وتسود حالة من الغضب في صفوف الجالية المسلمة بسبب مواقف حزب العمال من الحرب على قطاع غزة، حيث اختار الحزب ولمدة أشهر الوقوف في صف إسرائيل والتغاضي عن جرائمها، مما دفع أكثر من 20 نائبا برلمانيا للاستقالة من الحزب، إضافة لأكثر من مائة ممثل للحزب في البلديات.
كما نجم عن هذا الغضب اختيار عدد من المرشحين المسلمين الذين كانوا سابقا ينتمون للحزب أن يتقدموا للانتخابات العامة التي ستجري يوم الرابع من يوليو/تموز كمرشحين مستقلين، واضعين فلسطين في قلب أجندتهم السياسية.
كتلة مهمة
يبلغ عدد المسلمين في بريطانيا 3.9 ملايين مسلم، حسب آخر إحصاء سكاني في بريطانيا لسنة 2021؛ ولذا يشكلون 6.5% من السكان، وحسب نفس الإحصاء فإن أكثر من ثلثي هذا العدد هم من فئة الشباب وما فوق، وهو ما يجعل الكتلة الناخبة المسلمة في بريطانيا تبلغ حوالي 2.9 مليون شخص.
ووفقًا لآخر استطلاع أجراه معهد "سورفيشن" (Survation)، فإن 43% من المسلمين في بريطانيا سوف يصوتون لحزب العمال وهو ما يشكل انخفاضا كبيرا مقارنة بالسنوات الماضية، حيث حصل حزب العمال على أصوات حوالي 80% من أصوات المسلمين في انتخابات سنة 2019، أما حزب المحافظين فلن يحظى إلا بدعم 6% من المسلمين حسب نفس الاستطلاع.
ومن خلال العودة للانتخابات المحلية التي جرت في شهر أبريل/نيسان الماضي، فإن الحزب خسر 39% من حصته في التصويت بالدوائر التي يشكل فيها المسلمون أكثر من 70% من السكان.
وتشمل المدن الرئيسية التي يمكن أن تكون فيها الأصوات المسلمة حاسمة: برمنغهام ولندن ومانشستر، وهي المدن التي تعرف وجودا كثيفا للمسلمين، وفي مدينة لندن وحدها فإن الصوت المسلم قادر على حسم أكثر من 20 مقعدا، وكذلك مدينة برمنغهام التي يشكل فيها المسلمون 30% من السكان، وتعتبر برمنغهام ثاني أكبر مدينة في بريطانيا بعد لندن.
قوة الصوت المسلم
اختار السياسي البريطاني من أصول فلسطينية سامح حبيب الاستقالة من حزب العمال احتجاجا على سياساته في الملف الفلسطيني، والانضمام لحزب "العاملون" (Workers) الذي يتزعمه السياسي البريطاني جورج غالاوي، للترشح للانتخابات البرلمانية.
وفي حديثه مع الجزيرة نت، أكد سامح حبيب أن هذه الانتخابات هي أبرز انتخابات برلمانية تكون السياسة خارجية فيها حاضرة بقوة ولها تأثير مباشر على قرار الناخبين "بسبب قوة الصوت العربي والمسلم الذي صدم من مشاهد الإبادة الجماعية الحاصلة والمتواصلة ضد أهالي قطاع غزة والموقف المخزي لكل من حزب المحافظين والعمال تجاه ما يحصل".
وأضاف السياسي البريطاني أن تبني رئيس الوزراء ريشي سوناك وتماهي حزبه التام مع السياسات الإسرائيلية لم يقابله إلا دعم كير ستارمز زعيم حزب العمال لما أسماه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وعدم اتخاذ موقف من الإبادة الجماعية الجارية في غزة، "وهذا يعكس ثقل وحجم نفوذ اللوبي الصهيوني على السياسات البريطانية في المنطقة".
وأكد حبيب أن الناخب المسلم والعربي انتبه لهذا الخلل ولهذه السياسة المنحازة لإسرائيل، وبالتالي يمكنه "مقاطعة التصويت لحزب العمال الذي يراهن تاريخيا على دعم الأقليات"، وهذا يعني أن "خسارة الحزب لبنك الأصوات التقليدي يمكن أن يحرمه من عدة مقاعد مهمة".
المصدر: الجزیرة