ایکنا

IQNA

رئيس مركز حوار الأديان والثقافات في لبنان:

القرآن يصوغ ويؤكد على مفهوم الأمة الواحدة القادرة على التعايش

12:40 - November 02, 2020
رمز الخبر: 3478828
بيروت ـ إکنا: أكد سماحة السيد علي السيد قاسم أن القرآن يصوغ ويؤكد على مفهوم الأمة الواحدة، القادرة على التعايش والتكيّف فيما بينها، فما أحوجنا اليوم الى تجسيد وتفعيل هذا المفهوم الكبير على أرض الواقع.

وقال رئيس مركز حوار الأديان واکد رئيس مركز حوار الأديان والثقافات في لبنان والعضو في الأكاديمية الحبرية المريمية العالمية في مدينة "بعلبك" بمحافظة "البقاع" اللبنانية "الدكتور السيد علي السيد قاسم" مفهوم الوحدة الإسلامية مفهوم واضح ومحدَّد، وهو أن يكون المسلمون أمّة واحدة مُتَّحدة، أن يكونوا أمَّة إسلامية لا مجرد شعوب إسلامية، والفرق بينهما يتجلى في عنصر الهدف الواحد الذي يسعى لأجله الجميع، وأن يكونوا أمَّة واحدة لا تفرقها قوميات ولا عرقيات ولا أيديولوجيات تخالف عقيدتها، وأن يكونوا أمَّة متَّحدة يغيب بينها التنازع والتناحر.

 

وبمناسبة أسبوع الوحدة الاسلامية وذكرى ولادة النبي محمد(ص)، أجرت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) حواراً مع "الدكتور السيد علي السيد قاسم" واليكم نص الحوار:
 
هل تقتصر تسمية أسبوع الوحدة على الوحدة بين الشيعة و السنة أم لا؟

يقول أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب "عليه السلام": الناس صنفان: إما اخ لك في الدين واما نظير لك في الخلق" بهذه الكلمات النورانية حدد سيد البلغاء  بما له من مكانة إسلامية وانسانية العلاقة بين الانسان واخيه الانسان، فالرابط ان لم يكن الدين الواحد فبالتأكيد هي الاخوّة الانسانية التي تجمع بين الانسان واخيه الانسان.
 
فلا يمكن تحديد علاقة البشر على اساس واحد هو الدين او الطائفة او المذهب او المعتقدات الفكرية او الثقافية التي يؤمن بها بل لا بدُّ من وضع ضابط اعم واشمل يضبط العلاقة بين بني البشر وهذا ما حدده الامام علي (ع) بأنه "النظارة" في الخلق حيث ان الخالق واحد للجميع وهو الله تعالى سبحانه فمهما اختلف الناس هناك حدود مسلّمة تجمعهم وتتمثل في ان الانسان نظير لاخيه الانسان في الخلق بما يترتب على ذلك من نتائج تتمثل بمنظومة الحقوق الواجبات ومجموعة القيم المشتركة بين الرسالات السماوية والمذاهب المتنوعة.

هل تقود الوحدة بين المسلمين المجتمعات الإسلامية نحو التقدم؟

إن مفهوم الوحدة الإسلامية مفهوم واضح ومحدَّد، وهو أن يكون المسلمون أمّة واحدة مُتَّحدة، أن يكونوا أمَّة إسلامية لا مجرد شعوب إسلامية، والفرق بينهما يتجلى في عنصر الهدف الواحد الذي يسعى لأجله الجميع، وأن يكونوا أمَّة واحدة لا تفرقها قوميات ولا عرقيات ولا أيديولوجيات تخالف عقيدتها، وأن يكونوا أمَّة متَّحدة يغيب بينها التنازع والتناحر.

 

غير أنَّ هذا المفهوم المحدد ليس جامداً على صورة واحدة، وإنما يتمتع بتعدد أبعاده وآماده وتنوع أطره ودوائره وكثرة أدواره وأطواره؛ الأمر الذي يجعله قادراً على التكيف مع كل الظروف والأحوال، ومنسجم مع روح الشريعة التي بنيت على قاعدة: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).

 

فالوحدة في إطارها السياسيّ لها مستويات متعددة ومتباينة، فبناء المشروع الاسلامية مستوى، ومقدرات المشروع الإسلاميّ الواحد الجامع للأمة مستوى أدنى منه، والعلاقات الإسلامية المتعددة التي ينشأ بينها تحالف سياسي وعسكري وتكامل اقتصادي مستوى ثالث، والدول الإسلامية التي يقوم بينها تعاون وتنسيق وولاء وتشملها جامعة إسلامية مستوى رابع، ربما يمثل الحدَّ الأدنى من مستويات الوحدة في إطارها السياسيّ.

 

فإذا حققت الأمَّة ما تستطيعه من هذه المستويات فقد قامت بما وجب عليها شرعاً؛ حسب قاعدة: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) و "إذا ضاق الأمر اتسع" و"المشقة تجلب التيسير"، ولا يصح إهدار المصلحة في المستوى الأدنى بذريعة انتظار الأعلى؛ لأنَّ "الميسور لا يسقط بالمعسور" و "ما لا يدرك كله لا يترك كله"، وهي قواعد شرعية وعقلية تواطأت على تقريرها الشرائع والعقول.

 

والوحدة في إطارها العقدي والأيديولوجي لها مستويات متعددة ومتباينة، فانحصار الاختلاف في الفروع وموارد الاجتهاد وانحساره عن الأصول والثوابت، مع رعاية أدب الاختلاف وقواعده؛ يعدُّ أعلى مستوى من مستويات الوحدة في هذا الإطار، وقد كان مواكباً للمستوى الأعلى للوحدة في إطارها السياسيِّ ...


ودون هذا المستوى مستويات تنتهي إلى الحدّ الأدنى وهو توفر الرغبة والنية الصادقة في تحرير الثوابت وتمييزها عن المتغيرات، وفي تربية الأمة على الحوار وأدب الاختلاف، مع البدء في إنشاء مؤسسات مستقلة ترعى مشروع النهوض بمستوى الوعي المتجه بالأمة نحو المستوى الأعلى المنشود.


والوحدة الإسلامية في إطارها الأخلاقيّ السلوكيّ تحوطها جملة عظيمة من الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية، تلك الأحكام والآداب التي تغذي روح الأخوة وتقوي أواصرها، وتنظم العلاقات بين الناس داخل الأسرة والمجتمع والدولة، وهي مبثوثة في أقطار  القرآن الكريم، ولاسيما سور الحجرات والنور والأحزاب وغيرها، ومنشورة في أرجاء السنة النبوية العطرة، ولا ريب أنَّ قوة التمسك بها تختلف من زمان لآخر ومن  ظرف لآخر اختلافاً يشكل مستويات يتدرج فيها العمل التربوي مواكبا للتدرج بتطبيق الوحدة في سائر الأطر.

 

أمَّا الوسائل التي يمكن أن تتحقق بها الوحدة الإسلامية فهي غير منحصرة، وهي تخضع دائماً لمعطيات العصور وملابساتها، فقد تتحقق في زمان عن طريق التغلب لكيان إسلاميِّ ينشأ مبكراً فيسعى إلى ضم الكيانات الأخرى تحت لوائه ويأطرها على الوحدة أطراً، ثم تكون بعد ذلك عملية تكييف الناس تربويا على المتغير الجديد، وهذه وقعت في التاريخ كثيراً، وهي ممكنة الوقوع مستقبلاً، غير أننا لا نرى لها إمكانية على المدى القريب المنظور، وقد تتحقق عن طريق تنامي ظاهرة نشوء كيانات ودول إسلامية رشيدة تتواصل وتتعاون وتتكامل وتمثل بهذا قطبا جاذبا للبلاد الإسلامية الأخرى التي تجد نفسها مضطرة للدوران في فلكها رعاية لمصالحها.


لكنَّنا مخاطبون بواجب لا ينظرنا ولا يهملنا؛ لذلك يجب أن نسعى لإيجاد البيئة التي تسهم في تحقيق الوحدة في أي صورة تتحقق وعلى أي وجه تأتي، وذلك عن طريق مجموعة من التدابير والفعاليات العلمية والتربوية والسياسية، تعدّ واجباً عاجلاً لا يسقط بذريعة انتظار الصورة  المثلى، ويعد العمل بها قيام بأمر الله لنا في قوله: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وقوله: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وقوله (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات).

ما هو مفهوم الوحدة الإسلامية التي يجسدها القرآن الكريم؟

إنّ مفهوم الوحدة الاسلامية يجسّدها القرآن الكريم بأروع وأجمل صورة، فحينما نتأمل بمفردات آياته جل وعلا نجد هذا المفهوم واضحاً جلياً فعندما يخاطبنا، بقوله تعالى تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾(. أو قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.

 

فالقرآن يصوغ ويؤكد على مفهوم الأمة الواحدة، القادرة على التعايش والتكيّف فيما بينها، فما أحوجنا اليوم الى تجسيد وتفعيل هذا المفهوم الكبير على أرض الواقع- وإن اختلفنا - للوصول إلى الأهداف الكُبرى التي تجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد.

لقد تنوع مفهوم الوحدة في القرآن الكريم ومن هذه النماذج التي ذكرها في عدد من آياته:
 
الاعتصام بحبل الله تعالى:
 
وتنوعت أساليب القرآن الكريم في الدعوة لهذا المفهوم فتارةً يدعو صراحة كما في قوله تعالى: ﴿وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مّنْهَا كَذٰلِكَ يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءايَـٰتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.

 

قال القرطبي في تفسيره: فإن الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة فإن الفرقة هلكة والجماعة نجاة.

 

و قال ابن المبارك: إن الجماعة حبل الله فاعتصموا  منه بعروته الوثقى لمن دانا.

 

وقال السيد الطباطبائي في ميزانه: هذه الآية تتعرض لحكم الجماعة المجتمعة والدليل عليه قوله جميعاً وقوله ولا تفرقوا فالآيات تأمر المجتمع الإسلامي بالاعتصام بالكتاب والسنة كما تأمر الفرد بذلك).

إصلاح ذات البين:

وتارة أخرى نجد أن القرآن الكريم يأمر بأشياء للوصول إلى الوحدة منها الإصلاح بين الأخوين وإصلاح ذات البين فهي من الأمور التي تخلق الوحدة بين المسلمين قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.

وقال جل وعلا: ﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ ﴾.

 

قال الإمام الصادق عليه السلام: المسلم أخو المسلم، وحق المسلم على أخيه المسلم أن لا يشبع ويجوع أخوه، ولا يروي ويعطش أخوه، ولا يكتسي ويعرى أخوه فما أعظم حق المسلم على أخيه المسلم.

 

روى البخاري بسنده عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم ان يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام.

 

النهي عن الافتراق والاختلاف:

 

ومن أساليب القرآن والسنة في الدلالة على وجوب الوحدة بين المسلمين النهي الصريح عن الافتراق والاختلاف الذي هو ضد الوحدة والاجتماع.

 

وقال الله عز وجل: ﴿ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ﴾.

 

وكذلك قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

 

أن يكون المسلمون أولياء بعضهم للبعض الآخر.

 

وأيضاً ذكر القرآن أسلوباً آخر للحث والتقريب والألفة بين المسلمين وهو أن يكون المؤمنون أولياء بعضهم للبعض الآخر يحب احدهم الآخر، وعندئذ تكون الرحمة قد نزلت عليهم لتآخيهم ومودتهم وحبهم فيما بينهم.

 

وقال الله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ إذن هذه أدلة صريحة تأمر المسلمين بشكل عام بكل ما يزيد المحبة بينهم، والنهي عن كل ما يولد البغضاء في صفوفهم، وتأمرهم صراحة بأن يكونوا إخوة، ولا يمكن للمسلمين أن يكونوا إخوة إلا إذا كانوا متحدين غير متفرقين، فإن الأخوة ضد الفرقة والاختلاف.

 

كما تعلمون الإساءة الأخيرة للإسلام ليست للمرة الأولى. نحن شاهدنا مرات هذه الإجراءات المسيئة. برأيكم ما هي مهمة العلماء أو المنظمات الدولية الإسلامية كمنظمة التعاون الاسلامي إزاء هذه الإساءات؟

 

لأنّ الأسلوب في الرد والدفاع هو جزء من الصورة التي يقدمها المسلم عن ذاته وقيمه وتعاليم النبي الأعظم "ص"، فعلينا أن  نثبت أننا أمة تحترم ذاتها وتحسن تقديم نفسها للعالم وحينها سوف يقال هكذا أدّب محمد(ص) أتباعه..

 

إن من يناصر الرسول صلى الله عليه وآله سلم له حظ ونصيب من قوله تعالى: "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ"[الشرح:4]، ومن يعادي الرسول صلى الله عليه وآله سلم ويقصر في حقه له حظ ونصيب من قوله تعالى: "إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ"[الكوثر:3] والذين يتطاولون على خير البشر مثل الذي يثير العجاج والغبار على السماء فيرتد التراب على رؤوسهم وتظل السماء صافية رغم أنوفهم.

 

وأرجو أن يعلم الجميع أن رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم مدحه الله العظيم فاستغنى عن مدح من سواه، وتولى الكبير الدفاع عن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فقال سبحانه: "يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ"[المائدة:67]، وقال تعالى: "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ"[الحجر:95]، وقال تعالى: "فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ..."[البقرة:137]، وإذا دافعنا عن رسول صلى الله عليه وآله وسلم فذلك شرف لنا بل هو واجب نؤديه.

 

أعتقد أن الرد الفعلي أمام هذه الإساءات المتكررة تتمثل في:
 
أولًا: على مستوى الدولة والمنظمات وحيث أن دولة الإساءة تحكمها المادة فمصالحها الاقتصادية تأتي في المرتبة الأولى فيكون بالضغط من قبل الحكومات الإسلامية والعربية خاصة، فدور الحكومات العربية تستطيع الضغط إذا أرادت..وهي قادرة على التحدي والمقاطعة الاقتصادية التأديبية ولو مرحليًا .
 
ثانيًا:  للإعلام الإسلامي دور كبير يجب أن تتبناه الحكومات وذلك بالقيام بالمحاضرات والندوات للتعريف بشخصية الخاتم "ص" ودوره الريادي في الأمة وذلك يكون في دول الإساءة وبنفس لغتهم ..
 
ثالثاً: على مستوى الأفراد فيجب على كل مسلم أن يستغل التكنولوجية بإرسال كل ما يتعلق  بمشاكل الأمة  من فلسطين والعراق وأفغانستان وذلك عبر رسائل الكترونية إلى الدول الغربية وتوضيح أن الحروب، تشن لآجل الثروات الإسلامية والعربية خاصة.

captcha