وأفادت
وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا)، تحدث الدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق، في حلقة أمس الأحد، من برنامجه «والله أعلم»، عن تحريف المصحف ومراحل طباعته في القرن التاسع عشر، قائلاً: «إن هناك فرقًا بين الخطأ والخطيئة، موضحًا أن الخطأ يقع بدون قصد، أما الخطيئة ففيها تعمد وقصد».
وأضاف «جمعة» خلال لقائه ببرنامج «والله أعلم» أن بعض النسخ القديمة للقرآن الكريم التي طبعت في أوروبا وغيرها من البلاد لم تسلم من الخطأ بسبب إبدال حرف مكان آخر كـ«جعفر» فتكتب «جفعر»، أو خطأ في النسخ، كقول الله تعالى: «قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ» (الأعراف: 156)، فكتب «أساء» بالسين بدلًا من الشين دون قصد.
سلامة المصحف من التحريفأشار المفتي السابق، إلى أن ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية أنشأت معهدًا مختصًا للتأكد من سلامة القرآن من التحريف، مضيفاً أن هذا المعهد الألماني جمع نحو 40 ألف نسخة للمصحف التي طبعت قديما من شتى بقاع العالم، وبحث المصاحف، وأصدر تقريرًا بسلامة المصحف من التحريف وأن الموجود الآن مثل الذي كان في عهد الرسول(ص)، إلا أن وجدوا في بعض المصاحف أخطاء إملائية بسبب النسخ.
وذكر عضو هيئة كبار العلماء، أن هذا التقرير ما زال موجودًا إلى الآن في المكتبة الوطنية في برلين، مؤكدًا أنه أكبر رد على الملاحدة واعداء الدين.
وألمح إلى أن المعهد الألماني الذي كان مختصًا بالبحث في القرآن دمر في الحرب العالمية الثانية، بعد أصدره هذا التقرير وكان قد انتهي من 80% من البحث في المصاحف، وأصدر تقريره بسلامة المصحف من التحريف.
طباعة المصحف في مصر
نوه عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، بأن آخر مصحف طبع في أواخر القرن التاسع عشر كان في مصر وأشرف عليه الشيخ رضوان بن محمد بن سليمان المخللاتي.
واستطرد: أنه رغم إشراف الشيخ رضوان على المصحف إلا أنه لم يسلم من بعض الأخطاء الإملائية، مؤكدًا أن هذا لا يقلل من قيمة الشيخ «المخللاتي» الذي تخصص في دراسة علوم القرآن «القراءات والرسم» فنبغ فيها نبوغًا عظيمًا وأنتج فيها مؤلفات قيمة، دلت علي سعة علمه ووفرة اطلاعه.
مصحف الملك فؤادوتابع: إن الملك فؤاد أراد أن يطبع مصحفًا في مصر يكون مُميزًا وفريدًا من نوعه، فشكل لجنة برئاسة الشيخ محمد بن علي بن خلف الحسيني المعروف بالحداد، شيخ المقارئ المصرية وصاحب الخط البارع.
واستكمل: أن الملك فؤاد أراد أن يكتب المصحف بخط جميل، فأرسل إلى خطاط تركي اسمه عبد العزيز الرفاعي، فغضبت اللجنة المصرية برئاسة «الحداد»، فطلب الملك فؤاد من الخطاط التركي كتابة مصحف، ومن اللجنة المصرية كتابة مصحف آخر، كتبه الشيخ الحداد، وكان له مذهب خاص به في علامات التجويد الموجودة في المصحف.
واعتبر أن المصحف الذي كُتب بخط الشيخ الحداد يعد أفضل كتابة للمصحف المطبوع عبر التاريخ، وأدق مصحف في العالمين، ونال في معرض فرانكفورت في ألمانيا عام 1922، المركز الأول في جودة كل شيء، «الورق، والطباعة، والخط».
مصحف الملك فاروقوألمح إلى أنه في عصر الملك فاروق، طلب منه الشيخ محمد علي الضباع، تعديل المصحف الذي طبع في عهد الملك فؤاد نظرًا لمذهب الشيخ الحداد في علامات التجويد، الوقف والوصل وغير ذلك.
وأردف: أن علامات الوقف في المصحف نحو 16 ألفًا ولم يلتزم بها الشيخ الحداد في عهد الملك فؤاد، نظرًا لمذهبه المختلف عن غيره في علامات الوقف، مشيرًا إلى أن الشيخ «الضباع» غير 850 موضعًا في علامات الوقف التي كانت موجودة في مصحف الملك فؤاد الذي كتبه الشيخ الحداد.
ولفت إلى أن مطبعة الأزهر الشريف قلدت في هذا العصر نسخة الملك فاروق، مع إضافة بعض التعديلات، منوهًا بأنه في أواخر القرن التاسع عشر ظهرت بعض أخطاء التجليد في المصحف دون قصد أو تعمد.
7 محاولا لتحريف القرآنكشف الدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق، عن أن هناك 7 محاولات تمت في التاريخ للنيل من القرآن وجميعها باءت بالفشل، مشيرًا لإى أن أحد اللبنانيين المقيمين في أمريكا، أراد أن يؤلف قرآنًا وأسماه «فرقان الحق» بغية أن تحلّ مع الأيام فى نفوس المسلمين محل القرآن المجيد، وكلها محاولات باءت بالفشل.
إسرائيل حرفت القرآنوقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن إسرائيل حرفّت مصحفًا عام 1960، ووزعته في إفريقيا، مؤكدًا أن العلماء انتبهوا لهذا وصادروا المصاحف وباءت محاولتهم بالفشل.
وعرض «جمعة» خلال لقائه ببرنامج «والله أعلم» إحدى الآيات التي حرفت من قبل إسرائيل، وهي قول الله تعالى: «وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ» سورة المائدة الآية 64، حيث جعلوها: «وقالت اليهود يد الله معلولة علت أيديهم وآمنوا بما قالوا».
ونبه المفتي السابق، على أن هذا التحريف كان مقصودًا من قبل إسرائيل ولكن العلماء انتبهوا إلى ذلك وصادروا هذه النسخ، مؤكدًا أن محاولات التحريف القصدية للمصحف انتهت ولم تأتِ بنتيجة.
المصاحف الملونة ممنوعة شرعًا
وشدد مفتي الجمهورية السابق، على أنه لا ينبغى طباعة المصحف على ورق ملون من باب التقديس لكتاب الله تعالى، منبها على أنه لا يجوز اتخاذ المصحف من باب الموضة والديكور، مشيرًا إلى أن بعض السيدات جعلن من المصاحف الملونة موضة وزينة، وحرصن على اقتناء مصحف لون حقيبة اليد -الشنطة- وليس بغرض القراءة فيه، وهذا تصرف سخيف.
واستند إلى أن أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر ومجمع البحوث الإسلامية، حرموا اقتناء المصاحف الملونة، حفاظًا على جلال كتاب الله وعدم استغلال هذه الأهواء في قداسته.
وأكد أنه لا مانع شرعًا من تمييز الحركات الإعرابية وعلامات التجويد بلون مخالف للون المصحف، لما فيه من الإعانة على حسن التلاوة ودقتها، وكذلك كتابة لفظ الجلالة بلون أحمر في المصحف.
وتهكم المفتي السابق، على من يطالبون بطباعة القرآن باللغة الآرامية، قائلًا: «كتابة القرآن بالآرامية خيبة ووكسة».
المصدر: صدى البلد