وأفادت وکالة الأنباء القرآنیة الدولیة(إکنا) أن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر(علیهما السلام) أمّه فروة بنت القاسم بن محمد بن أبی بکر الملقّبة بـ(المکرّمة)، وقد عاش(علیه السلام) مرحلة صعبة فی وقت حکم بنی أمیة الباغیة ولقی أنواع الظلم والمکر، ومن ثمّ حکم بنی العباس حتى قام أبو جعفر المنصور الذی لم یسترحْ حتى اغتال الإمام(علیه السلام) بالسمّ فی الخامس والعشرین من شهر شوال سنة (148 هجریة).
وذکر الیعقوبی فی تاریخه عنه(علیه السلام): (کان أفضل الناس وأعلمهم بدین الله، وکان أهل العلم الذین سمعوا منه إذا رووا عنه قالوا: أخبرنا العالم، وقد قال مالک بن أنس: ما رأت عینٌ ولا سمعت أذنٌ ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وعبادةً وورعاً).
ولد الإمام الصّادق(علیه السلام) فی عهد عبدالملک بن مروان بن الحکم ثمّ عایش الولید بن عبدالملک، وسلیمان بن عبدالملک، وعمر بن عبدالعزیز، ویزید بن عبدالملک، وهشام بن عبدالملک، والولید بن زید، ویزید بن الولید، وإبراهیم بن الولید، ومروان الحمار، حتّى سقوط الحکم الأموی سنة (132هـ) ، ثمّ آلت الخلافة إلى بنی العباس، فعاصر من خلفائهم أبا العباس السفّاح، وشطراً من خلافة أبی جعفر المنصور تُقدّر بعشر سنوات تقریباً، وعاصر الإمام الصّادق(علیه السلام) کلّ هذه الأدوار وشاهد بنفسه محنة آل البیت(علیهم السلام) وآلام الأمّة وآهاتها وشکواها وتململها.. وکان عمیدَ آلِ البیت(علیهم السلام) ومحطَّ أنظار المسلمین.. لذا فقد کان(علیه السلام) تحت الرقابة الأمویّة والعباسیّة وملاحقة جواسیس الحکّام، یحصون علیه حرکاته واتصالاته.
فقد عاصر الإمام الصادق(علیه السّلام) الدولتین فی هذه المدة الطویلة مع جدّه وأبیه اثنتی عشرة سنة، ومع أبیه بعد جدّه تسع عشرة سنة، وبعد أبیه أیام إمامته أربعاً وثلاثین سنة، وکان فی أیام إمامته بقیة ملک هشام بن عبدالملک، وملک الولید بن یزید بن عبدالملک، وملک یزید بن الولید الناقص، وملک إبراهیم بن الولید وملک مروان بن محمد الحمار، ثم صارت المسوّدة (لاتّخاذهم شعار السواد) مع أبی مسلم سنة اثنتین وثلاثین ومئة فملک أبو العباس الملقب بـ(السفّاح)، ثم ملک أخوه أبو جعفر الملقّب بـ(المنصور)، واستُشهِدَ الصادق بعد عشر سنین من ملک أبی جعفر..
وقد عمل الإمام(سلام الله علیه) خلال فترة حیاته الشریفة والتی شهدت صراعات کثیرة بین طلّاب السلطة- على تربیة العلماء والدُّعاة وجماهیر الأُمّة وتعلیمهم على مقاطعة الحکّام الظّلمة، ومقاومتهم عن طریق نشر الوعی العقائدی والسیاسی، والتفقّه فی أحکام الشریعة ومفاهیمها، وثبّت لهم المعالم والأُسس الشرعیة الواضحة، کقوله(علیه السلام): (مَن عَذَرَ ظالِماً بظُلْمهِ سَلّطَ اللهُ علیهِ مَن یظلِمُهُ، فإنْ دعا لم یُستَجَبْ لهُ ولم یأجُرْهُ اللهُ على ظُلامَتِه; والعامِل بالظّلمِ والمُعینُ له والرّاضی به شُرکاءٌ ثلاثتُهُم). فاستطاع أن یعطی الفکر الشیعی زخماً خوّله الصمود أمام التیارات الفکریة المختلفة وسمح له بالبقاء الى یومنا هذا، ولذلک یسمّى المذهب الشیعی الفقهی بـ(المذهب الجعفری).
المصدر: الکفیل