ایکنا

IQNA

المستشار الثقافي الايراني لدى لبنان:

إعلان يوم القدس العالمي يدخل في صلب استراتيجية المقاومة

22:41 - May 22, 2020
رمز الخبر: 3476678
بيروت ـ إکنا: أكد المستشار الثقافي الايراني لدى لبنان، "الدكتور عباس خامه یار" أن إعلان يوم القدس يدخل في صلب استراتيجية المقاومة، قائلاً: "في يوم القدس من الواجب ان يكون الحضور بالتأكيد للفعاليات التي تُلقي الضوء على تداعيات التطبيع الثقافي بين الكيان الصهيوني وعدد من الانظمة العربية".

ونظمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان بالتعاون مع المركز العربي الدولي ومؤتمر الأحزاب العربية ندوة بعنوان "ثقافة يوم القدس في مواجهة التطبيع" عبر الفضاء الإفتراضي، شارك فيها المستشار الثقافي الدكتور عباس خامه يار، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، ورئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن معن بشور، والأمين العام لمؤتمر العام للأحزاب العربية قاسم صالح، والكاتب والباحث الفلسطيني تيسير الخطيب.


بداية، ألقى المستشار الثقافي خامه يار كلمة جاء فيها: "أسس مشروع يوم القدس الذي اعلنه الامام الخميني(ره) في السنة الاولى لانتصار ثورته لمشروع نهضوي ثقافي بامتياز، وتعبوي شعبي، لايجاد اليقظة في ضمير الامة ، ولعل اختيار يوم الجمعة من آخر رمضان يعني وتسميته بيوم القدس ايضا و" قدس الاقداس " يمثل في حد ذاته ثقافة مواجهة التطبيع مع الكيان الصهيوني لاعتبارات متعددة منها:

أولاً: صاحب هذا المشروع ومهندسه الابرز الامام الراحل(رض) الذي له استراتيجية ورؤية شاملة لهذا الطرح.

 

 حسب هذه الرؤیة ، من السذاجة النظر الی "الوجود الاسرائيلي " على انه شكل من اشكال الاحتلال، بل انه استعمار بامتیاز ؛ باعتبار أن مقولة "من النیل الی الفرات" مشروع استعماري متکامل ومتواصل بإمتياز.

 

وبالتأکید فأن القراءة الاستراتیجیة للامام الخميني لقیام اسرائیل واستمرار هذا "الوجود" يقوم علی هذا الفکر وهذه النظریة، " وهنا يطيب لي أن أعيد الى الاذهان  المفاهیم الایدیولوجیة التي طرحها الامام الخمیني الراحل في هذا الإتجاه علی مدی خمسين عاما من نضاله، والذي اعتبر "اسرائیل غدة سرطانیة في جسد الامة الاسلامية." فمن المستحيل ان يتعايش الانسان مع غدة سرطانية ، فاذن من المستحيل التعايش والتطبيع مع هذا الكيان الغاصب .

 

ربما اکون اکثر قربا من العرب ، عندما انطلق من خلال ثقافتهم المحترمة ، واستند الی رموزهم بالحدیث عن الاسباب الرئیسیة لهذا "الوجود غير الشرعي للكيان الصهيوني " . 

 

ومن هنا انطلق من خلال رؤی المفكر الکبیر المناهض للاستعمار مالك بن نبي، والذي قام بتأليف كتابه قبل ستين عاما - تم اصداره بتأخير لحوالي نصف قرن- وتناول فیه "المسألة الیهودیة" وأخطار ومخططات الاستعمار. يقول  هذا المفکر الاسلامي والعربي الکبیر: ان اسرائیل تمثل الخط الامامي للاستعمار الغربي في العالم الاسلامي.

 

ثانياً: إن القراءة الاستراتيجية للامام الخميني تستشرف بأن للوجود الاسرائیلي استراتیجیات وطموحات ومخططات اعمق بکثیر مما یتصوره البعض .

 

هذا البعض یرکز علی الواقع الاسرائیلي ویکتفي بالقول بان المشروع الاسرائیلي  مشروع احتلالی للاراضي العربیة او لجزء منها، بینما القراءة الخمينية تنظر الی الموضوع من الناحیة الوجودیة ، اي بأنه تهدید للوجود الاسلامي ولیس استهدافاً لمنطقة او ارض عربیةً  فقط ، وبصرف النظر عن شكلها،  بل إنه وجود استعماري ، استکباري، امبریالي غربي في عمق وقلب العالم الاسلامي والعربي. والفارق بین القراءتين کبیر.

 

ومن هنا فأن کل مواقف الامام الخميني وموقف قائد الثورة الاسلامية الامام  الخامنئي، هي مواقف تؤكد ان الكيان الصهيوني هو العامل الاساس في تفجیر الصراعات وتهدید استقرار المنطقة.

 

وللوقوف أكثر على تلك المواقف يمكن مراجعة كتاب اسمه " فلسطين في مواقف آية الله العظمى الامام الخامنئي " صدر منذ سنوات بعدة لغات بينها العربية والانكليزية .

 

ثالثاً: وبمعنی آخر وحسب رؤية الامام "ره"  فأن استمرار وجود اسرائیل ، یعنی استمرار وجود الاستعمار والهیمنة الغربیة علی الانسان والعقل العربی والاسلامی. الامام الخميني منذ انطلاقة ثورته عام 1963م ، اكد على عدم الفصل بين الاستعمار والاستبداد ، وكان ذلك واضحا من خلال خطابه الشهير عام 1963م. في المدرسة الفيضية في قم المقدسة ، حيث اشار 18 مرّة الى اسرائيل و15 مرّة الى الشاه.

 

 إن الثورة الاسلامیة في ايران قامت اصلاً علی مواجهة الاستعمار والتوسع الاستعماري الاسرائیلي وإن احد اکبر انجازاتها هو الحیلولة دون "تثبیت اسرائیل " وجودها رسمیا فی فلسطین و المنطقه .و اعادت ایران الكيان الصهيوني من خلال دعم المقاومات ضده الی المربع الاول ککیان یحاول کسب  شرعيته. بعد ان تصور انه من خلال کمب دیفید قد کرس وجوده بلا رجعة في فلسطین. 

 

رابعاً: إن هذا المخطط الاستعماري البغيض لايستهدف الاراضي الاسلامية والعربية فحسب وانما يوجه رأس حربته الى حضاراتِ وثقافاتِ شعوب ودولِ هذه المنطقة التي قدمت مساهمات غير عادية لحضارة العالم.

 

ومن هنا نرى ان تدمير المواقع الاثرية والحضارية في منطقتنا هو في مقدمة اهداف الحروب والفتن المشتعلة في هذه المنطقة، فليس من قبيل الصدفة ان يتم تدمير المواقع الاثرية والحضارية في سوريا والعراق وفي دول اخرى وتنهب متاحفها، فی حین تبقى ابنية الوزارات والمؤسسات المالية مصونة من هذه الحملات والغزو الممنهج المدعوم سياسيا ولوجستيا ومالیا واعلامیا من قبل  الدوائر الغربية والصهيونية .  وهل ما حدث و ما کاد یحدث في القاهرة قبیل انتصار الربیع العربي من هجوم علی المتاحف لولا یقظة الثوریین والشباب .

 

وما حدث بعد ذلك في العراق من تدمیر مدن اثریة بکاملها وفي سوريا (تدمر وادلب و... ) وهدم 60 بالمائة منها فی مشهد من دمار لایقل ضراوة عن الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني علی مدی سبعین عاما من الاحتلال وتهويد القدس والاراضی المحتلة .. هو كله من باب  الصدفة؟؟!!

 

اجل ، هناك "ابادة حضاریة" بکل ما تحمله الکلمة من معنى ومغزى  تطال  الجغرافیا العربیة برمتها..

 

ومن هنا يجب ملء الخلل الثقافي الكبير لمواجهة التطبيع باشكاله وخاصة الثقافي منه ، والذي يعتبر الحجر الاساس للتطبيع في اشكاله الاخرى .

 

التعبئة الثقافية للشعوب لمواجهة الاحتلال والتطبيع هو المنتج الاساس لمقاومته العسكرية، وهذا ما حدث بين 1982 الى 2003 من خلال تثقيف الشعب اللبناني.

 

فإعلان يوم القدس يدخل في صلب استراتيجية المقاومة والمواجهة مع التطبيع الثقافي ومع المحتل، وحضورنا اليوم في هذه الندوة يؤكد بأن القدس لن تكون سائبة يضيّعها خونة ومطبّعون، وهي تجددّ بأهلها الفلسطينيين والمقدسين حضورها مسرى الصراع مابين قوى الحق والباطل وفي المواجهة الثقافية المحتدمة مع الاحتلال ، الساعي الى انهاء الوجود الفلسطيني في القدس وتفريغ الارض من اصحابها الحقيقيين وسلب الهوية الفلسطينية هويتها وحق الفلسطينيين في الوجود.

 

في يوم القدس العظيم من الواجب ان يكون الحضور بالتأكيد للفعاليات التي تُلقي الضوء على تداعيات التطبيع الثقافي بين الكيان الصهيوني وعدد من الانظمة العربية والتي بدأت التطبيع منذ اتفاقية كامب ديفيد ومنذ ان منعت إحياء مراسم يوم القدس العالمي.

 

اجدد شكري لكل المشاركين وللجهات المشاركة بتنظيم الندوة اخص بالذكر مؤتمر الاحزاب العربية بشخص الاستاذ قاسم صالح والمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن بشخص الصديق العزيز المناضل الاستاذ معن بشور ، نأمل ان يكون اجتماعنا رسالة دعم ولو متواضعة الى المقدسيين وسائر الفلسطينيين.

 

آمل ان تكون الندوة فرصة للتداول فيما يمكن عمله لمواجهة التطبيع الثقافي، وان تكون الندوة مقدمة لاستمرار التواصل من اجل القدس وفلسطين، فنحن في الجمهورية الاسلامية الايرانية مستمرون باداء واجبنا تجاه القدس وفلسطين مهما اشتّدت الضغوط علينا، لأن فلسطين هي غدنا وغد الاجيال القادمة، نسأل الله ان يأتي قريبا اليوم الذي نصلّي فيه جميعا في القدس.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

captcha