وأفادت وکالة الأنباء القرآنیة الدولیة(إکنا) أنه أعلن الدکتور محمد مختار جمعة وزیر الأوقاف المصری، توصیات مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامیة، فى ختام مؤتمره الرابع عشر بعنوان "عظمة الإسلام"، حیث أکد أن الإسلام دین یکفل حریة الاعتقاد؛ و"لا إکراه فى الدین"، وأنه یساوى بین الناس فى المواطنة والحقوق والواجبات على اختلاف معتقداتهم دون تمییز، وأن عماده العدل والرحمة وصیانة القیم والدفاع عنها، وقبول التنوع واعتباره سر الکون، کما یحرم الاعتداء على الدماء والأعراض والأموال إلا رداً لعدوان ظاهر على الدولة، ووفق ما یقرره رئیسها والجهات المختصة بذلک فیها، إذ إن إعلان الحرب دفاعاً عن الأوطان، إنما هو حق للدولة وفق ما یقرره دستورها ورئیسها ولیس حقًا للأفراد.
وأضافت التوصیات أنه یحترم العقل أداة للفکر الصحیح، ویُشبع الوجدان، ویُغذّى المشاعر، ویُعانق بین الدنیا والآخرة، وکل تصرف على غیر ذلک مجاف لصحیح الإسلام.
ومن ضمن التوصیات التى تم إعلانها، أن الإسلام برىء مما یرتکبه بعض المنتسبین إلیه من التکفیر، وترتیب بعض الأفعال الإجرامیة علیه من ذبح وحرق وتمثیل وتدمیر وتخریب، إذ هو افتئات على حق الله المتفرد بالعلم بما فى قلوب عباده، کما أنه افتئات على حق ولى الأمر، لا یصح أن یحتج على الإسلام بأخطاء بعض المنتسبین إلیه، ولا بسوء فهمهم له، أو انحرافهم عن منهجه.
کما أکدت التوصیات على جمیع أتباع الدیانات النظر إلى الأدیان الأخرى بمعیار موضوعى واحد دون تحمیلها أخطاء بعض أتباعها، وتوظیف بعض المنتسبین للإسلام الدین لأغراض نفعیة أو سلطویة إساءة إلیه، وإجرام فى حقه.
وأشارت التوصیات إلى أن المجتمعین من العلماء والمفکرین والباحثین والکتّاب أجمعوا على إنکار طرد الناس من أوطانهم، أو هدم دور عباداتهم، وسبى نسائهم، واستباحة أموالهم، بسبب اختلاف دینهم تحت مسمى الدولة الإسلامیة أو أى مسمى آخر، والإسلام برىء من کل هذا.
کما نصت التوصیات على أن المجتمعین على تحریم ازدراء الأدیان لما فیه من اعتداء على مشاعر أتباعها ولما ینشأ عنه من تکدیر السلم الاجتماعى والإنسانى العام، وما یترتب علیه من إشاعة الفتنة والعنف وصدام الحضارات.
وأوضح وزیر الأوقاف المصری أن المجتمعین أجمعوا على تصحیح المفاهیم الآتیة:
أ- الإرهاب، وهو الجریمة المنظمة التى یتواطأ فیها مجموعة من الخارجین عن نظام الدولة والمجتمع، وینتج عنها سفک دماء بریئة أو تدمیر منشآت أو اعتداء على ممتلکات عامة أو خاصة.
ب- الخلافة: وصف لحالة حکم سیاسى متغیر یمکن أن یقوم مقامها أى نظام أو مسمى یحقق مصالح البلاد والعباد وفق الأطر القانونیة والاتفاقات الدولیة.
وما ورد فیها من نصوص یحمل على ضرورة أن یکون هناک نظام له رئیس ومؤسسات حتى لا یعیش الناس فى فوضى، فکل حکم یحقق مصالح البلاد والعباد ویقیم العدل فهو حکم رشید، وعلیه فلا حق لفرد أو جماعة فى تنصیب خلیفة أو دعوى إقامة دولة خلافة خارج أطر الدیمقراطیات الحدیثة.
ج- الجزیة: اسم لالتزام مالى انتهى موجبه فى زماننا هذا وانتفت علته بانتفاء ما شرعت لأجله فى زمانها، لکون المواطنین قد أصبحوا جمیعاً سواء فى الحقوق والواجبات، وحلت ضوابط ونظم مالیة أخرى محلها، مما أدى إلى زوال العلة.
وما ورد فى القرآن الکریم من حدیث عنها یحمل على فى الأعداء المحاربین والمعتدین الرافضین للمواطنة، ولیس فى المواطنین المسالمین المشارکین فى بناء الوطن والدفاع عنه.
د- دار الحرب: مصطلح فقهى متغیر، وقد أصبح فى وقتنا الحاضر لا وجود له بمفهومه المصطلحى القدیم فى ظل الاتفاقات الدولیة والمواثیق الأممیة، ولا یُخِلُّ تغیره بالتأکید على حق الدول فى استرداد أرضها المغتصبة، وأخصها حقوق الشعب الفلسطینى، والشرع یوجب الوفاء بالعقود، وعلیه فلا هجرة من الأوطان بدعوى الانتقال لدار الإسلام.
هـ - المواطنة: تعنى أن یکون المواطنون جمیعاً سواء فى الحقوق والواجبات داخل حدود دولهم.
و- الجهاد: رد العدوان عن الدولة بما یماثله دون تجاوز أو شطط، ولا مجال للاعتداء ولا حق للأفراد فى إعلانه، إنما هو حق لرئیس الدولة والجهات المختصة بذلک وفق القانون والدستور.
ز- على المؤسسات العلمیة الدینیة وضع ضوابط التکفیر لتکون بین یدى القضاء، وبما یشکل وعیًا ثقافیا ومجتمعیا یمیز بین ما یمکن أن یصل بالإنسان إلى الکفر وما لا یصل به إلیه.
أما الحکم على الأفراد أو المنظمات أو الجماعات فلا یکون حقا للأفراد أو المنظمات أو الجماعات، وإنما یکون بموجب حکم قضائى مستند على أدلته الشرعیة والضوابط التى تضعها المؤسسات الدینیة المعتبرة، حتى لا نقع فى فوضى التکفیر والتکفیر المضاد.
مع التأکید أن استحلال قتل البشر أو ذبحهم أو حرقهم أو التنکیل بهم من قبل الأفراد أو الجماعات أو التنظیمات یُعَدَّ خروجا عن الإسلام.
ح- الحاکمیة: تعنى الالتزام بما نزل من شرع الله وهذا لا یمنع احتکام البشر إلى قوانین یضعونها فى إطار مبادئ التشریع العامة وقواعده الکلیة، وفقاً لتغیر الزمان والمکان ولا یکون الاحتکام لتلک التشریعات الوضعیة مخالفا لشرع الله ما دام أنه یحقق المصالح العامة للدول والشعوب والأفراد والمجتمعات.
کما جاء فى التوصیات، ضرورة تطویر الخطاب الإسلامى بحیث یکون خطاباً متوازناً یجمع بین العقل والنقل، ومصلحة الفرد والمجتمع والدولة، ویسوى بین الرجل والمرأة فى الحقوق والواجبات، ویکون قادراً على محاربة کل ألوان التطرف والغلو والتسیب والإلحاد، مع إقامة مرصد دائم بکل لغات العالم تکون مُهمّتُه رصد أخطاء بعض المنتسبین للإسلام والرد علیها بالحجة والبرهان، بحیث یربط بین جمیع الهیئات والمؤسسات الإسلامیة فى العالم.
ویجب إعادة النظر فى مناهج الدراسة الدینیة والثقافیة فى المؤسسات التعلیمیة فى العالم العربى والإسلامى، وتنقیتها من المسائل المرتبطة بظروف تاریخیة وزمانیة ومکانیة معینة، مما یتطلب إعادة النظر فیها وفق ظروفنا وزماننا ومکاننا وأحوالنا بما یؤدى إلى نشر ثقافة التسامح، وتکوین العقل بما یجعله قادراً على التفکیر وإنزال الأحکام الشرعیة على المستجدات والنوازل من غیر مجافاة للواقع أو التضارب معه، على أن توضع هذه التوصیة تحت نظر اجتماع القمة العربیة المقبلة.
وطالب المجتمعون بتفعیل ما نادى به رئیس الجمهوریة وراعى المؤتمر الرئیس عبد الفتاح السیسى بضرورة قیام الدول العربیة بتشکیل قوة ردع عربیة مشترکة لمقاومة الإرهاب، وطالب المجتمعون باتخاذ خطوات عربیة وإسلامیة باتجاه تکوین تکتلات سیاسیة واقتصادیة وفکریة وثقافیة فى ظل جامعة الدول العربیة ومنظمة التعاون الإسلامى، بما یجعل منها مجتمعة رقما صعبا یصعب تجاوزه أو الافتئات علیه فى المحافل الدولیة، أو التکتلات الاقتصادیة العالمیة، أو الغزو الفکرى والثقافى لأبناء أمتنا العربیة والإسلامیة، والتنسیق بین الوزارات المعنیة بالثقافة والتربیة، بحیث تعمل وزارات الأوقاف، والتربیة والتعلیم، والتعلیم العالى، والثقافة، والشباب، کفریق عمل، على أن یقوم الإعلام بدوره فى تأصیل القیم.
التوصیة بالاهتمام البالغ تدریبًا وتثقیفًا واستخدامًا لعوامل التواصل الحدیثة والعصریة، وخاصة فى المؤسسات الدینیة والفکریة والثقافیة.
ووافق المجتمعون على تشکیل لجنة متابعة لتنفیذ التوصیات تجتمع کل أربعة أشهر وتُصدر بیاناً یُرسل إلى جمیع المشارکین ولوسائل الإعلام المختلفة، للوقوف على ما یتم تنفیذه.
المصدر: بوابة الفجر الالکترونیة