ایکنا

IQNA

هل کان الأزهر موفقاً فی التعامل مع قضیة الشیخ فرج الله الشاذلی؟

15:05 - May 24, 2014
رمز الخبر: 1410143
للأسف الشدید وفی الوقت الذی کان المسلمون ینتظرون أن یقوم الازهر الشریف بدوره المعتاد والریادی فی وأد الفتن، فاذا ببعض مشایخ هذا الصرح العظیم، یحوّلون، وفی هذا الزمن الفتنوی، قضیة فی غایة البساطة الى قضیة کبرى تمس أساس العقیدة وأصول الدین.

وأقول جازماً انه لا یوجد مسلم شیعی فی جمیع أنحاء العالم الا ویحترم الأزهر الشریف، لما قام ویقوم به من دور خطیر فی الحفاظ على الخط الاسلامی الأصیل، الخط الوسطی والمعتدل، فی وجه کل القراءات المتطرفة التی حاولت تشویه الصورة الجمیلة السمحاء للدین الاسلامی العظیم.
حتى ونحن نعیش زمن الفتن الطائفیة، بعد أن تسللت الوهابیة الى مجتمعاتنا وصبغت أیامنا بلون الدم، لا لسبب الا بنوازع من التعصب والجهل، والتکفیر، والاقصاء، وهی نوازع لا تستقیم مع الخلق الاسلامی القویم، أقول رغم کل هذا المشهد الفتنوی، الا أن المسلمین ینظرون بنظرة تفاؤل الى المستقبل بفضل وجود صرح الازهر الشریف، وبفضل علمائه الافذاذ الذین کانوا السباقین للتقریب بین المذاهب الاسلامیة، ومعارضین لدعوات التعصب والتکفیر.
للأسف الشدید وفی الوقت الذی کان المسلمون ینتظرون أن یقوم الازهر الشریف بدوره المعتاد والریادی فی وأد الفتن، فاذا ببعض مشایخ هذا الصرح العظیم، یحوّلون، وفی هذا الزمن الفتنوی، قضیة فی غایة البساطة الى قضیة کبرى تمس أساس العقیدة وأصول الدین ویثیرون زوبعة من الجدل الذی لاینتهی، و وفّروا بذلک مادة مجانیة دسمة للجهات الفتنویة، لتستعر نار الفرقة والاختلاف اکثر مما هی مستعرة الان، فقد تناقلت الانباء الواردة من مصر ان محمود الطبلاوی، نقیب قراء القرآن فی مصر، اعلن أن مجلس النقابة أجمع على إیقاف القارئ فرج الله الشاذلی، عن منصبه کأمین عام للنقابة.
اما وکیل الأزهر، عباس شومان، فاعلن فی بیان له منع القارئ الشاذلی من القراءة مرة أخرى فی جامع الأزهر، کما أصدر وزیر الأوقاف المصری قراراً بالتحقیق مع الشاذلی، ومنعه من القراءة فی المساجد، لحین صدور قرار من اللجنة المشکلة للتحقیق معه.
وبعد کل الهجمة التی تعرض لها الشاذلی لم یجد الرجل أمامه من سبیل الا أن یعلن فی تصریحات صحفیة انه یؤید القرار الذی اتخذه أعضاء مجلس إدارة النقابة بحقه، وانه یشکر أعضاء النقابة على تفهم موقفه بعد أن قدم اعتذاره  لهم خاصة، وبالاعتذار العام لمشیخة الأزهر،  ووزارة الأوقاف ولدار الافتاء ولکافة المسلمین فی مصر والعالم الإسلامی(!)
وأبدى الشاذلی أسفه على ما وصفها ب"الذلة"! التی وقع فیها، قائلاً: سأظل سنی المذهب تابع لأهل السنة والجماعة أزهری الدراسة وأعتز بأزهریتی ودیانتی.
وأضاف: أشکر الذین عملوا على إبراز هذه المسئلة لیکون بمثابة تحذیر وتوصیة لجمیع القراء الذین یذهبون لتلک البلاد کی لا یقعوا فیما وقعت فیه من هذا الفخ وهذا الفخ.
کل هذه الضجة التی أثیرت حول الرجل من بعض مشایخ الازهر، الذین استحسنوا رکوب الموجة الطائفیة التی تضرب المنطقة، هی بسبب رفع الأخیر لآذان الشیعة فی مسجد الکوفة بالعراق!
وهذا الکشف غیرالمسبوق قام به "ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البیت" الذی قام فی 8 مایو/ آیار الجاری ببث فیدیو على موقع التواصل الاجتماعی "فیسبوک"، یظهر قارئ القرآن فرج الله الشاذلی، وهو یرفع آذان المسلمین الشیعة فی مسجد الکوفة، ولسنا هنا فی وارد التعرض الى الدور الفتنوی لما یعرف بـ"ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البیت"، فحقد هذا الائتلاف على اتباع اهل البیت علیهم السلام وعلى باقی اتباع المذاهب الاسلامیة، ویکفی القاء نظرة سریعة على هذه الجهة واسلوبها والجهات الداعمة لها کی تتکشف ماهیتها وطبیعتها الفتنویة.
هنا نرید ان نذکر من غرق فی الفتنة الطائفیة ولم یعد یسمع أو یرى الا القتل والفوضى ومشهد الدم والرؤوس المقطوعة والاضرحة المهدمة، ان عظماء الازهر الذی رکب بعض مشایخه الیوم موجة الطائفیة لغایة فی نفوسهم هم من أفتى بصحة التعبد على المذهب الجعفری الاثنی عشری، وان الشیعة هم مسلمون، ولیسوا کما یصورهم من یغازل الوهابیة والسلفیة التی أخذت تنتشر الیوم فی بلاد الأزهر، فهذا فضیلة الامام الشیخ محمود الشلتوت یرد على سؤال وجه الیه فی ١٧ ربیع الاول ١٣٧٨ هـ / ١٩٥٩میلادی.
حیث یقول السؤال إن بعض الناس یرى أنه یجب على المسلم لکی تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحیح أن یقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة ولیس من بینها مذهب الشیعة الإمامیة ولا الشیعة الزیدیة، فهل توافقون فضیلتکم على هذا الرأی على إطلاقه فتمنعون تقلید مذهب الشیعة الإمامیة الإثنا عشریة مثلاً.
فیرد الشیخ شلتوت رحمه الله بمایلی: «١- إن الإسلام لا یوجب علی أحد من أتباعه اتباع مذهب معین بل نقول: إن لکل مسلم الحق فی أن یقلد بادئ ذی بدء أی مذهب من المذاهب المنقولة نقلاً صحیحاً والمدونة أحکامها فی کتبها الخاصة، ولمن قلد مذهباً من هذه المذاهب أن ینتقل الى غیره أی مذهب کان ولا حرج علیه فی شیء من ذلک»٢- إن مذهب الجعفریة المعروف بمذهب الإمامیة الإثنى عشریة، مذهب یجوز التعبد به شرعاً کسائر مذاهب أهل السنة، فینبغی للمسلمین أن یعرفوا ذلک، وأن یتخلصوا من العصبیة بغیر حق لمذاهب معینة، فما کان دین الله وما کانت شریعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب، فالکل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى، یجوز لمن لیس أهلاً للنظر والاجتهاد تقلیدهم والعمل بما یقررونه فی فقههم، ولا فرق فی ذلک بین العبادات والمعاملات.
وکعادة أهل الفتن والأهواء حاول البعض أن یشکک بهذه الفتوى الصریحة والواضحة لعلم کبیر من أعلام الامة الاسلامیة، بهدف الابقاء على نار الفتنة مستعرة تحرق الاخضر والیابس فی دیار المسلمین، ومن هؤلاء یوسف القرضاوی، الذی شکک وبشکل لافت وباصرار عجیب، کما هودیدنه دائماً حیث قال: "ان تراث الشیخ شلتوت أنا أعلم الناس به... ما رأیت هذه الفتوى فی حیاتی قط ولم اسمع عنها".
ولکن یبقى الحق یصدح به رجال لا یخافون فی الله لومة لائم ولا یقعون فی حبال التعصب الأعمى وفخ دولارات النفط فهذا الشیخ الجلیل المرحوم  محمد الغزالی الذی علّق على هذه الفتوى، فی کتابه «دفاع عن العقیدة والشریعة» وهو یناقش مسألة التقریب حیث یقول:  "وأعتقد أن فتوى الأستاذ الأکبر الشیخ محمود شلتوت شوط واسع فی هذا السبیل، وهو استئناف لجهد المخلصین من أهل السنة وأهل العلم جمیعاً، وتکذیب لما یتوقعه المستشرقون من أن الأحقاد سوف تأکل هذه الأمة قبل أن تلتقی صفوفها تحت رایة واحدة وهذه الفتوى فی نظری بدایة الطریق، وأول العمل".
أما بشأن الشهادة الثالثة أو "أشهد أن علیاً ولی الله" فی الأذان نفسه، فهناک رأیان لعلماء الشیعة، الاول یقول انها جزء مستحب مثل القنوت فی الصلاة، وهناک من یرى أنها مستحبة ولکن بدون قصد الجزئیة، وفی ذلک یقول العلامة السید فضل الله فی الشهادة الثالثة انها: "لیست جزءاً واجباً أو مستحباً من الآذان بإجماع علماء الشیعة وکما یعبر الشهید الثانی (قدس سره) هی من حقائق الإیمان ولیست من فصول الآذان، والإتیان بها جائز بعنوان الاستحباب العام لا کجزء".
أما بشأن عبارة  "حیّ على خیر العمل"، و"الصلاة خیر من النوم"،  یقول العلامة فضل الله: إن الشیعة تتبع أئمة أهل البیت (ع) فی کیفیة الأذان والإقامة لأنهما من الأمور التوفیقیة التعبدیة التی لا یجوز التدخل فیها من قبل أی شخص، ونحن قد ورد عندنا من طرقنا وصح عن أهل البیت (ع) بأن حی على خیر العمل هی الفصل الواجب فی الأذان والإقامة، وقد حاول البعض الإجتهاد فی مقابل ذلک لکی لا یوحی أن الصلاة تفضل عن الجهاد باعتبارها خیر عمل، فیترک الناس الجهاد، ونحن فی کل ما ندین به لا بد وأن یثبت أنه من القرآن أو من سنة النبی (ص)، أو من أهل البیت (ع) الذین قولهم قول النبی(ص).
بعد کل هذا أکان یستحق رفع أحد قراء القرآن المصریین الأذان على طریقة المسلمین الشیعة، کل هذا الضجیج الاعلامی والتجییش وعقد الاجتماعات واصدار القرارات، وکأن الأمة أصابها أمر جلل، فما هو الضیر أن یرفع أحد القراء المصریین الأذان بتلک الطریقة وهو ضیف عند اخوته بالدین، وقد سمع من کبار علماء الامة أن الشیعة مسلمون، کما أن تجربته الشخصیة تؤکد أن هؤلاء الشیعة هم من المسلمین، فالرجل ذهب الى مدینة الکوفة فی العراق لیقرأ القرآن على المسلمین، وان اسلام هؤلاء الناس لا یحتاج لشهادة تصدیق من أی کان مهما بلغ شأنه ومکانته، فالشیعة فی جمیع أنحاء العالم لا یفرقهم عن اخوتهم السنة الا بعض القضایا الجزئیة التی أصبح الکثیر منها تاریخیة ولم یعد لها أی تاثیر فی واقعنا المعاصر، وان کل ما یحاول أن یزرع الفتنة بین ابناء الدین الواحد، یقدم خدمة مجانیة للصهیونیة، مهما کانت الیافطة التی یختفی وراءها عریضة وکبیرة.
بقلم الباحث والکاتب "سامح مظهر"

المصدر: صوت الجالیة العراقیة

کلمات دلیلیة: الکوفة ، مظهر ، الشاذلی ، شلتوت
captcha