وأفادت وکالة الأنباء القرآنیة الدولیة(إکنا) أنه أکد "شوقى علام"، مفتی مصر، أن دار الإفتاء المصریة قد استشعرت مبکراً خطر الفتاوى التکفیریة والفکر المتطرف على المجتمع، عبر عدد من الدراسات والأبحاث التى تقوم برصد وتحلیل الشأن الدینى فى مصر والعالم؛ فبادرت باتخاذ عدة خطوات نحو مواجهة هذا الفکر المتطرف.
قال شوفی علام أن دار الإفتاء استندت إلى استراتیجیة علمیة رصینة ترتکز على بعدین: الأول وهو البعد الفکرى، حیث عمدت الدار فى أولى تحرکاتها إلى إنشاء مرکز علمى رصدى یتناول رصد وتحلیل وتفنید کل ما یصدر عن أصحاب الفکر التکفیرى، وینشر الوعى بین الناس حول تلک المفاهیم المغلوطة والأفکار المشوهة التى یتبناها أصحاب هذا الفکر المنحرف، لتجفیف المنابع التى تستزید منها تلک الحرکات والجماعات الشاذة.
وأکد مفتى مصر أن البعد الثانى تمثل فى العمل على أرض الواقع، حیث دشنت الدار حملة لنشر الوعى الصحیح من خلال تحرک کبار علماء الدار إلى مختلف المناطق والدول التى تعانى من تلک الأفکار وهذه الجماعات سواء فى داخل مصر أو خارجها فى أوربا وأمریکا وغرب إفریقیا وآسیا، وقد حققت الدار النتائج المرجوة من تلک الجولات والرحلات الخارجیة والتى أسهمت أیضا فى تصحیح الکثیر من صورة الإسلام بالخارج وإزالة الصورة السلبیة التى لحقت بالإسلام والمسلمین نتیجة ممارسات إجرامیة لجماعات العنف والإرهاب والتى ترفع شعار "الإسلام" غطاءً وساتراً.
وبیّن الکتاب أن دار الإفتاء أنشأت مرصداً لرصد الفتاوى التکفیریة والمتطرفة لیحللها وفق منهج علمى رصین یراعى السیاقات الزمانیة والمکانیة للفتاوى، ویقدم ردوداً علمیة شاملة وموثقة ومعالجات موضوعیة.
وأشار الکتاب إلى المنتجات العلمیة لمرصد التکفیر والفتاوى الشاذة، وأنه قد أصدر عدة تقاریر لمعالجة وتفنید أقاویل وافتراءات تلک التنظیمات الإرهابیة، ومنها الرد على الفتاوى المتطرفة التى تدعو إلى عملیات القتل والاغتیالات السیاسیة، وفتاوى تکفیر رجال الأمن وتحریم الصلاة علیهم، والاعتداء على السائحین وتحریم السیاحة.
ووفقًا للکتاب، فإن مرصد التکفیر أصدر عدة تقاریر کان أولها حول تأثیر السیاسة فى فتاوى التکفیر، وفوضى الفتاوى وکیفیة معالجتها، وتقریره الثانى تناول منهج الفکر التکفیرى وأسسه التى یَبنى علیها مقولاته وأفکاره المتشددة، وجاء التقریر الثالث حول "أثر الفتاوى المتطرفة على صورة الإسلام فى الغرب"، أما التقریر الرابع فکان عن تنامى ظاهرة المقاتلین الأجانب من الأوروبیین فى صفوف "منشقى القاعدة".
کما أصدر مرصد الفتاوى تقریراً أخر حول حول "آیات القتال فى القرآن وتوظیف التنظیمات الإرهابیة السیاسى لها"، وکذلک تقریر یرصد فیه ما یرتکبه تنظیم داعش الإرهابى من جرائم بحق المرأة تحت غطاء أوامر الإسلام وأحکامه، وذلک بتفنید ما یستند إلیه من أدلة وبراهین لشرعنة أفعالهم. هذا بالإضافة إلى تقریرٍ یرصد ویحلل الإصدارات والمطبوعات الداعشیة باللغة الإنجلیزیة.
أما عن جهود المفتى وعلماء دار الإفتاء المصریة فى مواجهة الفکر المتطرف فوثق الکتاب لمجهودات المفتى على عدة أصعدة، کان أولها على الصعید الإعلامى حیث أجرى العدید من اللقاءات التلفزیونیة فى وسائل الإعلام المحلیة والأجنبیة على مدار العام.
ووفق للکتاب فقد کان موقف مفتى مصر من العملیات الإرهابیة الغاشمة واضحاً وصریحاً، حیث أکد على حرمة العملیات الإرهابیة والتخریب وقتل الأبریات واستهداف رجال الجیش والشرطة، وبیَّنَ فى العدید من الفتاوى والتصریحات والبیانات الصحفیة المعنى الصحیح للجهاد، مفنداً ادعاءات الإرهابیین وفهمهم الخاطئ لمعنى وآیات وأحادیث الجهاد.
ومن الإجراءات العملیة التى اتخذتها دار الإفتاء لمواجهة الفکر المتشدد، أشار الکتاب إلى الحملة الدولیة لدار الإفتاء لتغییر مسمى "داعش" أو "الدولة الإسلامیة" فى الإعلام خاصة الغربى واستبداله بمصطلح "منشقو القاعدة"، والتأکید على رفض الإسلام والمسلمین لتلک الممارسات المتطرفة وتصحیح صورة الإسلام التى تم تشویهها، وحظیت الحملة باهتمام کبیر من قبل کبرى وسائل الإعلام الغربیة والعالمیة.
کما أطلقت الدار حملة توقیعات إلکترونیة لوقف استخدام هذا المصطلح، وأنشأت صفحة على موقع التواصل الإلکترونى "فیس بوک" باللغتین العربیة والإنجلیزیة، ترد على شبهات "داعش"، وتنقل آراء زعماء وعلماء الإسلام فى مختلف بلدان العالم حول التنظیم الإرهابى، وکذلک "هاشتاج" على موقع "تویتر"، وغیره من شبکات التواصل الاجتماعى.
وذکر الکتاب الذى أصدرته دار الإفتاء مجهودات مفتى مصر لتحسین صورة الإسلام والمسلمین فى الخارح عبر العدید من الجولات الخارجیة کان أهمها زیارته الناجحة لمقر الاتحاد الأوروبى، وهى المرة الأولى مرة فى تاریخ البرلمان الأوروبى یتم عقد جلسة خاصة لأحد علماء الدین فى مصر حول مصر ودور المؤسسات الدینیة فى مصر فى تصحیح صورة الإسلام.
واختتم الأستاذ الدکتور شوقى علام، مفتی مصر، زیارته الرسمیة لبروکسل عاصمة الاتحاد الأوروبى شارک خلالها فى عدة فاعلیات مهمة استهدفت تصحیح صورة الإسلام التى تتعرض إلى تشویه متعمد فى الفترة الأخیرة.
وکذلک دعوته فى مقال بصحیفة لالیبر" البلجیکیة، واسعة الانتشار والناطقة بالفرنسیة إلى حوار بین المسلمین والغرب على أسس محددة، وطالب بعدم استسلام إعلام الغرب بالترکیز على أن السائد بین المسلمین هو التطرف.
وعرض الکتاب أیضاً تغطیة للزیارة الناجحة لمفتى الجمهوریة للعاصمة النمساویة فیینا ومشارکته فى مؤتمر الإرهاب الذى عقده مرکز الملک عبدالله للحوار والذى أجرى فیه مفتى مصر عدداً من اللقاءات الإعلامیة لوسائل إعلام غربیة وفى الولایات المتحدة دشن الدکتور إبراهیم نجم - مستشار مفتى مصر - حملة عالمیة لتصحیح صورة الإسلام فى الغرب أمام عشرة آلاف أمریکى مسلم، کما التقى الهیئة التحریریة لجریدتى النیوزداى والنیویورک تایمز فى نیویورک لتحسین فهم الإعلام الأمریکى لقضایا الإسلام والمسلمین، وتصحیح المعتقدات الخاطئة.
وضمن مجهودات دار الإفتاء التى ذکرها الکتاب، إصدر المرکز الإعلامى بالدار دلیلاً لـلإعلام الأجنبى لتصحیح الصور التى خلقتها "منشقى القاعدة" و"بوکو حرام" وغیرها من الجماعات المتطرفة. هذا بالإضافة إلى انطلاق أول قافلة إفتائیة تضم نخبة من علماء دار الإفتاء لغرب إفریقیا لتصحیح صورة الإسلام ومکافحة التطرف الفکرى بالتنسیق مع وزارة الخارجیة المصریة.
کما أصدرت دار الإفتاء المصریة عدة إصدارات کان أهمها کتاب باللغة الإنجلیزیة بعنوان "The Ideological Battlefield" یفند ویرد على مزاعم وأفکار "منشقى القاعدة" والجماعات ذات الفکر الإرهابى المتطرف" فى خطوة جدیدة نحو مواجهة الفکر الإرهابى والمتطرف فى الداخل والخارج، وتصحیح صورة الإسلام فى الغرب.
وفى الداخل وقعت الدار بروتوکول تعاون مع وزارة الشباب لإعداد جیل من الشباب أکثر حفاظًا على تعالیم الإسلام الوسطیة ونبذ التطرف. وفى أول تفعیل لهذا البروتوکول عقدت الدار أولى مجالسها الإفتائیة فى مرکز شباب حلمیة الزیتون وستکون هذه المجالس بشکل أسبوعى تستهدف المرحلة الأولى منها تغطیة مراکز الشباب والتفاعل معهم فى محافظات القاهرة الکبرى ـ القاهرة والجیزة والقلیوبیة ـ، ثم سیتم التوسع فیها تدریجیاً لتشمل بقیة محافظات مصر، ویأتى انعقاد هذه المجالس انطلاقاً من إیمان الدار العمیق بأن صناعة الإفتاء من أهم العناصر التى تحافظ على الأمن المجتمعى إذا ما مورس بشکل صحیح وبأسلوب یجعل الفتوى قریبة من الشباب وتعالج واقعهم ومشکلاتهم.
المصدر: الیوم السابع