وأفادت
وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) أن "أبا بكر جومي"، قاض وعالم إسلامي نيجيري بارز شغل العديد من المناصب الدينية الرفيعة، وعرف على نطاق واسع عندما ترجم معاني القرآن الكريم إلى لغة الهوسا التي يتكلمها عشرات الملايين في أفريقيا.
المولد والنشأةولد أبو بكر محمود بن محمد جومي عام 1922 في قرية جومي التابعة لولاية سوكتو بالشمال الشرقي لنيجيريا والمعروفة حالياً بزامفرا. وينتمي جومي لعائلة من قبائل الهوسا المسلمة. وقد نشأ في وسط علمي متدين حيث كان والده قاضياً ورجل علم.
الدراسة والتكوينودرس القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربية والفقه على والده، ثم تتلمذ على الشيخ جنيد بن محمد البخاري الوزير، وزعيم الطريقة القادريّة الشيخ ناصر الدين كبرا، والشيخ معلم شيهو يابو. وأخذ عن المقرئ اللبناني سعيد ياسين رواية حفص عن عاصم للقرآن الكريم.
وخلال دراسته في المرحلة الابتدائية تعلم اللغتين العربية والإنجليزية، ولاحقاً حصل على شهادة المعلّمين، ثم التحق بالمدرسة الوطنية للطلبة الموهوبين لأبناء شمال أفريقيا.
كما درس بكلية القضاء بمدينة كانو (شمالي نيجيريا) وتخرّج منها عام 1947، وتوجه إلى السودان فنال شهادة الدبلوم العالي في القضاء الشرعي عام 1955.
الوظائف والمسؤوليات
وبدأ مساره الوظيفي في قطاع التعليم، ثم عمل قاضياً بالمحاكم الشرعية، وعاد لاحقاً للتدريس فعمل أستاذاً بمدرسة العلوم الشرعية بكانو عام 1951، كما مارس التدريس في مدينة مرو.
ثم عاد إلى مجال القضاء فعيّن نائباً لقاضي القضاة الشرعيين لإقليم شمال نيجيريا، وتمت ترقيته لشغل منصب قاضي القضاة، وظل في هذا المنصب حوالي عشر سنوات.
كما تولى منصب المستشار الديني لرئيس وزراء إقليم شمال نيجيريا في عهد الزعيم أحمدو بيللو.
وعين مديراً عاماً لمجلس الشورى للشؤون الدينية بإقليم شمال نيجيريا حيث طبقت حينها قوانين الشريعة الإسلامية في المنطقة. وترأس الهيئة الوطنية لشؤون الحج والحجاج. وفي عام 1976 عين جومي مفتياً عاماً لنيجيريا.
التجربة العلميةوتميز مسار الشيخ جومي بالثراء، فقد غطت أنشطته واهتماماته جوانب عدة، فشغل العديد من المناصب الدينية المهمة، ونشط في مجال الدعوة والتعليم، وسجل حضوره في ميدان السياسة بكفاحه ضد المستعمر الإنجليزي ومعارضته للأنظمة العسكرية ودعوته لتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد.
من خلال مكانته العلمية وعمله في مجال القضاء بذل جهداً كبيراً في تنظيم المحاكم وتطبيق الشريعة الإسلامية.
وتقول المصادر إنه تعاون مع الزعيم النيجيري أحمدو بيللو في إنشاء منظمة "جماعة نصر الإسلام". وشارك في المؤتمرات العلمية والندوات الفكرية الإسلامية.
وتجسدت مكانته العلمية في شغله أهم المناصب الدينية في نيجيريا، فقد تقلّد منصب قاضي القضاة لعشر سنوات بإقليم الشمال، ثم عمل مستشاراً دينياً لرئيس وزراء الإقليم. وفي عام 1976 عين مفتياً عاماً لنيجيريا.
وإلى جانب مناصبه الرسمية، نال جومي عضوية المجمع الفقهي بمكة المكرمة، ومجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، والمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، والمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
وتأثر بنهج الشيخ عثمان بن فودي، فاعتنى بنشر الإسلام وحضارته في بلاد الهوسا وغرب أفريقيا.
ورغم أنه تتلمذ على بعض المربين الصوفيين في صغره، فإن جومي سار على نهج الحركة السلفية، وكان يعتبر زعيم السلفيين في نيجيريا.
واهتم بمحاربة "مظاهر البدع في العبادات"، وتصدى لما يسميها مغالطات وتجاوزات وشطحات غلاة الصوفية.
ومن أهم إسهاماته الدعوية ترجمته كتاب معاني القرآن للشيخ عثمان بن فودي إلى لغة الهوسا، وقد استغرق في هذا العمل ما يزيد عن سبع سنوات. وكان بذلك أول عالم أفريقي يقيم جسراً للتواصل بين القرآن الكريم واللسان الهوساوي.
وقد طبع الكتاب في مجمع الملك فهد بن عبد العزيز لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة عام 1987.
ويكتسي هذا الكتاب أهميته من كونه أول ترجمة للقرآن إلى لغة الهوسا التي يتكلمها ملايين الأفارقة.
وتقول المصادر إن الملاين من شعب الهوسا في نيجيريا وغيرها تأثروا بالكتاب إلى حد أن بعض العلماء والكتّاب أطلقوا على جومي لقب "ترجمان القرآن الأفريقي".
سياسياً، انتقد جومي بشدة النظام العسكري في نيجيريا وخصوصا خلال حكم الجنرال إبراهيم بابا أنجيدا الذي امتد من عام 1885 حتى 1993. وبشكل عام كان جومي معارضاً قوياً للأنظمة العسكرية بنيجريا وأفريقيا.
المؤلفاتومن مؤلفاته: العقيدة الصحيحة، ومناسك الحج والعمرة، والإسلام والأفكار الهدامة، والإسلام ونواقضه، ومراتب الإسلام، وقضايا في الاقتصاد والتعامل مع البنوك الربويّة، والورد العظيم في الأحاديث والقرآن الكريم. وفسر القرآن في كتاب سماه "رد الأذهان إلى معاني القرآن".
الأوسمة والجوائزحصل الشيخ أبو بكر جومي على العديد من الأوسمة والجوائز التقديرية، منها الدكتوراه الفخرية من جامعتي أحمدو بيللو في زاريا بشمال نيجيريا، وإبادن بجنوب نيجيريا. ومنحه رئيس وزراء شمال نيجيريا وسام الدرجة العثمانية، كما منحته الحكومة النيجيرية جائزة الدولة التقديرية.
وفي عام 1987 فاز بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام تقديراً لإنجازاته الفكرية والعلمية ونشاطه الدعوي في القارة الأفريقية.
الوفاةوفي 11 سبتمبر/أيلول 1992 توفي أبو بكر محمود بن محمد جومي في العاصمة البريطانية لندن عن عمر ناهز السبعين عاماً.
المصدر: bwabtk.com