا واعتبار أن تقديم صورة واضحة عن المجتمع الروسي يتطلب أدوات وقدرات أكبر مما تقوم به إيران هناك، فضلًا عن أن عملية المعرفة والفهم المتبادلين بين الشعبين تقتضي استخدام إمكانات ثقافية في البلدين وهو أمر غير متوافر حتى إشعار آخر. ولا شيء يمنع الكاتب من مصارحة القارئ بأنه على الرغم من العلاقات الجيدة بين موسكو وطهران إلا أن الأمر لا ينطبق على مستوى الشعبين. يؤكد الكاتب من خلال تجربته الغنية أن العلاقات بين البلدين لن تبلغ مستوى الاستقرار الاستراتيجي من دون تحقق المعرفة والفهم المتبادلين بين الشعبين الروسي والايراني. هذا بالإضافة إلى نماذج وأمثلة كثيرة قدمها نوفل عن الكتاب.

ثم كانت كلمة المترجمة مريم ميرزاده والمدققة اللغوية لكتاب الدكتور خامه يار، حيث أبدت انطباعها حول الكتاب قائلةً: يقول الفيلسوف والسيميائي أمبرتو إيكو إن النص الوحيد الذي يكتبه المرء لنفسه هو قائمة المشتريات، وهذا يعكس جدلية التأثر والتأثير والعلاقة القائمة بين الكاتب المؤلف والقارئ، وهي علاقةٌ ظاهراتية تحدث عنها هيغل وباشلار وجوديث بتلر ومفكرون وفلاسفة كثر لا سيما لدى التفكيكيين والتأويليين. أودّ أن أقول كمدقّقة لغوية لهذا الكتاب، إنّ الدكتور خامه يار لم يكن يطاوعه قلبه لإنهاء هذا الكتاب، وظلّ حتى اللحظة الأخيرة من طباعته يرغب في قول المزيد للقارئ الافتراضي أو المفترض الذي هو في ذهنه، وبقي يضيف بعض الأسماء التي أحبها وكان قريبًا منها خلال مسيرته، واللفات أنه لم يكتب سيرته إلا وهو في لبنان، بلاد الزيتون ومن الأرض القريبة من الجرح الفلسطيني، فكان اختياره لهذا العنوان "جرحٌ وزيتون". نقطتان مهمتان التفتُّ إليهما في هذا الكتاب حول القالب والشكل وثانيًا حول المضمون. لقد استخدم الكاتب، في الشكل، أسلوب الشذرات، وهو الأسلوب الذي يميل إليه معظم الفلاسفة والمفكرين في عصرنا عصر الحداثة، تجنبًا للإطالة والإسهاب، وهو على شكل مقالات وجيزة لا تتعدى كل منها عدة صفحات، حيث لا يقع القارئ فيما يعرف بالملل. أما فيما يتعلق بالمضمون، فهو كتابٌ ثقافي بامتياز وليس سياسيًا، لأنه تناول حتى الشخصيات الدبلوماسية من بعدها الثقافي والفكري، فنجد البعد الفكري الثقافي من شخصية الشيخ التسخيري، والسيد فضل الله والدكتور شريعتي، ونجد البعد الأدبي في تناوله شخصية الدكتور علي زيتون وجورج جرداق وبولس سلامة وآخرين. ونرى البعد البلاغي والأدبي في تناوله تفاسير الغرب لنهج البلاغة وتحليلهم الثقافة الفارسية مثل جان روبرتو وجيلبير لازار وآخرين ممن انطلقوا في قراءة نصوص الشرق انطلاقًا من ثقافتهم. "جرحٌ وزيتون" كتابٌ يحيلُ إلى كتبٍ أخرى ومراجع أوسع، لما يحتويه من أسماء شخصيات وأحداث يهمّ المثقف العربي أن يطّلع عليها.

بعد ذلك تحدث لويس صليبا المستهند والأستاذ المحاضر في علوم الأديان وتاريخها، وفي الدراسات الإسلامية، حيث قال: "أود أن أربط بين كتابَي الدكتور عباس خامه يار. في الواقع أطروحته التي تناولت السياسة الخارجية لإيران هي أطروحة قيمة جدًا وها أنا أطلع على كتابه الجديد. يبدو لي أن الكتاب الأخير "جرح وزيتون" هو جانب تطبيقي من أطروحته. ثمة إشكالية في أطروحته مهمة هي خيار إيران في علاقاتها الخارجية بين الأخلاق والمصلحة، ويقول في كثير من الأحيان كان يطرح هذا الخيار وكان الأعداء قبل الأصدقاء يعلمون أن إيران تختار الخيار الأخلاقي. وجدت في كتابه هذا نموذجّا للخيار الأخلاقي لإيران، وللأستاذ خامه يار في شخصيته، فأحببت أن أهنئه تهنئة مزدوجة على هذا الكتاب وذاك، إن من الناحية النظرية أو التطبيقية".


ثم اختتم الكلام المستشار الثقافي وكاتب الكتاب الدكتور عباس خامه يار قائلًا: أساتذتي وإخوتي، أشكركم جميعًا على حضوركم في هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية والجوية أيضًا، هذا الحضور يعني لي الكثير فشكرًا لكم. في النهاية نحن نعتبر هذا المعرض هذا الصرح الثقافي ملجأً لنا، نلجأ إليه في أحلك الظروف وأصعبها يشهد على ذلك صوت المطر فوق المكان في هذه اللحظات. الشكر لمن واكبني وشجعني وأرغمني على نشر هذا الكتاب، بدايةً مع سماحة الأخ العزيز الشيخ أسدي موحد والإخوة والأخت الفاضلة مريم ميرزاده التي أعانتني وشجعتني كثيرًا. فلقد كنت مترددًا جدًا في نشر هذا الكتاب. عندما قدمته لبعض الأصدقاء مترددًا في طباعته، ازددتُ إيمانًا وتشجيعًا للإقدام على هذه الخطوة. الشكر كذلك لدار أثر ولمؤسسة الهدى، دار نشر لبنانية وإيرانية على أمل أن يستمر هذا التعاون. الشكر لمن قدم لهذا الكتاب ليس لموقعه السياسي وإنما لموقعه الفكري، الدكتور علي لاريجاني عندما قرأه اقترحَ عليّ أن يكتب له مقدّمة، والدكتور سليم دكاش الذي طلب مني وقتًا للتفرغ لقراءة هذا الكتاب، وقد أتحفني بمقدمةٍ لا أستحقها رغم أنه كان في فترة أعياد. أشكر المعرض ورواده على رأسهم معالي وزير الثقافة والصديق القاضي محمد وسام المرتضى.

أنا فخور أني استطعت أن أوصل الرسالة من خلال القراءات التي سمعتها من الأساتذة. هذا ما كنت أود أن أقوله، إذ كنت أشك هل تراني استطعت أن أعبر عن كل ما في داخلي وفي أعماقي، لا سيما أني كتبت الكتاب بالفارسية ثم قمنا بترجمتها. هي ليست مذكرات، والخطأ الكبير الذي ارتكبته في حياتي هو أني لم أدون مذكراتي، وأنصح اليوم الجميع بأن يكتبوا مذكراتهم. كتبت مذكراتي في ثلاثة مجلدات ستطبع في المستقبل إذا بقي لنا عمر. الذي أرغمني على كتابة هذه المقالات التي جمعتها هو الجرح الذي لاقيته إما من رحيل أصدقائي وزملائي وإما من معايشة بعض الأحداث. هذا الجرح جعلني أكتب عن هذه الشخصيات. كنت أبحث عن ذرائع تاريخية لأكتب. وحين كنت أتلقى الردود من شخصيات ثقافية كبيرة، كنت أفهم أن ما كتبته هو تعبير صادق عن كل تلك الأحداث وتأثيرها عليّ. مقالة الشيخ التسخيري كتبتها بعد ساعات على رحيل الشيخ المؤلم، قلتها دائمًا للمقربين بأن هذه ليست كتابتي وإنما روح هذا الصديق أو الشهيد كانت هي التي تكتب وتنطق. النقطة الأهم أن إحساسي كان من الصميم ومن أعماقي. عشت أحداثًا مريرة وكنت أبحث عن ذريعة لأبرز الجرح وعملت جاهدًا مثلًا أن أنشئ فرع جامعة طهران في بيروت، وعشت ألم عدم التمكن من تحقيق هذا الحلم. وعندما فقدت أستاذين كبيرين واكباني هذا الحدث وأتوا إلى لبنان، كانت هذه ذريعةً لأذكرهم وأذكر هذا الجرح الذي كنت أحمله. هذا نموذج من الكتاب. كثيرون من كبارنا قد لا يجدون الفرصة لكتابة مذكراتهم، لكن أنا وفقت لهذا الأمر في هذا الوقت بالتحديد حيث لم أكن أملك الوقت الكافي من قبل بسبب الانشغالات. لم أكن أريد أن أكتب مذكرات، كنت أعبر فقط عن تلك الجروح. لكن الدعم الذي لاقيته جعلني أكتب. كنت أرغب أن أكون جسرًا لأعرف أبناء بلدي على الشخصيات والثقافات الأخرى وبالعكس. 

کلمات دلیلیة: أعيان ، أزمان ، المعرض ، الدولی ، الکتاب ، لبنان
captcha