ایکنا

IQNA

التدبر المنهجی فی القرآن

13:27 - September 24, 2014
رمز الخبر: 1453581
بغداد ـ إکنا: من خلال التدبُّر العمیق فی القرآن الکریم، یحتک الإنسان بمنهج سماوی ورسالة من قبل الباری عزّ وجل.

ومن خلال التدبُّر العمیق فی القرآن الکریم، یحتک الإنسان بمنهج سماوی ورسالة من قبل الباری عزّ وجل، فحینما یناقش الإنسان من هو أعلى منه مستوى، فإنّه بالطبع سوف ینمی فکره، فکیف إذا احتک الإنسان بآیات تعبر عن إرادة الله عزّ وجلّ، فالتدبر فی القرآن والغوص فی أعماق الآیات لاکتشاف أبعادها وخلفیاتها، سوف یبنی ذهن الإنسان بناءً سلیماً، لذلک فإن من یتدبر علیه أن یسلک منهجاً صحیحاً حتى یستفید استفادة تامة من الآیات القرآنیة ویصل فی النهایة إلى غرض السورة.
ففی البدایة یجب أن یبحث الإنسان عن الفکرة المحوریة التی تطرحها السورة، فأیة سورة یبدأ بها الإنسان علیه أن یقرأها کلها بتروٍ ویبحث عن محور السورة والذی تشیر کافة الآیات إلیه. مثلاً حینما تقرأ سورة الشعراء تجد بانّ محورها هو بیان الفرق بین رسالات السماء وثقافة الأرض وسوف تکتشف بانّ الآیات کلّها مشدودة لهذا المحور کانشداد الالکترونات نحو النواة فی الذرة، وهذه هی الهدفیة فی التفکیر فهذا المحور (الهدف) یکون الإطار الذی یمنع التفکیر من التشتت.
ثمّ یبدأ البحث عن کلّ آیة على حدة لمعرفتها، وکیفیة ربطها بالمحور، انّ هذا الربط بین الفکرة الجزئیة بالفکرة المحوریة بالطبع سوف یعمل على تنمیة التفکیر.
وهکذا یسترسل الإنسان لیبحث سیاق الآیة أو أسلوب طرح الآیات هل هی تصویر أم مجادلة أم أمر نهی أم زجر؟ فالآیات لا تأتی بأسلوب واحد، علیک اکتشافها، ثمّ تتساءل لماذا یستخدم الله هذا الأسلوب؟ وما هو موقعه من الآیة؟
وأیضاً من منهج التدبُّر فی القرآن هو أن یربط الإنسان الآیات السابقة باللاحقة ومن ثمّ یربطها بالواقع، وأخیراً بحث الأفکار الجزئیة التی تطرحها الآیة، شرط أن تقتبس الأفکار منها اقتباساً دون فرض رأی معیّن على الآیات، لأنّها محددة بأفکار مناسبة لموقعها، وإن کانت تنقصها أفکار لطرحها الله عزّ وجلّ.
وإنّ هذا النوع من الملاحظة والربط والتساؤل وتأطیر التدبُّر بالأفکار القرآنیة دون أن تخرج من مفهوم الآیة... کلّ ذلک إذا تقید به الإنسان سوف یطور من تفکیره تطویراً کبیراً جدّاً، ولهذا نرى بأنّ القرآن یدعونا للتدبُّر فیه بمنتهى الصراحة (أَفَلا یَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمّد 24).
أیّها الإنسان تدبر فی الآیات القرآنیة واکسر أقفالها أو تخلص منها کی تتدبر عمیقاً فی القرآن، تخلص من قفل التکبر... قفل الحقد... قفل الأنانیة... قفل الحسد... قفل الغرور... فلابدّ أوّلاً التخلص من هذه الأقفال والتی هی الصفات النفسیة الدنیئة، حتى تتمتع بنفسیة صافیة تستوعب آیات الله.
ومن المهم جدّاً أن یربط الإنسان الآیات بالواقع معتمداً على التساؤل وطرح الأسئلة على الأحداث والواقع، لأنّ هذا الطرح یثیر تفکیر الإنسان ویجعله یفکر أکثر بالحدث من خلال ربطه بالآیة القرآنیة بشرط أن یکون السؤال دقیقاً ویدور فی إطار الفکرة التی تستعرضها الآیة.
فلو صادفتک الآیة الکریمة: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَیِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْکِتَابَ وَالْمِیزَانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِیدَ فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) (الحدید/ 25).
تفکر فیها وأثر التساؤلات المناسبة للآیة؟ ماذا یربط الکتاب بالمیزان وبالحدید؟ ما أثر وجود هذه العناصر الثلاث على المجتمع؟ کیف یکون فی الحدید بأس شدید ومنافع للناس؟
وهکذا... تثیر مثل هذه التساؤلات لکی تکتشف أعماق الآیة وبالتالی تعمل على تنمیة قدراتک الذهنیة. هکذا فإنّ التدبر المنهجی یساهم فی تنمیة تفکیر الإنسان وبنائه.
وعلى العکس فإنّ التدبُّر الفوضوی فی آیات الله یشتت تفکیر الإنسان ویجعله یتخبط یمیناً وشمالاً بآیات الله وبالنهایة تزداد عنده الرواسب النفسیة والفکریة، انّ المسلمین إنما فقدوا اهتمامهم بکتاب الله عندما أصبح تفکیرهم سطحیاً فأصبحوا ینظرون إلى کتاب الله بأنّه لا یلائم هذا الواضع المنظور، بینما لو تدبّروا فی آیاته لاستخرجوا منه ما یواکب کلّ العصور.

بقلم الکاتب العراقی "أحمد الملا" فی کتاب "کتاب سرّ النجاح فی شخصیتک"

المصدر: موقع البلاغ

کلمات دلیلیة: القرآن ، التدبر ، المنهجی
captcha