ایکنا

IQNA

الشیخ الحصری...أول من سجل المصحف المرتل وصدح بالقرآن فی البیت الأبیض

9:29 - June 27, 2015
رمز الخبر: 3318315
القاهرة ـ إکنا: الشیخ محمود خلیل الحصری عندما زار مالیزیا، حملت جماهیر المسلمین سیارته على الأکتاف وهو بداخلها؛ تقدیراً لمکانته العظیمة فی قلوبهم بما قدم للقرآن الکریم فی کل بقاع الأرض.

وأفادت وکالة الأنباء القرآنیة الدولیة(إکنا) أن الشیخ محمود خلیل الحصری هو أول من سجل المصحف المرتل للإذاعة، وصاحب المصحف المعلم، والقارئ الوحید الذی تلا القرآن الکریم فی البیت الأبیض الأمریکی.
قارئ منذ طفولته
ولد الشیخ الجلیل محمود خلیل الحصری فی قریة "شبرا النملة" بمرکز طنطا بمحافظة الغربیة عام1917م، وألحقه والده بکتاب القریة عند بلوغه الرابعة من عمره، فکان یحفظ القرآن سماعیًّا، ثم یکتب ما حفظه على اللوح، بعد أن تعلم الحروف الهجائیة، وأتم حفظ القرآن فی الثامنة من عمره.
ولم تکن المعاهد الدینیة فی ذلک الوقت تسمح بقبول الطالب قبل أن یتم الثانیة عشرة من عمره، فظل مع شیخه ومحفظه بالکتاب، یتعلم منه التجوید، وکان یذهب إلى مسجد القریة فی صلاة العصر؛ لیقرأ ما تیسر من آیات الذکر الحکیم، فنال استحسان مستمعیه. وفی ذلک الوقت بدأ الناس یتعرفون علیه، ویدعونه لیشارکهم أفراحهم وحفلاتهم، حتى نضج صوته وعلا صیته فی القریة کلها.
وعند بلوغه الثانیة عشرة من عمره التحق بالمعهد الدینی بمدینة طنطا، وظل یدرس حتى مرحلة الثانویة العامة، ثم انقطع عن الدراسة بعد ذلک؛ لتعلم القراءات العشر. وفی تلک الفترة کان یذهب لإحیاء اللیالی والمآتم کلما دُعِیَ إلى ذلک، وظل مقیمًا بقریة شبرا النملة حتى التحق بالإذاعة عام 1944م.
بدأ فی الإذاعة وترقى فی معارج القراء
وفی ذلک العام تقدم للإذاعة بطلب تحدید میعاد لاختباره، وبالفعل تم تحدید ذلک المیعاد، واجتاز الاختبار، وتم التعاقد معه فی نفس الیوم، فکانت أول قراءة له على الهواء مباشرة یوم 16 نوفمبر عام 1944م، وکان وقتها لا یزال مقیماً بالقریة.
وکان أول تعیین له شیخ مقرأة سیدی عبد المتعال بمدینة طنطا. وفی عام 1948م صدر قرار بتعیینه مؤذناً بمسجد سیدی حمزة، بتاریخ 7/8/1948م، إلا أن حبه لقراءة القرآن وتلاوته وأن یکون ذائع الصیت دفعه لأن یطلب أن یعمل قارئاً للقرآن یوم الجمعة بدلاً من مؤذن، فصدر قرار بنقله إلى وظیفة قارئ بتاریخ 10/10/1948م بنفس المسجد، إلى جانب عمله شیخاً لمقرأة سیدی عبد المتعال، ثم صدر قرار وزاری بتکلیفه بمهمة الإشراف الفنی على مقارئ محافظة الغربیة. وفی 17/4/1949م انتدب للقراءة بمسجد سیدی أحمد البدوی بمدینة طنطا، وظل بالمسجد الأحمدی حتى عام 1955م. ولما توفی الشیخ الصیفی الذی کان قارئاً بمسجد الإمام الحسین(ع) بالقاهرة، تم تعیینه مکانه، فانتقل إلى القاهرة، وأقام فیها حتى وفاته.
وفى عام 1960 تم تعیینه شیخاً بعموم المقارئ المصریة، ثم مستشاراً فنیًّا لشئون القرآن بوزارة الأوقاف المصریة فی عام 1963م، ثم رئیساً للجنة تصحیح المصاحف ومراجعتها بالأزهر عام 1963م، فخبیراً فنیًّا لعلوم القرآن والسنة عام 1967م بمجمع البحوث الإسلامیة.
مواجهة التبشیر فی إفریقیا بالقرآن
وکان الشیخ الحصری بعید النظر فی کثیر من الأمور الخاصة بالعقیدة، فقد أحس بخطورة التبشیر وحملات التنصیر فی إفریقیا، والتی بدأت تحرف فی القرآن، فأراد أن یکون القرآن مسجلاً على شرائط کاسیت أو أسطوانات، فکانت رحلته مع لبیب السباعی وآخرین، فتم تسجیل المصحف المرتل بصوت الشیخ الحصری بعد أن رفض العدید من المشایخ والقراء الفکرة من بدایتها؛ لاختلافهم حول العائد المادی منها، وبذلک أصبح الشیخ الحصری أول صوت یجمع القرآن الکریم مرتلاً على أسطوانات، وکان ذلک بروایة حفص، وتم تسجبل بعض السور، ثم عرضت على وزارة الأوقاف التی وافقت على الاستمرار فی تسجیل المصحف مرتلاً کاملاً، وکتب لهذا التسجیل النجاح المنقطع النظیر، ثم سجله مرتلاً بروایة ورش عن نافع، ثم مجوداً بصوته، ثم مرتلاً بروایة قالون والدوری، کما أنه سجل المصحف المعلم، ومکث مدة تقترب من العشر سنوات لتسجیل المصحف مرتلاً بالروایات المختلفة.
وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى
وحقق الشیخ الحصری نجاحًا باهراً، فمنحه الرئیس عبد الناصر وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1967م؛ تکریماً له لتسجیله المصحف المرتل، کما نال تقدیر الملوک والرؤساء فی العالم العربی والإسلامی.
ولم یسجل المصحف المرتل لحساب أی شرکة من شرکات القطاع الخاص أو لحسابه هو، ولکن لحساب المجلس الأعلى للشئون الإسلامیة، على أن یتولى المجلس توزیعه على إذاعات العالم الإسلامی، ولم یکن الشیخ الحصری یسعى إلى العائد المادی قدر سعیه لنیل رضا الله عز وجل عنه، خاصة بعد أن رفض العدید من القراء التسجیل؛ لاختلافهم حول نسبة العائد المادی من التوزیع، ولکن الشیخ الحصری لم یهتم بکل ذلک، حتى إنه کان یردد "إن النجاح الذی تحقق لم أکن أتوقعه، وهذا فضل من ربی علیَّ کبیر".
أول قارئ یکتب فی القراءات
وقام الشیخ الحصری بتألیف العدید من الکتب، لیکون أول قارئ یؤلف کتباً فی القراءات المختلفة، وأستاذه المرحوم الشیخ الضباع شیخ عموم المقارئ المصریة الأسبق هو الذی أوحى إلیه بهذه الفکرة؛ لما رأى فیه من قدرة کبیرة على الصیاغة والتألیف، وکان الشیخ الضباع یتابع ویراجع ما یکتبه الشیخ الحصری، وألف الشیخ الحصری بعض الکتب عن القراءات العشر، وکان یطبعها على حسابه ویوزعها مجاناً، حتى إنه أعطى هذه الکتب للمجلس الأعلى للشئون الإسلامیة مجاناً، وکان المجلس یوزعها بسعر رمزی جدًّا، وکان ذلک یسعد الشیخ الحصری.
وانتخب رئیسًا لاتحاد قراء العالم الإسلامی عام 1968م، وکان أول من قرأ فی الکونجرس الأمریکی وهیئة الأمم المتحدة.
وغلبه المرض حتى رحل إلى بارئه
وفی عام 1980م عاد من رحلته من السعودیة مریضًا وقد زاد عناء السفر وإجهاده من مرضه الذی کان یعانی منه، وهو القلب، إلا أن المرض اشتد علیه بعد ثلاثة أیام من عودته، ونصح الأطباء بضرورة نقله إلى معهد القلب، إلا أنه رفض نصیحة الأطباء، بل ورفض تناول الأدویة مرددًا "الشافی هو الله". ولما تدهورت صحته، تم نقله رغمًا عنه إلى معهد القلب، وتحسنت صحته، فعاد إلى البیت مرة أخرى، حتى ظن الجمیع أنه شفی تمامًا، وظن هو کذلک، إلا أنه فی الیوم الاثنین الموافق 24 نوفمبر عام 1980م فاضت روحه إلى بارئها، بعد أن أدى صلاة العشاء مباشرة.
فی عامه الذی توفى فیه، کان یحاول الانتهاء من بناء مسجد القریة ومسجد آخر أعد لیکون مکتبًا لتحفیظ القرآن، وتم بالفعل الانتهاء من بناء المسجد الکبیر، وتسلمته إدارة الأزهر قبل وفاته، بخلاف المعهد الدینی، کما أوصى الحصرى بالتبرع بثلث أملاکه؛ لاستکمال الأعمال الخیریة التی کان یقوم بها بمسقط رأسه بقریة شبرا النملة وبمقر إقامته بالقاهرة.
مسجده الجامع منارة للإسلام
وفی شهر رمضان المبارک عام 1426 هجریة الموافق لشهر أکتوبر عام 2005م، تم افتتاح مسجد الحصرى الجامع بمدینة السادس من أکتوبر، وهو یتسع لحوالى خمسة آلاف مُصَلٍّ من الرجال والنساء، وتم بناء هذا المجمع الإسلامى الکبیر بالجهود الذاتیة والتبرعات العینیة من أهل الخیر.

المصدر: البدیل

کلمات دلیلیة: ابوعامر ، الراهب ، شخصیة ، قرآنیة
captcha