وأفادت وکالة الأنباء القرآنیة الدولیة(إکنا) أنه کشفت دراسة میدانیة موسعة لمؤسسة "بیرتلسمان" الألمانیة البحثیة عن تفاقم مفزع فی نظرة المواطنین الألمان تجاه الإسلام، رغم جهود المسلمین القویة للاندماج بالمجتمع الألمانی، واعتبرت المؤسسة أن التقاریر الإعلامیة السلبیة لعبت دورا کبیرا فی انتشار الأحکام النمطیة السلبیة والتصورات العدائیة حول الإسلام ومسلمی البلاد.
وذکرت الدراسة أن 57 فی المئة من الألمان ینظرون إلى الإسلام کتهدید أو تهدید شدید لهم، فی حین قال 61 فی المئة إن الإسلام لا یتلاءم مع العالم الغربی، بینما عبر 45 فی المائة عن إحساسهم بأنهم باتوا أغرابا فی بلدهم بسبب المسلمین، وطالب 29 فی المئة بحظر هجرة المسلمین لألمانیا.
وتحلل مؤسسة بیرتلسمان التی تعد من أهم مراکز البحث الألمانیة بشکل دوری فی دراساتها دور الدین فی ألمانیا ودول مختلفة، ورکزت الدراسة هذا العام على استطلاع رأی شریحة تعبر عن آراء ألمان من کافة الشرائح والأعمار والمستویات التعلیمیة والمجتمعیة حول محورین، المحور الأول هو رؤیتهم للإسلام إن کان یمثل إثراء أو تهدیدا للمجتمع، واهتم المحور الثانی بمسألة تأیید أو معارضة المستطلعین لعبارة "الإسلام یتوافق مع العالم الغربی".
وکشفت الدراسة عن مفارقة، وهی اختلاف معدلات رفض الإسلام والنظر إلیه کتهدید بین منطقة وأخرى بألمانیا، وأوضحت أن هذا الرفض بلغ قمة مستویاته شرقی ألمانیا حیث وصل نسبة 78 فی المئة فی ولایة سکسونیا، و70 فی المائة فی تورینغین حیث لا یعیش سوى عدد بسیط من المسلمین.
وأشارت إلى أن أقل مستویات التصورات العدائیة تجاه الإسلام جاءت بمناطق غربی البلاد التی تتزاید فیها کثافة المسلمین، وذکرت أن أدنى هذه المعدلات بلغت 46 فی المئة فی ولایة شمال الراین حیث یعیش أکثر من ملیون مسلم، یمثلون نحو ربع تعداد مسلمی ألمانیا.
ولفتت الدراسة لعدم وجود فارق بین سکان شرق وغرب ألمانیا فی شعورهم بالغربة فی بلدهم وسط المسلمین، وقالت إن 46 فی المئة من أصحاب المؤهلات التعلیمیة العلیا الذین تقل نسبة رفض الإسلام بینهم، اعتبروا أن هذا الدین یمثل تهدیدا أو تهدیدا شدیدا لهم، فی حین رأى 40 فی المئة من ذات الفئة أن الإسلام لا یتوافق مع العالم الغربی.
وصنفت دراسة بیرتلسمان غیر الراضین عن حیاتهم کأکثر الفئات الرافضة للإسلام بین الألمان، وذکرت أن التصورات العدائیة تجاه الإسلام تمثل لهذه الشریحة وسیلة لتفریغ السخط.
وقالت الدراسة إن التغطیات الإعلامیة السلبیة المنحازة أسهمت، بشکل کبیر، فی تزاید الأحکام الجزافیة المسبقة والتصورات العدائیة تجاه الإسلام، حیث ربطت 80 فی المئة من تقاریر ومواد المجلات الألمانیة الإسلام بالإرهاب والأزمات العالمیة والتعصب الدینی واضطهاد النساء ومشکلات الاندماج.
واعتبرت الدراسة أن المساعی القویة لمسلمی ألمانیا للاندماج بمجتمعهم، واعترافهم بمرجعیة الدستور وقوانین البلاد لم یکن له تأثیر یُذکر على انتشار التصورات العدائیة حول دینهم.
وأشارت إلى أن ارتباط مسلمی ألمانیا القوی بدولتهم ومجتمعهم بدا فی اعتبار 90 فی المئة ممن یعتبرون أنفسهم مسلمین متدینین أن الدیمقراطیة تعتبر نظاما جیدا للحکم، وتأکید هذه الفئة على وجود علاقة لهم مع أصدقاء ومعارف من غیر المسلمین.
وفی هذا الصدد قال کای أونتسیکر، رئیس مجموعة البحث بمؤسسة بیرتلسمان إن الدراسة دللت على أن صورة الإسلام السلبیة عند الألمان لا علاقة لها بالحقیقة، لأن أکثریة مسلمی البلاد یعیشون حیاة طبیعیة مسالمة.
وأشار أونتسیکر إلى أن الدراسة کشفت عن واقع مفزع هو تنامی العداء للإسلام فی السنوات الأخیرة بشکل غیر مبرر لا علاقة له بالتطور الإیجابی للمسلمین، ودعا لتعاون السیاسة والمجتمع لتعزیز واقع قائم وناجح للتعایش السلمی بین المسلمین وغیرهم فی ألمانیا. وفی نفس الاتجاه، اعتبرت المشرفة على الدراسة یاسمین المنور أن هناک حاجة لثقافة اعتراف ومساواة قانونیة للإسلام.
المصدر: العرب أونلاین