
وأكد سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) على أن المرأة تستطيع أن تكون مثالاً وأسوة حسنة للرجال والنساء معاً، كما ضرب الله تعالى مثلاً في إمرأة فرعون ومريم ابنة عمران للذين آمنوا وهو عام يشمل الرجال والنساء معاً، (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ) (التحريم: ١١-١٢).
وجاء ذلك خلال كلمة ألقاها بمكتبه في النجف الأشرف بجمع من المبلّغات المشاركات في المؤتمر العام الذي أقامه مجمع المبلغات الرساليات في العراق.
واستشهد سماحتُهُ بمصداق آخر من النساء والقدوات وهي السيدة المباركة أم المؤمنين أم سلمة (رضوان الله تعالى عليها) زوج النبي (ص) قمة من قمم الإسلام الشامخة في عصر ولادته واخضرار عوده، بما أتصفت به من الإيمان والتسليم لله تعالى وللرسول الكريم (ص)، ومكارم الأخلاق والثبات على الحق والتضحية في سبيله ومقارعة الظالمين والفاسدين والمنحرفين وطلاب الدنيا، لم تزغ عن الحق ولم تتأثر بهوى أو مطامع أو عصبية أو رياء أو سمعة أو جاه، لذلك أحبّها النبي (ص) وآثرها على سائر نسائه بعد السيدة الجليلة خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها).
وقد وجد فيها النبي (ص) بعض ما كان يجده في خديجة من السكن والإنس وشمائل الزوجة الصالحة التي تسعد زوجها.
وبيّن سماحتهُ أن من يطلّع على السيرة العطرة للسيدة أم سلمة (رضي الله عنها) ينبهر بها، ويجد فيها الأسوة الحسنة للرجال والنساء معاً، ويعيش معها المراحل المتنوعة التي مرّت بها الدعوة الإسلامية المباركة منذ التباشير الأولى لارتفاع صوت التوحيد من المسجد الحرام حينما صدع به النبي الأكرم (ص)، حيث كانت أم سلمة (رضي الله عنها) من اللبنات الأولى في بناء الإسلام العظيم مع زوجها أبي سلمة، فلذكرهما خصوصية في قلوب المؤمنين الرساليين الذين يتذوقون عصر نزول القرآن والنقلة العظيمة التي أحدثها النبي (ص) في حياة البشرية، ثم عاشت مرحلة المعاناة والاضطهاد والتعذيب من طواغيت قريش مما ألجأتهم إلى الهجرة عن مكة إلى الحبشة أولاً، ثم إلى المدينة المنورة حيث عاشت مع النبي (ص) انتصارات الإسلام واتساع رقعته.

إلى أن حصلت الرزية بوفاة النبي (ص) وانقلاب الأمة على الأعقاب وإزالة الحق عن مستقره، وما تلاه من فتن واضطراب واقتتال واقصاء لولاة الأمر الشرعيين وانتهت بمقتل الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه الكرام، وهنا توقف القلب الكبير للسيدة ولم تستطع الحياة بعده فانتقلت إلى جوار ربها الكريم، وهي في جميع تلك المراحل كانت بمستوى المسؤولية والثبات في الموضع الذي يريده الله تعالى ورسوله (ص).
وأشار سماحتُهُ إلى أن من أوضح جوانب حياة أم سلمة (رضي الله عنها) ومواقفها هو الولاء لأهل البيت النبوة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) والدفاع عن حقهم والشهادة بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في فضلهم وتقدمهم على الناس أجمعين.
وخلص سماحتُهُ إلى أن وقفة من التأمّل والتحليل في سيرة السيدة أم سلمة (رضي الله عنها) ومواقفها والاحداث التي عاصرتها تمكننا من اكتشاف جملة من الحقائق والدروس المهمة التي تلهم الأجيال جيلاً بعد جيل.
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي: