ایکنا

IQNA

عید الغدیر الأغر.. یوم إکمال الدین وإتمام النعمة

12:55 - October 02, 2015
رمز الخبر: 3377327
النجف الأشرف ـ إکنا: لم نجد فی التاریخ یوماً أن الرسول محمد(ص) صرح وصدح فیه بهذه العبارات التی تفوح منها آیات الإستبشار والفرح والسرور وهی: (هنئونی، هنئونی)، ألا یوم عید الغدیر المقدس.

وأفادت وکالة الأنباء القرآنیة الدولیة(إکنا) أنه لم نجد فی التاریخ یوماً أن الرسول محمد(ص) صرح وصدح فیه بهذه العبارات التی تفوح منها آیات الإستبشار والفرح والسرور وهی: (هنئونی، هنئونی)، ألا یوم عید الغدیر المقدس وهو الیوم الذی یعتبر أهم الأعیاد الإسلامیة ولأنه یوم الولایة والإمامة التی أکملت الاسلام، والذی عبّر عنه المصطفى (ص) فی حدیث واضح: "یوم غدیر خم أفضل أعیاد أمتی، وهو الیوم الذی أمرنی الله تعالى بتنیصب أخی وإبن عمی علی بن أبی طالب علماً لأمتی، یهتدون به بعدی، وهو الیوم الذی أکمل الله فیه الدین، وأتم النعمة ورضی لهم الإسلام دیناً".
فإستبشار النبی(ص) وإخباره بمکانة هذا الیوم الذی یعتبر منعطفاً تاریخیاً عظیماً فی حیاة الرسالة المحمدیة هو خیر دلیل یشیر إلى عظمة الإمامة بإعتبارها منزلة إلهیة ومرتبة سماویة، یجعلها الله سبحانه لمن یشاء ویختار من عباده، بعد أن یجتبیه ویبتلیه، وهی مبدأ الولایة المطلقة للإمام الحق.
ومنذ إنطلاقة البعثة النبویة کان الرسول (ص) یمهد ویشیر فی کل موقف وموطن إلى خلیفته من بعده إما بالتصریح والتلمیح والإیماء أو الهمس وقد صرح به القرآن الکریم أیضاً إنطلاقاً من آیة: (وأنذر عشیرتک الأقربین) وحتى آیة (الیوم أکملت لکم دینکم)، وکلها جعلت الإمام أمیر المؤمنین(ع) فی صدارة مضمونها.
وعوداً على بدأ، حیث أن الرسول محمد (ص) هو المؤسس والبانی لهذا العید وأفراحه حیث ذکر المؤرخون من الفریقین إنه (ص) بعد تعیینه الإمام علی بن أبی طالب (ع) خلیفة بعده من عند الله، أقام مراسم بهجة وإحتفاء وسرور بهذه المناسبة، حیث جلس فی خیمته مستقبلاً جمهور المسلمین وحشد المهنئین ببهجة وحبور ورحابة صدور ومشارکهم ومشاطرهم الفرحة الکبرى وقائلا لهم: (هنئونی هنئونی)، فإن الله تعالى خصنی بالنبوة وخص أهل بیتی بالإمامة وهذا مارواه النیشابوری من علماء أهل السنة، وتدفق الناس حول الإمام علی(ع) بالتهنئة والبیعة بهذا الیوم الذی تشیر کل الأدلة النقلیة والقرائن العقلیة لعظمته من حیث أنه مرتبط عضویاً وروحیاً بمسألة الإمامة وقیادة الأمة والتی تعد من أهم قضایا الرسالة الإسلامیة التی حمل أعباءها الرسول (ص) إیمانا بما جاءت به الآیة الکریمة: (یا أیها الرسول بلغ ما أنزل إلیک من ربک فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله یعصمک من الناس).
وبعد أن خضع الرسول (ص) لإرادة السماء وأوامر الرب الجلیل بإبلاغ الأمة حاضرها وغائبها بتعیین الإمام علی(ع) ولیاً وقائداً للمسلمین من بعده، قام بإجراء المرسوم السماوی الخطیر قائلا: (من کنت مولاه فهذا (یعنی علیا) مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله).
وقد روى هذا المشهد العظیم وهذا الإعلان المحمدی الذی تمثل بحدیث الغدیر 110 صحابة و84 تابعیاً سمعوه ودونوه فی کتب الحدیث.
وللحدیث صلة أیضا حیث یذکر إبن طلحة الشافعی: مما دلّ علیه أن لفظ (المولى) الذی أشار به الرسول(ص) لعلی (ع) قد جعل له کمرتبة سماویة ومنزلة سامقة ومکانة رفیعة ودرجة عالیة، تخصص بها الإمام دون غیره ومن هنا صار هذا الیوم مبارکاً ومحبباً وموسم سرور وعیداً للمسلمین، حیث عد (البیرونی) عید الغدیر (مما إستعمله أهل الإسلام من الأعیاد المهمة).
ولهذا کان أئمة أهل البیت (ع) بما فیهم الحسن والحسین یجددون ذکرى هذا الیوم کل عام ویتخذونه عیداً لهم ولأولیائهم ویجلسون فیه یتلقون التهنئة والسرور، وکانوا یتقربون فیه إلى الله بالصلاة والصیام والبر والإحسان شکراً لله على نعمته الکبرى وإتخذوه یوم تزاور وتواصل وتباذل.
فقد سئل الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع): هل للمسلمین عید غیر الجمعة والأضحى والفطر أعظمها حرمة؟ فقال (ع): نعم، الیوم الذی نصب فیه رسول الله (ص) أمیر للمؤمنین (ع)، وقال: (من کنت مولاه فعلی مولاه، وقال: أذکروا فیه الله عزوجل بالصیام والعبادة والذکر لمحمد وآل محمد).
وإستمر الرسول (ص) على هذا السیاق وفی نفس السباق لتوضیح الأمر للأمة بخلیفته من بعده حتى اللحظة الأخیرة من حیاته الشریفة وهو على فراش الموت حین أوصى من حوله أن یأتوا له بدواة ومداد لیکتب نص تعین الإمام خلیفة من بعده، ولکن إجتماع البعض على وضع عقبات کأداء أمام طلب الرسول(ص) هو الذی حال من توضیح الأمر!
فجرى ما جرى من بعد حیث خرجت الشیاطین تترقب وفاة الرسول لتنقض على الأمة وتهزهز قواها وتشتت شملها وتمزق وحدتها وکم هو جمیل ورائع ما قالته الزهراء (ع) بهذا الشأن: (وأطلع الشیطان رأسه من مغرزه هاتفا بکم، فألفاکم لدعوته مستجیبین، وللغرة فیه ملاحظین، ثم إستنهضکم فوجدکم خفاقاً، وأحمشکم فألغاکم غاضاباً).
وإستمرت النکبات والنکسات على الإسلام وعلى آل الرسول وشیعتهم بعد أن تناهبوا سلطان الإمام (ع) وتوثبوا على دحره وخالفوا کلما جاء به طه وهو إذ ذاک لیس بالمقبور، وکانت الکارثة الکبرى أن یحتل هذا المرکز السماوی والکیان الربانی أناس لم یجیدوا إدارة شؤونهم وکیف بإدارة شؤون الأمة: (أفمن یهدی إلى الحق أحق أن یتبع أم من لا یهدی إلا أن یهدى فما لکم کیف تحکمون) [یونس- 35].
ولیس ثمة شک أن یجمع النبی المسلمین فی ذاک الموقف الرهیب وأسرهم فی الرمضاء والطلب بإرجاع من تقدم وإلحاق من تأخر لدلیل واضح على أن قصد النبی(ص) هو لیس إظهار الحب والمودة والنصرة والأخوة للإمام بما أن هذه الأمور قد وجدت بجوار تلمیح النبی إلیه، ولکن ما عناه الرسول فی ذلک العراء وعبر ذلک الخطاب والإبلاغ حیث نعى نفسه: (إنی أوشک أن أدعى فأجیب) من کل هذا نستنتج أن مقصوده (ص) ومتوخاه من هذه الأوامر والنواهی هی: بیان أمر الإمامة والولایة من بعده فلیس غیر لک.
معنى الولایة
ورد عن الإمام الباقر (ع): «أیکفی من ینتحل التشیّع أن یقول أحب علیاً وأتولاه ثم لا یکون فعّالاً، فرسول الله خیر من علی، أفحسب الرجل أن یقول أحب رسول الله ثم لا یعمل بسنته، من کان ولیاً لله فهو لنا ولی، ومن کان عدوّاً لله فهو لنا عدو، والله لا تنال ولایتنا إلا بالورع عن محارم الله".
الولایة لیست مجرد حب لعلیّ (ع)، ولیست مجرد إرهاصة نعبر علیها فی حیاتنا،  الولایة خط وموقف، شعار وهدف، أن نکون فی الخط الذی سار علیه علیّ (ع)، وعلیّ (ع) قال:  «ألا وإن إمامکم قد اکتفى من دنیاه بطمریه ومن طعمه بقرصیه، ألا وإنکم لا تقدرون على ذلک، ولکن أعینونی بورع ـ عن الحرام ـ واجتهاد ـ فی طاعة الله ـ وعفة وسداد»، هذا هو خط الولایة فی مدرسة التشیّع الذی هو خط الإسلام، هذا هو موقف الإیمان فی ظلمة الباطل والطغیان، هذا شعار الحق والعدل فی مدرسة علی علیه السلام بعیداً عن شعارات الضوضاء الاستکباریة، هذا هدف الإسلام فی خطه التربوی لأتباعه فیما أنزله الله على رسوله من کتابه، وفیما ألهم الله به رسوله من سنته، وفیما أخذ به الأئمة (ع) عن رسول الله، لأن حدیثهم هو حدیث رسول الله(ص).
لنفکر قلیلا من السنی فعلا ومن الشیعی حقا وأین الإسلام فی هذا وذاک؟ فالوحدة الإسلامیة کقیمة إسلامیة عظیمة لا نعنی بها أن یتسنن الشیعی أو یتشیع السنی مع اعتقادنا بأن الولایة فی التشیع هی  المدخل المنهجی للوحدة بین المسلمین، لکن لا نریدها کلمات صاخبة ومنطلقة من عنفوان مذهبی نریدها فکرة مستوحاة من الکتاب والسنة فی رحاب الحوار الإسلامی الموضوعی المرتکز على الأخوة الإسلامیة النابعة من نقاط الوفاق الإسلامی الهادفة لصد المد الإستکباری والتخلف الدینی والتعصب المذهبی، نریدها الإنسانیة فی التصور الإسلامی.
وأمیر المؤمنین علیه السلام عندما أجاب الحارث بن حوط عن الخوارج قال «یا حارث، انک نظرت تحتک ولم تنظر فوقک فحرت. انک لم تعرف الحق فتعرف من أتاه، ولم تعرف الباطل فتعرف من أتاه».
وقوله تعالى فی الآیة الکریمة : (قل إنما اعظکم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفکروا ما بصاحبکم من جنة) فالعقل الجمعی السلبی فعل فعلته الشنیعة عبر التاریخ الإسلامی کله والقرآن یحذر فی عدة مواضع  من الخضوع للتیار العام، على حساب الحق، بأن یجمد الإنسان عقله، ویعطل فکره، وینساق مع الحالة السائدة، وهذا ما أراد أمیر المؤمنین علیه السلام أن یبلغه للحارث بن حوط، وکل الآیات التی تناقش المنهجیة الخاطئة فی الانتماء والقراءة للآخر تهدف لتصلیب إرادة الفرد  للبحث عن الحق وإمتلاک الشجاعة اللازمة على إتباعه، دون خشیة الضغوط الاجتماعیة  الأبویة والسیاسیة والمذهبیة والإستکباریة ککل.
ولد أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام فی رجب واستشهد فی رمضان وتألق فی ذی الحجة وتمر الأیام، وعلیّ (ع) یبقى هو الأمین على الإسلام والوصی لرسول الله (ص) فی حمایة الإسلام ورعایته حتى لما أخرج من  مرکز الخلافة، وقد أطلقها کلمة رائعة للنواصب عبر الزمن کله:  «لقد علمتم أنی أحق بها من غیری، ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمین ولم یکن فیها جور إلا علیّ خاصة، التماساً لأجر ذلک وفضله، وزهداً فیما تنافستموه من زخرفه وزبرجه».

المصدر: الوفاق

کلمات دلیلیة: عید ، الغدیر ، الأغر
captcha