وقال الباحث الاجتماعي والخبير الايراني في الشؤون الدينية الفقيد "الدكتور عماد أفروغ" في المحاضرة الـ 29 من سلسلة محاضراته حول نهج البلاغة لدى شرحه الخطبتين 190 و 193 من نهج البلاغة حيث حاضر حول صفات المتقين.
وقال الإمام علي (ع) في الخطبة الـ190 من نهج البلاغة في وصف المتقين "كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا زَاكِيَةً وَأَعْيُنُهُمْ بَاكِيَةً وَكَانَ لَيْلُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً وَاسْتِغْفَارًا وَكَانَ نَهَارُهُمْ لَيْلًا تَوَحُّشاً وَانْقِطَاعاً".
وقال إن الخطبة 193 من نهج البلاغة والتي تُعرف بخطبة "همام" يصف فيها الإمام علي (ع) المتقين قوله "فَالْـمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ: مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ، وَمَلْبَسُهُمُ الاقْتِصَادُ([2])، وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ. غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَوَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَـهُمْ. نَزَلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلاَءِ كَالَّتِي نَزَلَتْ فِي الرَّخَاءِ([3]). وَلَوْلَا الأجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِم لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ، شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ، وَخَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ. عَظُمَ الْـخَالِقُ فِي أنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ، فَهُمْ وَالْـجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا، فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ، وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا، فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ".
ويقول(ع) في الخطبة أيضاً " لاَ يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَلِيلَ، وَلا يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ، فَهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ، وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ. إِذَا زُكِّيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي، وَرَبِّي أَعْلَمُ مِنِّي بِنَفْسي! اللَّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، وَاجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ".
کما جاء في الخطبة الـ193 من نهج البلاغة " إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيمَا تَكْرَهُ لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيمَا تُحِبُّ قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيمَا لَا يَزُولُ وَ زَهَادَتُهُ فِيمَا لَا يَبْقَى يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ وَ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ". "إِنْ صَمَتَ لَمْ يَغُمَّهُ صَمْتُهُ وَ إِنْ ضَحِكَ لَمْ يَعْلُ صَوْتُهُ وَ إِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْتَقِمُ لَهُ؛ نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ أَتْعَبَ نَفْسَهُ لِآخِرَتِهِ وَ أَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ؛ بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ زُهْدٌ وَ نَزَاهَةٌ وَ دُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَ رَحْمَةٌ لَيْسَ تَبَاعُدُهُ بِكِبْرٍ وَ عَظَمَةٍ وَ لَا دُنُوُّهُ بِمَكْرٍ وَ خَدِيعَةٍ".