ایکنا

IQNA

أكاديمية لبنانية:

الامام الخميني(رض) ينظر الى الأسرة على أنها هي في صلب المشروع الالهي

11:01 - June 09, 2020
رمز الخبر: 3476860
بيروت ـ إکنا: أكدت الأستاذة والناشطة اللبنانية في الشأن الأسري "السيدة أميرة برغل" أن الامام الخميني(رض) لاينظر الى الاسرة على انها مشروع ثانوي، وانما ينظر الى الأسرة على انها هي في صلب المشروع الالهي الكبير.
الامام الخميني(رض) ينظر الى الأسرة على أنها هي في صلب المشروع الالهي
ونظمت المستشارية الثقافية الإيرانية في لبنان عصر الجمعة 5 يونيو / حزيران الجاري ندوة  إفتراضیة بعنوان "الأسرة في فكر الإمام الخميني‏ (رض)"  وذلك بالتعاون مع وکالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) وبمناسبة الذكرى السنوية الواحدة والثلاثين لرحيل الإمام الخميني(رض).
 

وشاركت في هذه الندوة كل من  مدیرة مركز  دراسات المرأة في جامعة "الزهراء(س)" الايرانية "الدكتورة بتول مشكين فام"، والباحثة ومديرة مركز سكن للإرشاد والأسرة "الاستاذة الفاضلة الحاجة اميرة برغل" من لبنان، والناشطة في العمل النسوي الإسلامي "الاستاذة السيدة نورا بولحية" من الجزائر، و الأستاذة والباحثة، والكاتبة في علم الاجتماع "السيدة ايمان شمس الدين" من الكويت  بالاضافة الى كلمة كريمة الامام الخميني"قدس" السيدة الدكتورة زهراء مصطفوي، وأيضاً كلمة ترحيبية للمستشار الثقافي الايراني لدى لبنان الدكتور عباس خامه يار.
 
وأقيمت الندوة عبر تطبيق "Zoom Cloud Meeting" وأدارتها الأستاذة الجامعیة والإعلامیة اللبنانية د. ندی بدران.

 
وألقت الاستاذة والمربية والناشطة والمحاضرة في الشان الاسري والتربوي والارشاد الاجتماعي من لبنان "السيدة اميرة برغل" محاضرة في هذه الندوة بعنوان " "لمحات من الحياة الأسرية للإمام الخميني (قده) كتجربة عملية يُهتدى بلمساتها الدينية ونفحاتها الإيمانية الإسلامية" واليكم النص الكامل للمحاضرة:

"السلام عليكم لكم ولجميع المشاركين في هذه الندوة واتقدم بالشكر الجزيل للمستشارية الثقافية في لبنان ولشخص المستشار الثقافي على هذه الجهود التي يبذلونها من اجل نقل ذكرى الامام ورؤية الامام الى لبنان والى جميع ارجاء العالم، ونحن نتقدم بالعزاء للجميع في هذه الذكرى الاليمة، عزاءنا هو ان شمس هذا القائد الكبير لم ولن تغيب كما تفضلتم.

عنوان المداخلة ، لمحات من الحياة الاسرية للامام الخميني"قدس"، وهذه اللمحات على قلة ماتسرب الينا منها، ولكنها على درجة عالية جداً من الاهمية، وهي بحق كما ذكرتم تجربة عملية يُهتدى بلمساتها الدينية وبنفحاتها الايمانية الاسلامية، وذلك:
 
أولاً: لان الحياة الخاصة الاسرية لقائد كالامام الخميني"قدس" ليست شأنا خاصاً به وليست أمراً عابراً في حياة شخص، وانما هي جزء لايتجزأ من رؤيته الفكرية العقائدية المشروعة.

ثانياً: ان شخص الامام هذا القائد قد تميز الى جانب الايمان المطلق بأن كل مايلزم البشر لسعادتهم أفرادا ًومجتمعات جاءت به الشريعة الاسلامية. الى جانب هذا الايمان المطلق، هذا الامام التزم شخصياً التزاماً كاملاً بتطبيق كل ما يدعو اليه وهذا لم يتوفر في غيره من القادة على جميع الاصعدة وحتى على الصعيد الاسري. كما يعبر البعض فعلاً، هو من التزم بالعرفان العملي وانه يطبق حرفياً وليس في الواجب والمستحب. فهو فعلا كان مثالاً للقائد الالهي، كان مثالاً للسياسي الالهي، وكان مثالا ايضا للزوج الالهي والاب الالهي.

ثالثاً: الامام لاينظر الى الاسرة على انها مشروع ثانوي، وانما ينظر الى الاسرة على انها هي في صلب المشروع الالهي الكبير، فالحدث الاساسي كما يقول الامام لكل الاديان السماوية بالاخص الاسلام كونه خاتم الرسالات، هو اقامة العدل بين البشر، وان هذه العدالة لايمكن ان تتحقق الا بتربية خاصة للانسان. كما ذكرت الدكتورة بتول ان الاسرة  لها الدور في بناء الانسان ، هذا الدور العظيم الذي يعتبره الامام اساساً لمشروعه، بانه لايمكن ان تتم العدالة الا بتربية خاصة للانسان تُنمّي فيه الجوانب الخيرة والمحبة للاخرين، وان هذه التربية لايمكن أن تتوفر الا في كنف أسرة فاضلة تتعامل بحب واحترام.

وللامام في هذا المجال نصوص كثيرة ولكنني ساكتفي بنص واحد ورد في صحيفة الامام في الجزء الرابع ص 324 و325: (... الاسلام ، فهو دين الجميع بمعنى انه جاء لتربية كل البشر وفقا للصورة التي يريدها من العدالة، بحيث لايعتدي انسان على آخرو حتى بمقدار انملة، لايعتدي انسان على ولده او زوجته ولاتعتدي زوجة على زوجها ولا احد الاخوين على الاخر، ولا الرفاق بعضهم على بعض) انه يتحدث عن الاسلام، يريد تربية انسان عادل بكل معنى الكلمة، بتفكيره وعقله، عقله عقل انسان ، وكذلك ظاهره ظاهرا انسانيا، ومؤدبا بالاداب الانسانية، وهذا مايريد الاسلام تحقيقه.

وفي موضع آخر يقول: ( لهذا فالانسان الذي يُنشّأ في اسرة فضيلة بثقافة وتربية متعادلة...). اذن الاسرة عند الامام ليست مشروعاً ثانوياً، وانما هي صلب المشروع السياسي الكبير، الذي هو مشروع اقامة العدالة الانسانية، لذلك حرص الامام على ان يجسّد في سلوكه كل الخصال التي تمكّنه ان يقدم ليس فقط النموذج السياسي للقائد وانما ايضا نموذج الاسرة الفاضلة . وفيما نُقل من خواطر حول علاقة الامام باسرته وما سمعته انا، حيث كان لي حظ ان استمع بنفسي هذا الشئ من السيدة مصطفوي وهذا شرف كان لي، في بداية انتصار الثورة كان لنا لقاءات مع هؤلاء القادة النسوة اللاتي كن يقدن هذه الحركة النسائية في الجمهورية الاسلامية. ذكرن لي مباشرة بعض من هذه الخواطر واللمحات من حياة الامام الراحل. وانا استطيع بان الّخص المسألة واقول استطيع بان اللخص هذه العناوين الكبيرة للامام في حياته الاسرية في خمس قواعد اعتمدها الامام في التعامل مع زوجته واولاده.

القاعدة الاولى، بالانطلاق من مبدأه وما اكد عليه جميع المتحدثين قبلي، هي احترام التشريع الالهي واحترام الحقوق والواجبات التي الزم بها الاسلام كل من الزوج والزوجة، الابوين في الاسرة واعتماد المعاشرة الحسنة في تبني المسامحة والابتعاد عن السجال اللفظي وايجاد القيود التي لامبرر لها بين الزوجين، وهذه مسألة مهمة جداً وراقية جداً.

وتقول زوجة الامام بأنها في حياتها كلها لم يطلب منها الامام شيئا بصيغة الامر، وثقول السيدة مصطفوي لانه كان ملتزما بالحد الشرعي الذي يعتبر فيه بأن الزوجة ليست ملزمة بخدمة الزوج وانما هذا تطوعا منها ، فكان يطلب منها بصيغة الكناية، فيقول: هل يستطيع احد ان يحضر لي كذا... وانا لم ادخل في التفاصيل التي هي موجودة في كثير من النصوص.

وذكرت السيدة مصطفوي بانه كان يحب عندما يختلي بزوجته ان يغلق الباب ، ولكن عندما كانت زوجته تدخل من دون ان تغلق الباب خلفها كان هو بنفسه يقوم ويغلق الباب من دون ان يطلب منها هذا الامر.

كان يراعي الى حد كبير رغباتها وراحتها، ورد عن سيرة زوجة الامام(رض) بانها كانت تحب السفر، وكان الامام يلّبي هذه الرغبة لها بالرغم من حاجته بوجودها الدائم بسبب موقعه واعماله. واكثر من ذلك كان يهتم جدا بترتيب كل شي قبل رجوعها من السفر لكي تاتي وترى كل شيئاً جاهزاً منسجماً مع سرورها وراحتها.

هناك قصص كثيرة جداً يروى بأنه في مرة من المرات كان في الغرفة ويريد سماع الاخبار وكانت نشرة الاخبار في التلفاز، فذهب الى غرفة اخرى لسماع الاخبار، عندما سألته زوجته عن سبب ذهابه الى الغرفة الثانية اجابها قائلا: احب ان اسمع الاخبار بصوت مرتفع اكثر واخاف أن ازعجكم.

نحن لانستطيع ان نذكر كل النماذج ، ولكن على قلتها، تدل كل واحد منها على ادلة وعناوين كبيرة ، يستطيع الانسان المؤمن ان يتأسى به. خاصة في هذه الظروف التي نجد بأن الاخلاقيات التي يجب ان تكون بين الازواج قد اعتراها الكثير من الضعف.

والامر الثاني الذي كان يحرص عليه الامام ويعتبره قاعدة وكان يقوله، وقاله لاقاربه ورواه عنه، هو ضرورة اظهار المودة والمحبة والعشق في الكلمات بين الزوج والزوجة، واهم مالفت لي نظري هو تلك الرسالة التي ارسلها الامام الى زوجته عندما كان في زيارة الى لبنان سنة 1933 ، الكلمات رقيقة جداً التي يعبّر فيها الامام عن فقدانه واشتياقه لزوجته، وعن اسفه لعدم وجودها معه لتنعم برؤية المناظر الجميلة، وهو يعلم بانها تحب السياحة وتحب بان تتعرف على المناظر الجميلة في لبنان، وكانت رسالة حب ، كما قالت السيدة مصطفوي قد يستغرب احد من قائد في هذا الموقع وفي هذه الصلابة وبهذه الحساسية كان يهتم بهذه اللفتات.

وتقول حفيدته بان الامام عندما كانت تسافر زوجته كان يبدو مقطباً الوجه، وفي مرة من المرات احبّت ان تلاطفه فقالت له: هنيئا للسيدة بهذا الحب، فقال لها هنيئا لي لانها زوجتي، لانه كان معترف بجميلها بتضحيتها المتواصلة معه في نضاله وظروفه الصعبة التي كان يعيشها، وانها لم تعترض ولو لمرة على هذه الظروف، وهذا يدل على انها كانت امرأة تتمتع بمستوى راقي في التفكير والاهتمام بالشؤون الاجتماعية والسياسية.

كثيرة هي اللمحات. وتقول حفيدته لما كان هو في المستشفى وكان يعتريه المرض، كان كلما افاق من المرض اول مايسال عنه كان يقول: كيف حال السيدة.

ثالثاً: من القواعدهي مراعات الاحترام.ان الاحترام مسألة اساسية، كان الامام يصرّعلى احترام الاولاد للوالدين، واحترام الام قبل كل شئ، وكان يعتبرها قاعدة اساسية في المنزل.

وتقول السيدة مصطفوي في مذكراتها : بان الامام عندما كان يجلس عند مائدة الطعام كان لايبدأ بالطعام قبل ان تحضر والدتها. وتذكر انه عندما كانوا في المنزل، كان الامام يصرّ جدا عليهم بضرورة احترام والدتهم، وعندما تزوجوا وخرجوا من المنزل، عندما كانوا يأتون لزيارة  والدهم كان يسألهم هل زرتم الوالدة، هل تفقدتم احوالها؟ وكان يقول لهم قبل ان تأتوا اليّ يجب ان تذهبوا اليها، وهذا منسجم مع ماذكرته الدكتورة بتول ، وهو منسجم مع رؤيته بان الاسرة هي مفتاح التغيير كما ذكرت سابقا، ولكن حتى تستطيع الاسرة ان تكون مفتاحا للتغيير، يجب ان تكون نموذجا للتعامل الانساني بين الزوج والزوجة.

عندما تُسأل السيدة مصطفوي  ماهي الارشادات التي كان يعطيكم اياها الامام: تقول: لم يكن يعطينا ارشادات كثيرة، وانما كان يتصرّف عملياً أمامنا. هذه الشخصيات تعلمت بالعمل.هذا كان منهج الامام.

القاعدة الرابعة:بحكم اهتمامي بموضوع الاسرة، والمشاكل التي نجدها في الاسر، نقول ان المرأة هي محور في العملية التربوية في المنزل كما قال الامام: هي صانعة الاجيال، وبقدر ماتحمل من صفات وخصال خيرة تنعكس هذه الصفات لاولادها، وهذا لايعني بأن الاب ليس له دور في العملية التربوية. وهذا خطأ كبير في ان يُتصور، بان يقللوا دور الاباء في العملية التربوية.

والامام كان له في العملية التربوية دورين مهمين جدا. الدور الاول تحدثت عنه السيدة مصطفوي وهو ملاطفة الاولاد وفي الحنان على الاولاد، ولكن، والدور الثاني المهم هو انه كان حارسا للحدود الشرعية، وهذا ماتذكره السيدة مصطفوي وتقول : بانه كان شديد الغضب عندما يتعدى اي ولد الحدود الشرعية والواجبات ، لان المستحبات كانت متروكة لهمتهم . كان حازما لكن كما اوصى الاسلام حزم في لين. اذن الحزم هو دور الاب ولاتستطيع ان تقوم به الام.

وانا اعتقد بأن الخلل الكبير في العملية التربوية الموجودة اليوم هو الحزم، الكثير من الاباء يعتقدون اليوم بانه يجب ان تكون علاقة طيبة بين الاب وابنه او بين الاب وابنته، ولكن هذا لايُلغي دور الحزم.

تصلني استشارات كثيرة من نساء يطالبن فقط بأن يأخذ الاب دوره. يعني هو يُدلّع اكثر من الام ويتراخى اكثر من الام، وهذا لايمكنه ان يعطي نموذجا جيدا للاسرة.

كلمة اخيرة: كان للامام حرص وسعيع على متابعة العلم والاشتراك في كل شئ اسمه نهضة اجتماعية، وهذا عمل مهم جداً تحدّى به الامام فيه النظرة السائدة، كما اشارت الاستاذة ايمان ، وحتى اُعيب على الامام سماحه لبناته الدخول الى الجامعة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
captcha