ایکنا

IQNA

جواهر علوية..

مَنْ عَمِلَ لِلْمَعادِ ظَفَرَ بِالسَّدادِ

22:32 - March 06, 2025
رمز الخبر: 3499289
بيروت ـ إکنا: إن النجاح الحقيقي، والفوز الأعظم، لا يتحققان من خلال الانغماس في الدنيا والانشغال بمتاعها الزائل، بل من خلال توجيه الأعمال والأهداف إلى الآخرة.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ عَمِلَ لِلْمَعادِ ظَفَرَ بِالسَّدادِ".
 
إن أردتَ أن تكون مسدداً في حياتك، رشيداً في خياراتك، مصيباً في قراراتك، فاعمل ليوم معادك، فإن العامل لمعاده ظافر لا محالة بالسَّداد، وهو إصابة القصد قولاً وعملاً، ولزوم الصواب، والتوسط في العمل الصواب بلا إفراط ولا تفريط، فلا يقصر الإنسان فيما أمر به، ولا يتحمل منه ما لا يطيقه، وهو حقيقة الاستقامة.
 
تلك هي المعادلة التي يذكرها الإمام (ع)، وهي تجمع بين النظر إلى الحياة الدنيا كمرحلة من مراحل وجود الإنسان وإلى الآخرة باعتبارها نهاية رحلة الإنسان والحياة الحقيقية، والعاقل هو الذي يعمل لما يبقى ويدوم، ويقدمه في الأولولية على سواه، ولذلك تدعونا هذه المعادلة إلى ترتيب أولوياتنا بحيث يكون العمل للآخرة هو الأساس الذي يرتكز عليه نجاحنا في الدنيا وفي الآخرة.
 
إن النجاح الحقيقي، والفوز الأعظم، لا يتحققان من خلال الانغماس في الدنيا والانشغال بمتاعها الزائل، بل من خلال توجيه الأعمال والأهداف إلى الآخرة، بحيث نرمي بأبصار قلوبنا إلى الآثار الأخروية لكل عمل نعمله هنا في الدنيا، فمن يركز جهده ونيته لما بعد الحياة الدنيا، ويسعى لعمل ما ينفعه في حياته الآخرة، فإنه يضمن الفوز بما أعده الله للعامل من جنان واسعة وارفة، ورضوان منه أكبر، وارتقاء إلى مقعد الصدق عند الله المليك المقتدر. 
 
"مَنْ عَمِلَ لِلْمَعادِ ظَفَرَ بِالسَّدادِ" منهج حياة يدعو الإنسان خصوصاً المؤمن إلى تركيز جهوده ونيته على الهدف الأسمى، ألا وهو الفوز برضا الله والتمتع بنعيم الآخرة، ويؤكِّد له أن النجاح الحقيقي لا يُقاس بإنجازاته الدنيوية، لأن الدنيا معهما عظمت فمصيرها إلى الزوال والفناء، وإنما يُقاس بفلاحه الأخروي.
 
ومِمّا لا شك فيه أن العمل للآخرة لا يعني تجاهل العمل للدنيا، فإن العمل لها واجب بلا شك، وبناء الحياة الإنسانية في هذه الأرض واحد من أهم التكاليف الإلهية للبشر باعتبارهم خلفاء عن الله فيها، لذلك فكل عمل للدنيا هو عمل للآخرة ما دام المرء مؤدياً تكليفه الرباني، وهذا هو السَّداد بعينه، أما إذا اقتصر المرء بعلمه على الدنيا، وقَصَرَ نظره عليها ولم يتطلع إلى الآخرة، فمن المؤكد أن تتعارض دنياه مع آخرته، ومن المؤكد أن يكون ساعتئذ مفتقراً إلى السَّداد والرشاد لأنه فضَّل ما يفنى ويزول على ما يبقى ويدوم.
 
فمن الضروري لكل شخص يريد أن يكون مسدداً ومؤيَّداً ومُلهماً أن يتطلّع بكل أعماله إلى الله تعالى، أن يُمَلِّكها لله، وكل عمل يملِكُه الله يهيّء له أسباب نجاحه، هذه هي الخطوة الأهم، ترافقها خطوات أخرى وهي: تعزيز العلاقة بالله تعالى بالاتيان بالعبادات لا سيما الصلاة، وأدائها في أوقاتها، والمواظبة على الذِّكر، وقراءة القرآن الكريم والتدبُّر فيه، فإن لكل ما سبق أثر عظيم في تنقية القلب وتوجيه النيّة، أضف إلى ذلك الحرص على تزكية النفس وتنمية فضائلها، والتعامل الإيجابي مع الآخرين، ويساعد على جميع ذلك طلب العلم، والتَّفَقُّه في الدين، وفهم العقيدة الدينية فهماً دقيقاً، ومعرفة الحلال والحرام والالتزام العملي بهما، والتعمُّق في المفاهيم الإسلامية وتطبيقها في الحياة. 

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي
 
captcha