ایکنا

IQNA

الشیخ مصطفى إسماعيل.. أسطورة تلاوة القرآن بلا منازع

16:34 - June 07, 2016
رمز الخبر: 3460631
القاهرة ـ إکنا: حين حبس المرض الصوت السماوى «محمد رفعت» ساقت المصادفات القارئ الشاب مصطفى إسماعيل إلى ميكروفون الإذاعة على غير سعى منه، وليصبح فى سنوات قليلة أسطورة تلاوة القرآن.
الشیخ مصطفى إسماعيل.. أسطورة تلاوة القرآن بلا منازع

وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) أنه حين حبس المرض الصوت السماوى «محمد رفعت» ساقت المصادفات القارئ الشاب مصطفى إسماعيل إلى ميكروفون الإذاعة على غير سعى منه، وليصبح فى سنوات قليلة أسطورة تلاوة القرآن، بل قارئ مصر الرسمى فى سرعة خاطفة، وليمتد جمهوره من المحيط إلى الخليج الفارسی ثم إلى المسلمين غير العرب فى آسيا.

فقد استطاع بصوته الذهبى أن يمزج بين علم القراءات وأحكام التلاوة وعلم التفسير وعلم المقامات الموسيقية مزجاً لم يسبق له مثيل، فكان ينتقل بسامعيه إلى عالم تسوده الفيوضات الإلهية.

ولد الشيخ مصطفى إسماعيل فى (1905) ميلادية فى شهر ربيع الثانى (1323) هجرية فى قرية من ريف مصر بجوار طنطا تدعى «ميت غزال» لأب فلاح، وكعادة أهل الريف كان كتاب القرية هو المؤهل الأول لشخصية شيخنا، وكان لجده «الحاج مرسى» الدور المحورى فى سنواته الأولى، إذ دأب الجد على أن يعلم حفيده «مصطفى» القرآن فى السادسة من عمره، حتى أصبح عملاقاً عبقرياً فى التلاوة.

وبدأ يقرأ القرآن فى طنطا وهو طالب فى المسجد الأحمدى لدراسة علوم الدين والفقه أملاً أن يصبح عالماً من علماء الأزهر الشريف، فلم يكن يسمعه إلا أهل طنطا ولم يكن يعرفه أحد من خارجها، وبدلاً من أن يذهب للعاصمة أو يطوف فى البلاد ليعرض على الناس موهبته كما يفعل الكثيرون من ذوى المواهب، شاءت الأقدار أن تأتى وفود من جميع أنحاء القطر المصرى للاستماع إليه فى سرادق العزاء الذى أقيم فى وفاة حسين باشا القصبى فى ميدان السيد البدوى، فذاع صيته كالبرق وبالمصادفة وجد الشيخ محمد رفعت الذى جاء بناء على طلب أهل البلدة لإحياء تلك الليلة فجلس الشيخ مصطفى ضيفاً على دكة الشيخ محمد رفعت والذى لم يكن يعرفه، فلما انتهى الشيخ رفعت من وصلته ترك مكانه لذلك القارئ الشاب ليقرأ، فبدأ الشيخ «مصطفى» يقرأ وانبهر به الشيخ رفعت وسط تجاوب الحاضرين وتشجيعهم له، وبعد أن ختم وصلته قبله الشيخ رفعت وقال له: «أهنئك يا بنى بهذه الموهبة الربانية وأقدم لك نصيحة من أب لولده لو وعيتها فستصبح أعظم من قرأ القرآن فى مصر فأنت صاحب مدرسة جديدة لم تقلد أحداً وحباك الله بموهبة حلاوة الصوت والفن التلقائى المنغم دون أن تدرس فى معهد الموسيقى وأنت مازلت فى مقتبل شبابك فعليك أن تعيد قراءة القرآن على أحد شيوخ المسجد الأحمدى، وبالفعل نفذ الشيخ إسماعيل وصية الشيخ «رفعت» له والتحق بالمعهد الأحمدى وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة وأعجب به الشيخ محمود حشيش ونصحه بأن يشترك برابطة تضامن القراء بحى الحسين، فاتجه إلى القاهرة وهناك التقى بالشيخ محمد الصيفى وأخبره برغبته فى الانضمام للرابطة.

فى عام (1943) استمع الملك فاروق ملك مصر لصوت الشيخ مصطفى إسماعيل فى الحفل الذى نقلته الإذاعة المصرية من مسجد الإمام الحسين{ع} وأعجب به فأصدر أمراً ملكياً بتكليفه ليكون قارئاً للقصر الملكى، فحاول محمد باشا سالم السكرتير الخاص للملك معرفة أية معلومات عن الشيخ «مصطفى» من الإذاعة، وأخيراً استطاعوا الوصول إليه فى بلدته، فسافر إلى القاهرة والتقى ناظر الخاصة الملكية مراد باشا محسن، الذى هنأه بتقدير الملك لصوته ولموهبته  الكبيرة، وأخيراً بصدور أمر ملكى بتكليفه قارئاً للقصر الملكى لإحياء ليالى رمضان بقصرى رأس التين والمنتزه بالإسكندرية واستقر الشيخ فى القاهرة منذ عام 1944م وأقام بفندق شبرد وظل قارئاً للقصر الملكى حتى قيام ثورة يوليو (1952).

وفى عهد الرئيس جمال عبد الناصر قلده وسام الجمهورية وهو أول وسام يمنح لمقرئ للقرآن الكريم وكان ذلك فى عيد العلم عام 1965م.

أما الرئيس السادات فكان من أشد المعجبين بالشيخ مصطفى إسماعيل، حتى أن السادات من شدة حبه له لما وجد القارئ د. أحمد نعينع يقلد الشيخ مصطفى إسماعيل فى طريقه أدائه أحبه وعينه قارئاً برئاسة الجمهورية، وقد اصطحب الرئيس السادات مصطفى إسماعيل معه لزيارة المسجد الأقصى بالقدس فتلا آيات قرآنية بصوته الذهبى فجر عيد الأضحى وقد وصف الموسيقار محمد عبد الوهاب صوت الشيخ مصطفى إسماعيل وتلاوته فقال: «إنه يفاجئنا دائماً بمسارات مقامية وقفلات غير متوقعة» كما وصفه الشيخ أبو العينين شعيشع بأنه «فلاح القرآن» أى الذى خدم القرآن بصدق وتفان وإخلاص تراثه الصوتى.

وقد رحل الشيخ مصطفى إسماعيل عن الحياة فى السادس والعشرين من ديسمبر عام 1978م وكانت أمنيته أن يدفن فى حديقة منزله الريفى بقريته وهى الأمنية التى أمر الرئيس السادات بتحقيقها له بمجرد أن علم بوفاته.

رحل الشيخ مصطفى إسماعيل عن الحياة بعد أن ترك تراثاً كبيراً وسجلاً ناصعاً لقراءاته المسجلة، حيث بلغ مجموع ما تم حفظه من تسجيلاته الخارجية نحو (2000) ساعة تسجيلات على الهواء، وقد نال كل صور التكريم من كل الملوك والرؤساء المتتابعين فى مصر وخارجها، وبعد فقد كان الشيخ مصطفى إسماعيل حقاً وصدقاً مدرسة منفردة فى التلاوة حتى أصبح بحق أحد أساطين دولة قراءة القرآن المتميزين.

المصدر: بوابة الوفد
کلمات دلیلیة: الشیخ ، مصطفى ، إسماعیل ، تلاوة ، القرآن
captcha