وتصادف اليوم العاشر من محرم الحرام يوم عاشوراء، ذكرى استشهاد الامام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه الابرار في معركة كربلاء وبهذه المناسبة الأليمة أجرت مراسلة وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية في لبنان، "الإعلامية ريما فارس" حواراً مع الباحثة الاسلامية اللبنانية والناشطة الاعلامية والشقيقة للأمين العام السابق لحركة حزب الله اللبنانية "الأستاذة هدى الموسوي".
فيما يلي نصّ الحوار:
ما هي أهم الدروس و العِبَر التي يمكن استخلاصها من نهضة عاشوراء؟
من أهم تعاليم الدروس والعِبر من النهضة الحسينية هي التسليم أمام التكليف، فمِن أهم مشاهد عاشوراء هي التسليم قبال التكليف الإلهي، و هذا من أعظم الدروس التي خلّفها لنا سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام أنه قِبال التكليف الإلهي حيث لا نقاش و لا جدال.
فالحسين عليه السلام بكُلّه سلّم روحه ونفسه وعياله للّه تعالى ولم يتوانى للحظة واحدة أمام التكليف الإلهي. و هذا من أهم الدروس، حينما نتصفّح بالتاريخ فإنّا نرى ثورات تلوَ ثورات بعد شهادة الحسين عليه السلام، مثلًا *ثورة التوّابين* لم يُخلّد ذكراها ولم تأتي أُكُلها كلّ حين، ما السبب؟ لأنّها لم تكن في الوقت المطلوب، و هذا هو الفرق بين شهداء التوّابين وشهداء الحسين عليه السلام. فشهداء كربلاء استشهدوا في لحظة أداءهم للتكليف الإلهي، وهذا هو الأساس. إذًا فالتكليف هو الأساس الذي يساهم في صياغة الإنسان و ترقّيه في سُلّم الكمال.
ماذا يقصد الإمام الخميني (قدس) بعبارة "كلّ ما عندنا من عاشوراء" ؟
عاشوراء هي نهضةٌ إلهيّةٌ ومحطةٌ قرآنيّة تحوي تعاليم الإسلام بكل أبعاده التربوية والدينية والأخلاقية والفكرية والسياسية، بكل صُورِها السماوية الناصعة تحمل رسالةً لكلِ البشريّة، و ذلك لأخذ الدروس والعِبَر لمعرفة وتبصرة الطريق للوصول إلى اللَّه تعالى من خلال الإلتزام والعمل بتعاليم الإسلام، فالحسين عليه السلام حينما أدرك خطورة الأمر بأنّ الإسلام المحمديّ لا يستقيم إلا بقتله. فلولا دماء الحسين و شهادته لاندثر الإسلام ولما تحقّق حلم الأنبياء. فشهادة الحسين(ع) كانت هي الضمان لبقاء الإسلام وكل البركات التي نتنعّم بها وهذه الإنتصارات كلها من بركات عاشوراء، كما قال بعضهم، لذا نجد أنّ *الإسلام محمّديُّ الوجود .. حُسيّنيُّ البقاء.
ما هي دروس عاشوراء بمفهومها الثوري من منظور قائد الثورة الاسلامية الايرانية الامام الخامنئي؟
إن القائد المفدّى يعتبر أنّ دروس عاشوراء تركت أثراً عميقاً في رجال البلاد ونسائها وليس محصوراً في بلاد إيران فحسب بل بلغ صداه إلى كل أحرار العالم، هذه الدروس أسهمت في شحذ الهمم واستنهاض الأمم، حتى وصلت النهضة الحسينية إلى ذروتها، فباتت تُلهم شعباً عظيماً مُسطّراً للملاحم والبطولة، هذه المجالس شرّعت أمام الجيل الثوريّ في إيران أبواب دروس الإيمان والتضحية والإيثار وطلب الشهادة والبصيرة ومعرفة العدوّ والصبر والمقاومة من خلال الخُطب والتحاليل.
ما هو تأثير إقامة مجالس العزاء التي تقام في الحسينيات والجوامع والمنازل؟
هذه المجالس ساعدت على توعية و تثقيف الأمّة من كل الجوانب وعلى كل المستويات السياسية والعسكرية والدينية، فكانت مفتاح كل الثورات ضد الظالمين. هذه النهضة بلغ صداها لكل العالم والسرّ في ذلك هو (حبّ الحُسين عليه السلام) الذي اجتاح قلوب الأمة بما قدّمه من تضحيات جمّة في سبيل الله و من أجل إصلاح الأمّة وإنقاذها من حيرة الجهالة إلى نور الهداية ليُظهِر دين الحقّ كلّه ولو كره المُشركون.
وهذه المجالس صوّبت مسار الأمة، أورثتنا العزّة و الكرامة، ثورة الحسين(ع) علّمتنا معنى الحياة ومعنى العبوديّة الحقّة للّه ومعنى التضحيّة ومعنى الإيثار وعدم الخوف إلّا من اللّه تعالى، أحيَت قلوبنا حتى جعلتنا نُبصر طريقتا نحو طريق الحق الذي رسمه لنا الإمام الحسين(عليه السلام).
ما هو الهدف من الهتاف بشعار "يا لثارات الحسين"؟
والهدف هو لزوم نصرة المظلوم على مرّ التاريخ ومقارعة الظالم وهذه وصية سيّد البلغاء وإمامُ الأتقياء "عليّ ابن أبي طالب" (عليه السلام ) "كونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً"، "الحسين" (عليه السلام) جسّد هذا المفهوم بتقديم نفسه وعياله وأطفاله بحيث بذل مهجته من أجل نصرة الحق ونصرة المظلوم وهذا الشعار يبقى قائماً ومستمراً حتى ظهور الحجّة المهديّ عجل الله فرجه الشريف، شُعلته لا تنطفئ إلّا على يد الحجّة المهديّ لأنّ الحسين(ع) هو ثار اللّه و ابن ثاره، و الحسين(ع) لم يبخل على اللّه بشيء، فالّذي يثأر للحسين هو اللّه و يتحقّق ذلك على يد مولانا الحجّة المهديّ عليه السلام.
كيف أسهمت ملحمة عاشوراء في تعزيز مفهوم الجهاد والشهادة في الثقافة الإسلامية؟
إنّ شهادة الحسين عليه السلام في كربلاء صنعت أجيالاً مُقاوِمةً لا يهابون الموت، وهذه الثورة الحسينية حينما ندرسها من كل جوانبها فإنّا نلاحظ مدى تأثيرَها على مسار الأمة والأمم وكل أحرار العالم حتّى الذين لا يعرفون حقيقة الإسلام مثل *غاندي* الذي قال: " تعلّمتُ من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر." هذا الشعار الذي أطلقه الحسين عليه السلام "هيهات منّا الذلّة" و هو وحيد بين جيش لا يُعدُّ قوامه جعل في كل بيت اسم الحسين و صوت الحسين، و هذا ما جعل محور المقاومة في كل الميادين والساحات وعزّز قدراته وإمكانيّاته حتى تنامى وتعاظم هذا المحور بإسم سيّد الأحرار وسيّد الشهداء الحسين عليه السلام، وهؤلاء الشباب المجاهدين نراهم اليوم يتسابقون لنيْل الشهادة وما كان ذلك إلّا بالثقافة الحسينية المتجذّرة في قلوبهم حتى أصبح هذا الحب نبضًا حيًّا ومفهومًا ونهجًا وطريقًا ودمه يصرخ ويدوّي نداؤه فينا إمّا النّصر و إمّا الشهادة.