وقال ذلک، الشیخ عارف العسلی، والمقرئ والمبتهل السوری والحکم فی المسابقات القرآنیة الدولیة، فی حوار خاص له مع وکالة الأنباء القرآنیة الدولیة(إکنا): ان مصر هی احدى الدول المتقدمة فی مجال الإبتهالات والأناشید الدینیة ومن ثم إیران أیضا قد حققت تقدماً کبیراً فی مجال التواشیح.
وأشار الى أن الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة قد أخذت دوراً کبیراً فی حقل التواشیح وعندها أساتذه بارزون وأصبح لهم وقع مهم وکما نعلم فی ایران أکثر من 200 فرقة دینیة.
واستطرد مبیناً أن ایران لها نشاطات واسعة فی مجال التواشیح والانشاد الدینی حیث شاهدنا الفرق الإیرانیة التی أتت إلی العاصمة السوریة دمشق کـفرقة "الاهواز"،، و"الکوثر" وعدة فرق أخری.
وفی مستمر حدیثه، أشار العسلی إلی الفرق بین التواشیح و الإبتهال، قائلاً: تقریباً کلها واحدة لکن التواشیح تکون قدیمة والابتهال یکون حدیثاً وحالیاً قد تطور الابتهال أکثر ومواضیعه فی المدح خالص لله والتوسل. و قدیکون یتمتع بحب الله وآل البیت(علیهم السلام) وحب الخیر للناس.
وقال الشیخ عارف العسلی: الابتهالات والتواشیح فن مصرى خالص متأصل فى وجدان المصریین منذ آلاف السنین، وهى ترتبط ارتباطاً وثیقاً بحب الله والتقرب إلیه وبالصفاء الروحى والسمو بالذات، وتطور هذا الفن وتعددت أشکاله على مر الزمن وأصبحت الابتهالات والإنشاد الدینى أفضل أنواع الأداء الموسیقى سواء فى أسلوب الأداء أو فى المقامات، وقد اختلف المؤرخون فى نشأة فن الابتهالات؛ فمنهم من أرجع أصلها إلى العصر الفرعونى ومنهم من أرجعه إلى عهد الدولة الفاطمیة.
أضاف: أما التواشیح عمل فنّی دینی یوجد بواسطة اتحاد عملین فنّیین آخرین هما فنّ الشعر، وفنّ الموسیقی وبناء علی ذلک فإن للتواشیح تعریفین منفصلین هما: 1) التواشیح من حیث الشعر والأدب، 2) التواشیح من حیث النغمات الموسیقیة.
وإستطرد قائلاً: التواشیح فی اللغة تأتی من جمع کلمة توشیح وأما من حیث الاستعمال العام والمصطلح الشامل فإن التواشیح هی غناء دینی ومواضیعه واستعمالاته کثیرة إما علی شکل الدعاء أو مدح للرسول الأکرم(صلی الله علیه واله وسلم) والأئمة الأطهار(علیهم السلام) وإمّا أنواع أخری.
وأضاف: لغة التواشیح عربیة صرفة إذ لا تستطیع استیعابه لغة أخری وغالباً یکون دون مرافقة الآلات الموسیقیة ویشترک فی أداء التواشیح فرقة یختلف عدد أفرادها بین کثرة وقلّة وتسمی هذه الفرقة فی بعض الأقطار العربیة (البطانة) وقد ینفرد أحد أعضاء الفرقة بأداء منفرد جمیل یضفی علی التواشیح جمالاً وفنّاً وسحراً فیصبح الموشح قطعة فنّیة جمالیة موسیقیة تستلذّها الأذهان وتستسیغها القلوب والأذهان.
وأشار الشیخ عارف الی فرقتهم الدینیة، قائلاً: إسم فرقتنا هی فرقة "الزهراء(س)"، والمواضیع ترکز علی حب أهل البیت وحب الحسین (علیهم السلام).
وبالنسبة للألحان الدینیة قال العسلی: قبل سنوات جاء شخصان قدیران إلی ایران وکان أحدهم الأستاذ والملحن الکبیر السوری "زهیر منینی" وألقی عدة شعر وقام عدة حفلات واستقبلوه استقبالاً کبیراً.
کما أنه له دور کبیر فی هذا المجال فی الوطن العربی کله ولا یوجد من یعادله وأخذنا منه أربعین لحناً فی مواضیع الاجتماع، آل بیت(ع) والجهاد.
وأما بالنسبة لتعلیم اللحن والأناشید الدینیة فی سوریا، أوضح العسلی: یتعلم الشعب السوری الإبتهال فی المسجد الأموی والقاعة الإسلامیة وفی مسجد "الشیخ محی الدین العربی" أیضا توجد قاعة وکل خمیس أو کل عشرة أیام یکون هناک اجتماع ویأتی الملحنون ویتداولون الانشاد والتواشیح الدینیة والکلام الدینی.
وأشار الشیخ العسلی إلی نشاطته القرآنیة، موضحاً: لقد شارکت فی العدید من المسابقات القرآنیة التی أقیمت فی ایران وآخر مسابقة کانت للقوات المسلحه فی ایران.
وإستمر الحکم السوری هذا، مبیناً: شارکت أیضاً فی المسابقات القرآنیة الدولیة فی دبی، ولبنان، الأردن وکنت حکماً دولیاً فی الصوت والاحکام التجویدیة فی هذه المسابقات وفی بعض المسابقات أیضاً شارکت کضیف شرف.
وفی ختام حدیثه مع إکنا، أشار الی میزات المسابقات القرآنیة، مبیناً: أن المسابقات تنمی المحبة فی قلوب الدول وتجمع قلوب الناس. لقد حضرت فی ایران 5 مسابقات وشهدنا أن هذه المسابقات تجمع بین المسلمین ونستطیع أن نقول ان جمیع الدول من باکستان، الصومال، نیجیریا، وایران نفسها، کلهم یجتمعون علی کلمة لا اله الا الله وکلهم یجتمعون علی حب الحسن والحسین (علیهما السلام)، والکلام اللطیف وکل واحد منهم یقرؤون القرآن بلغة واحدة، فهذا الامر یجعل فی قلوب الناس الثقافة العالیة، وحب الاطلاع، والوصول الی القرآن بالتعلم.
ویشار الى أنه یدخل فن الابتهالات والتواشیح ضمن أنواع المدائح المختلفة ما بین الشعر الصوفی أو الدینی أو الدعاء أو الحِکم، وتکون التواشیح الدینیة بین الشیخ وبطانته، أما الابتهالات فتکون بالارتجال والألحان الفوریة، والغناء الدینی یکون إما بالعربیة الفصحى وإما بالعامیة، وأیضا المدیح الشعبی الدینی الذی ینتشر فی صعید مصر والأقالیم.
وعن مفردات الابتهالات فهی تتکون من النص والصوت الحسن والنغم والارتجال، ومعظمها ینتمی إلى أشعار مأثورة، وهی تواشیح وأشعار تتضمن العبر من سیرة النبی صلى الله علیه وآله وسلم، إضافة إلى أن بعض الابتهالات هی من أشعار شاعر الرسول حسان بن ثابت أو من أشعار الصحابی عبد الله بن رواحة.
وتعنی کلمة ابتهال ـ فی اللغة العربیة ـ الخشوع والتضرع إلى الله لطلب العون، والتقرب إلیه بالدعاء والرجاء، أما التوشیح فهو نوع من الشعر استحدثه الأندلسیون، وله أشکال مختلفة لا یتقیّد فیها النَّاظم بقافیة واحدة، وغالبا ما ینتهی إلى 7 أبیات، وقد سُمّی کذلک لأنه یشبه الوشاح بأشکاله وتطاریزه.
وهناک فرق أیضا بین الإنشاد والابتهال، فالابتهال یکون دون آلات موسیقیة ویعتمد على التنوع فی مخاطبة الناس من خلال مقطوعات قصیرة کذکر أوصاف النبی(ص) ثم الانتقال منها إلى الهجرة وهکذا، بینما یصاحب الإنشاد الآلات الموسیقیة، ویکون بقصیدة شعریة کاملة، حیث إن الشعر الصوفی لا یترک فراغا بین المنشد والمستمع.