ایکنا

IQNA

قاعدة إختلال النظام في مواجهة تلوث الهواء

16:18 - January 26, 2025
رمز الخبر: 3498731
قم المقدسة ـ إکنا: إن لفقه الإسلام قاعدة عظيمة تُعرف بـ«قاعدة اختلال النظام»، قاعدة سامقة شامخة، تنبض بالحكمة الباهرة، وتفيض بأسرار الفقه الزاهرة، تتجلى فيها أنوار الشريعة الساطعة.

 إن لفقه الإسلام قاعدة عظيمة تُعرف بـ«قاعدة اختلال النظام»، قاعدة سامقة شامخة، تنبض بالحكمة الباهرة، وتفيض بأسرار الفقه الزاهرة، تتجلى فيها أنوار الشريعة الساطعة، وتنساب منها ينابيع الفهم العميقة النابعة، قاعدة تحتضن في طياتها البعد الفقهي العريق، وتشع برؤية واقعيةٍ تسطع كالنجم العتيق. دلالاتها جسيمة تشرع أبواب الحلول لمعضلات العصر وتزيل غيوم الحيرة عن أفق المسائل البيئية.

ومن أبرز قضاياها الحديثة ما يتعلق بتلوث الهواء، ذاك الداء العاصف والبلاء الزاحف، الذي يعد من أظهر مظاهر اختلال النظام، وأبين دلائل الخلل في ميزان الحياة والانسجام.
 
تأثير القاعدة وعمق دلالتها
 
وتنص هذه القاعدة الراسخة على أن أي اختلال يضرب في عمق النظام الحياتي سواء كان اجتماعياً أو اقتصادياً أو بيئياً يوجب النظر في تحريم أسبابه وإبطال مسبباته فإذا كان فعل ما كإطلاق الأدخنة وتلويث الأجواء يزعزع استقرار الحياة ويخل بميزانها فإن الشرع يحرمه وينبذه لأن النظام حياة والاختلال ممات.

فإذا كان تلوث الهواء يسبب اضطراباً جسيماً في حياة الناس ونظامهم المعاشي، فلا مفر من قبول اعتباره شرعاً فعلاً محرماً.
 
 تلوث الهواء ضرب للنظام وتهديد للأنام
 
إن تلوث الهواء في ظاهره دخان وفي باطنه طوفان لا يفتأ يلقي بظلاله القاتمة على الصحة والأمان ويضعف كيان الأبدان والأذهان فحين يتلوث الهواء يختنق النفس وتنهك الأنفس ويصبح الإنسان أسيراً بين جدران المرض والأسقام وما إن تثقل كاهل الأفراد أعباء العلل حتى تتهاوى الأنظمة الصحية وتتعطل عجلات الاقتصاد وتصاب الحياة الاجتماعية بخلل يربك الميزان ويهدد الأركان أيتُرى، كيف يستقيم العيش ونسمات الهواء قد امتلأت سموما؟ أو كيف يهدأ الفؤاد تحت وطأة ضيق الأنفاس؟
 
المسؤولية واجب جامع وعبء مانع
 
فالحفاظ على نقاء الهواء وصفاء الأجواء ليس خياراً يترك لهوى النفوس بل هو فريضة تلزم الجميع من الساعي في الأرض إلى الحاكم في القصر ومن صاحب المصنع إلى الفلاح في الحقل كل مسؤول وكل مطالب فكما للإنسان حق في الحياة عليه واجب في حماية أسباب الحياة.

لذا، فإن مواجهة هذه الكارثة ليست شأناً محصوراً بالحكومات أو المؤسسات، بل هي عبء مشترك يلقى على عاتق الجميع. من أصحاب المصانع إلى العمال، ومن المزارعين إلى السكان. كل فرد في المجتمع مسؤول عن اتخاذ خطوة تسهم في إنقاذ البيئة من هذا البلاء.
 
 البيئة منظومة شاملة: تجاوز النظر الضيق إلى الرؤية الكلية
 
إن البيئة بأرضها وهوائها ومائها أمانة ملقاة على عاتق الإنسان فإن هدم ركنا منها اختلت أركان الكون وإن أفسد عنصرا من عناصرها تفاقمت الأخطار وتقطعت السبل.

فلا يصلح حال الحياة إلا بنظرة شاملة تدرك جمال التوازن في خلق الأكوان وعمل دؤوب يحفظ نقاء البيئة من يد التخريب والهوان.

 فلا يختصر الحفاظ على البيئة في صيانة الهواء فحسب، بل تشمل الماء والتربة وكل عنصر من عناصر الطبيعة. وإن تدمير أي منها يؤدي إلى خلل في نظام الحياة. أفلا يستدعي هذا واقعا حتميا يفرض علينا أن ننظر إلى البيئة بنظرة شاملة عميقة تراعي كليتها وتجمع بين أجزائها؟
 
 تأثيرات التلوث في الأبعاد الحياتية المختلفة

أ) الصحة الفردية والأسرية

إن التلوث لا يلحق الأذى بصحة الأفراد فحسب بل يلقي بظلاله القاتمة على الأسر فيربك استقرارها ويثقل كاهل أفرادها ويزرع الشقاء في ربوعها فإذا مرض فرد بسبب هواء فاسد تعطلت مسارات الحياة للأسرة كلها وتحول البيت من مرفأ للأمان إلى ميدان للصراع مع الآلام.

ب) الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية

 لا يتوقف الضرر عند حدود الأسر بل يمتد إلى جسد المجتمع فتصاب أنظمته الصحية بالوهن وتتزايد التكاليف ويضطرب الاقتصاد ويصبح المستقبل رهينة لعواقب الإهمال.
 
بقلم الباحث في الدراسات القرآنية والأستاذ في الحوزة العلمية "آية الله الشيخ أحمد مبلغي"
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha