وأشار خادم القرآن الكريم في إیران، "الأستاذ عباس سلیمي"، خلال لقاءه النوروزي للشريحة القرآنية في البلاد، الذي نظمته وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) مؤخراً بمناسبة حلول العام الايراني الجديد في بداية كلمته إلى مضمون حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله وسلم: "شهرٌ دعيتم فيه إلى ضيافة الله" وقال: "إذا أردنا أن نتحدث عن الكلمات النبوية في نص الخطبة العصماء لآخر جمعة من شهر شعبان، لعل هذا الأمر يستغرق ساعات كثيرة لفهم أهمية هذا الشهر وأن ندرك شيئاً ما اللطف والعناية الإلهية لجميع عباده".
وقال المعاون الثقافي لعتبة السيد عبد العظيم الحسني(ع) في شؤون الزائرين، تكريماً لذكرى جميع الناشطين القرآنيين الذين رحلوا إلى جوار رحمة الله تبارك وتعالى: "إني أعتقد أن الأرواح الطاهرة لمن جالسوا القرآن وآنسوا به طوال حياتهم الطيبة، حاضرة في هذا الإجتماع، و تشهد على هذا المجلس وحضوركم القرآني المبارك رجالاً و نساءً".
وأضاف: "أنا بدوري أبعث تحياتي الزاكية للأرواح القرآنية الطاهرة التي ها هي صورهم تزهو في هذا المحفل القرآني المبارك، وخاصة أبعث أجمل وأزكى التحيات لأرواح العلماء العظماء الذين فقدناهم في الأيام والأشهر الماضية كأصول لم يمكن تعويضها أبداً".
وتلميحاً إلى بعض صفات آية الله الشيخ محمدي الري شهري(رضوان الله تعالى عليه)، الأمين العام الراحل لعتبة السيد عبد العظيم الحسني(عليه السلام)، قال هذا الرائد القرآني: "يجب أن أذكر شيئًا واحدًا ليس عنه فحسب ولكن أيضًا عن الرموز الأخرى التي لدينا وللأسف الشديد مهملين لهم وهو أن العدو يسعى لتدمير الشخصيات القيّمة لهذا النظام الإسلامي المقدّس، ولا يمتنع عن أي مؤامرة جبانة لسحق هذه الشخصيات، لدرجة أنه يشكك حتى في بعض الطيبين. لذلك يجب علينا أن نكون على حذر جداً".
وتابع : إن آية الله الري شهري(رضوان الله تعالی علیه) خدم طوال فترة عمله في الثورة الإسلامية الايرانية لمدة 31 عاماً في عتبة السید عبدالعظیم الحسني(علیه السلام) وبحسب نصوص خطابات الوقف المتوفرة في جميع العتبات المقدسة، هناك رسوم معینة للمتولي الشرعي، ومبلغها كبير أيضاً، و إني أقسم بالله العظیم أنه لم یتصرف حتی في ریال واحد من هذه المبالغ. كان قد أوعز إلى الإدارة العامة للشئون المالیة في العتبة المقدسة بفتح حساب منفصل لاستخدام هذا المال للأغراض الخيرية، و العوائل الفقیرة، والمسكن، والمكتبة، وما إلى ذلك.
وقال عباس سليمي: "إن آية الله الري شهري(رحمه الله) كان أمير الحاج لمدة عشرين سنة، وفي كل هذه السنوات تمكنت من الحضور عند سماحته كمدير للعلاقات العامة وشاهدت أنه لم یحج علی حساب الخزینة حتی لمرة واحدة. كانت مسؤولية المجموعة القيادية على عاتقي؛ عندما كان یقدم إلی الحج كانت من أولی مهامه أن يأمرنا بأن نسأل منظمة الحج والزیارة عن مقدار وتكلفة أداء فريضة الحج بالنسبة إلی 80 ألف شخص آخرين قدموا من إیران لأداء مناسك الحج. کان یدفع نفس المبلغ ونحن نقوم بتسلیم الإیصال إلی سماحته".
ثم أکد في هذا المجال قائلاً: "لقد أعاد جميع الرواتب التي استلمها فترة عمله في وزارة الأمن إلی الخزینة. کان له منزل ببلدة قائم في طهران وخصص الطابق الأسفل منه للحسينية. تبرع بهذا المنزل بخط یده المبارکة وقفاً و انسحب عن ملکیته، و لدي نسخة واحدة من خطاب الوقف هذا. قام ببناء حسينية كبيرة في بلدة قائم تسمى بحسينية الكوثر وذلك من خلال صرف معظم حق تولیته الشرعیة فی هذا المجال، والتي بحمد الله ستصبح مركزًا علميًا وبحثيًا في المستقبل.
في معرض إشارته إلى الانقلاب الفاشل لقاعدة "همدان" الجویة، قاعدة الشهيد نوجة، أضاف هذا الرائد القرآني: "يسمي الناس خطأً هذا الحدث بانقلاب نوجة. کان نوجة من الطيارين المتدینین الذين استشهدوا. ومن الصحيح أن نقول انقلاب قاعدة الشهيد نوجه. تم القبض على الرجال وعقدت جلسات المحاکمة، وحكم قاضي المحكمة الشرعية آنذاك آية الله الري شهري على أحد طياري الطائرات المقاتلة في مهمات تدميرية بالإعدام. احتج الطیار على ذلك الحکم وأجريت تحقيقات وصدر الأمر بإعدامه. ذات يوم عند تقاطع الشهيد القدوسي، تقاطع القصر السابق في طهران، أخبرنا الحارس عند الباب الأمامي أن سيدة محجبة وموقرة جداً جاءت وطلبت اللقاء بآية الله الري شهري. بسبب القيود الأمنية وکثافة العمل کان ینبغي أن یقوم الآخرون بتلبیة طلبها، لكنها أصرت على أن تری الحاكم. عُرض الأمر على سماحته فأذن لها بالدخول. قالت السيدة إنني جئتك لتقدیم طلبي، أنا زوجة الضابط الطيار في القوة الجویة الذي كان مدبراً للإنقلاب وأصدرت حكم الإعدام بحقه. ما جئت لأقول لا تنفذ حکم الإعدام، بل جئت لأقول نفّذ، ولكن طلبنا هو لأننا أسرة متدينة وكريمة، اترك لنا شکل إعدام زوجي.
واقترحت تلك المرأة - مستوحاة من أحداث حرب الأيام الستة في أكتوبر بين العرب وإسرائيل، أن كلا البلدين کانا یحتجزان الطیارین في قمرة القيادة خوفًا من أن يغادر الطيارون الطائرة الحربیة حتى لا يتمكنوا من النزول من الطائرة و الهروب منها - قیدوا زوجي بالسلاسل وقوموا بتسليح الطائرة، حتى يتمكن زوجی من ضرب نفسه والطائرة بأحدی الأهداف الرئيسية في بغداد وسیراق دمه هناك في أرض العدو لإزالة وصمة العار عن عائلتنا. كان آية الله الري شهري في وضع صعب في اتخاذ القرار. في فرصة مؤاتیة تشرف بلقاء الإمام الخميني(رضوان الله تعالی علیه)، قال لنا في ما بعد، إني لما دخلت علی الإمام وأثرت هذا الموضوع، أجابني بأنك أنت حاكم الشرع، و المسؤول عن هذا الملف ، و القرار النهائي لك، أنصحك فقط بأن لا یخدعوك وأن لا تنخدع".
واستمر قائلاً: " آية الله الري شهري أمر بإطلاق سراح الطيار من السجن بعد أيام قليلة، وقد تحدث معه ونال ندمه وتوبته. كان من المفترض أن يعود إلى القوة الجوية ويوجه قائد القوة آنذاك بالذهاب والتحليق في فريق العمليات، لكن لا تعلمون كيف عاملوا آية الله الري شهري إحتجاجاً على هذا الحكم والرأي، على أن أقل عقوبة للخائن في الجيش الذي يتآمر على النظام بتدبير إنقلاب عسكري هي الإعدام ؛ لكن هذا الرجل الشجاع اتخذ قراره".
وعاد ذلك الرجل "النقيب مهدي يار" الى القوة الجوية، وهاجم العراق 19 مرة بطائرات مقاتلة، وقصف أهدافًا عراقية رئيسية واستشهد للمرة العشرين. نصحنا آية الله الري شهري وآخرين في اجتماع، قائلاً: "إن فننا كان أن نصنع شهيداً من هذا المتآمر على النظام، أنتم تصرفوا بطريقة أن لا تصنعوا إنقلابياً من أسرة الشهيد".
وأضاف أنه "يجب أن يتم عقد مؤتمر كبير لهذا الغرض حيث كيف يمكن أن تكون إدارة عالم دين، وحافظ لكل القرآن، وشخص عفيف لم يتلق حتى ريال واحد من الخزينة نموذجاً للآخرين. في حين أن الشبكات الافتراضية، والأعداء الجبناء وأولئك الذين ينقلون القضايا ويفكرون فيها دون دراسة، يستخدمون تفسيرات خاطئة عن هؤلاء الرجال الذين لا يمكن وصف ترحمهم للآخرين" .
وطرح هذا الرائد القرآني مسألة جديرة بالذكر و هي: "ما هي مهمة المجتمع القرآني في الدفاع عن هذه الأصول؟" قال: "إن النقطة التي أثارها حجة الإسلام والمسلمين محمدي كلبايكاني، رئيس مكتب قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي (حفظه الله و رعاه) خلال لقاء في قاعة الشيخ صدوق الواقعة في عتبة السيد عبدالعظيم عليه السلام، كانت عنواناً جميلاً. قال: "إننا عالقون في حجاب المعاصرة، لأننا معاصرون لبعض الشخصيات الاستثنائية العظيمة، ولا نمتلك القدرة والفهم لأبعاد شخصيتهم، وهذه حقيقة لا نقاش فيها.
إنه لربما بعد 300 عام سيكون من الواضح أن آية الله الشيخ محمدي الري شهري كان هو العلامة المجلسي في زمانه.
لا أريد المبالغة. كان هدفي أن أقول إن هذا الحجاب المعاصر لا يتعلق فقط بشخص الشيخ الري شهري، فهناك هذا الحجاب حال دون شخصيات مرموقة أخرى وقائدنا أيضاً، من الذي يجب أن يخلع هذا الحجاب؟ يجب على طلاب المدرسة القرآنية، والذين أعطاهم الله الرؤية القرآنية، ألا يدعوا الأعداء يدمرون الشخصيات التي يعتبر وجودها ذا قيمة في بلادنا.
وتابع قائلاً : "برأيي يجب أن تقدم وسائل و مؤسسات الإعلام الوطنية كمؤسسة "فارابي"، و"سيما فيلم"، و"المعاونية السينمائية لوزارة الثقافة والإرشاد الاسلامي في ايران" وما شابه ذلك، هذا النموذج البطولي؛ على سبيل المثال في برنامج قيم يدعى بـ"حديث السرو"، والذي يتناول شرح بعض خصائص علمائنا الأعلام، كما هو الحال في صنع أفلام جيدة وجميلة تقدم أبطال الحرب؛ يجب علينا أن نعرف للناس أمثال الحاج قاسم سليماني وآية الله الري شهري وآية الله معرفت، والآخرون من العظماء وأولئك الذين يعيشون في أوساطنا من خلال الأفلام الوثائقية.
کما قال عباس سليمي عن لقاء الشريحة القرآنية مع سماحة قائد الثورة الإسلامية الايرانية في طليعة شهر رمضان المبارك: "أثيرت نقاط بارزة في هذا اللقاء، وأعتقد أن وكالة إكنا للأنباء القرآنية يجب أن تتابع تلك النقاط في جدول أعمالها وأن تحصى الإرشادات القرآنية لمفجر الثورة الإسلامية الإمام الخميني(رضوان الله تعالى عليه) وقائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله الخامنئي(حفظه الله) والنقاط التي أثيرت خاصة في هذه اللقاءات، كما يمكن نشر هذه المجموعة القيمة كمجموعة وثائقية من قبل وكالة "إکنا" للأنباء القرآنية وهي تكون في الواقع خارطة الطريق لأولئك الذين يريدون المضي في هذا الطريق المستنير للقرآن الكريم".