ایکنا

IQNA

رحيل "ميثم الجنابي" أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة موسكو

14:29 - July 19, 2021
رمز الخبر: 3481930
موسكو ـ إکنا: متأثراً بمرض عضال وبمضاعفات كورونا، رحل عن الدنيا يوم الأحد 18 يونيو، واحد من أهم المغتربين العرب في روسيا، البروفيسور ميثم الجنابي، أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة موسكو.

والفقيد من الوجوه العربية الوضيئة في المغترب الروسي، فقد أثرى المكتبة الإنسانية بعدد كبير من المؤلفات وخاصة في التصوف، علاوة على مساهماته الثقافية الأخرى من خلال مجلة "رمال" التي كان يرأس تحريرها، وحضوره المميز في الندوات والمناشط الثقافية، واستضافته كذلك على شاشات كبريات القنوات التلفزيونية الروسية لشرح قضايا العرب وهمومهم، الأمر الذي كان يؤديه على أكمل وجه.

ولم يكن الجنابي أستاذاً جامعياً وأكاديمياً تقليدياً، كان وجهاً أصيلاً للثقافة الإسلامية، وكان يتميز برحابة صدر ولطف معشر وخصال يندر أن تجتمع في شخص واحد.

وهو العراقي الأصيل، كان في نفس الوقت أبناء للإنسانية جمعاء.. فوق أي أفكار ومشاعر ضيقة أو جامدة.. وهو ما كان يشعر به القريب والبعيد.
 
وكان طلابه في مختلف المراحل في مرتبة لا تقل عن الأبناء أو الأصدقاء. وكان يهتم بجميع مشاغلهم بما في ذلك الحياتية منها، محاولاً تذليل الصعاب مفسحاً الطريق أمامهم قدر استطاعته.

ويجدر الذكر أن ثنائية القول والعمل في فكر الجنابي تحظى بمكانة خاصة باعتبارها وسيلة الرقي الروحي وصولاً إلى الإنسان الكامل، المظهر الرمزي للتطهر الذي رسم ملامحه كبار شيوخ التصوف في الثقافة الإسلامية العريقة.

والجنابي كان يسير على خطى كبار المتصوفين قولاً وعملاً، وكان مثالاً يحتذى في جوهره ومظهره، يقابلك بمودة في كل الظروف والأحوال، وينصت باهتمام بالغ لكل متحدث، ويرد بما يجبر الخاطر دائماً.

ويشارك المحيطين به هواجسهم وقلقهم. ينصت لجميع طلابه ومعارفه مثل أب، ولا يتركهم إلا بعد أن يزول ما يعكر صفوهم.

وكان ميثم الجنابي يجتهد دائماً كي تهدأ النفوس الثائرة وتصفو الأجواء، ولا يبقى أمام المودة ما يعكر مزاجها. وكان يعمل من أجل هذا الهدف دائما وقبل أن يفتح الكتاب ويبدأ دروسه الأكاديمية.

وكان بمثابة شيخ في وقاره وكلامه وحتى في صمته. شيخ اختزل تجارب الكبار وسعى بإخلاص للسير على خطاهم. طريق المجاهدات والمكابدات والزهد لارتقاء المقامات واستحقاق الأحوال.

والجنابي وأمثاله، لا ينتهي وجودهم برحيلهم. مثله يبقى مثل عطر حقيقي لا تخلف الزهور والورود مواعيدها معه في كل ربيع.

وفي الختام، ميثم الجنابي ابن التصوف البار وفقيده الكبير، ينطبق عليه، قولاً وعملاً، الوصف الذي ورد في بيت الشاعر الكبير زهير بن ابي سلمى القائل: "تراه إذا ما جئته متهللا ..... كأنك تعطيه الذي أنت سائله".

المصدر: روسيا اليوم
captcha