
وتواصل
مساجد تايوان أداء دورها كجسور للتعارف والحوار بين مختلف مكونات المجتمع وتساهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتسامحًا واحترامًا
للتنوع الديني والإنساني.
وفي مشهد يعكس التلاقي الحضاري والانفتاح الثقافي، تواصل مساجد تايوان أداء دورها كمنارات مضيئة، لا تقتصر على العبادة فحسب، بل تمتد لتصبح جسورًا للتعارف والحوار بين مختلف مكونات المجتمع. ومن خلال
أنشطتها الثقافية وزيارات الطلبة والمعلمين، تسهم هذه المساجد في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتسامحًا واحترامًا للتنوع الديني والإنساني.
تايبيه الكبير.. منارة للتنوع والتلاقي
في قلب العاصمة التايوانية، يواصل مسجد تايبيه الكبير ـ أقدم وأكبر مساجد البلاد ـ أداء رسالته الحضارية عبر فعاليات ثقافية تستقطب مئات الزوار من مختلف الأعمار. فقد نظم المسجد مؤخرًا برنامجًا مميزًا شمل دروسًا تعريفية باللغة العربية، وتذوق
المأكولات الحلال، وتجربة ارتداء الأزياء العربية، فضلًا عن لقاء غير متوقع مع الناشطة المسلمة الأسترالية ليلي جاي. وأكد القائمون على الفعالية أن المسجد ليس مجرد مركز ديني، بل فضاء مفتوح لتعزيز الحوار الحضاري ومد جسور التفاهم بين مكونات المجتمع التايواني.
يذكر بأن مسجد تايبيه الكبير يعدّ أقدم وأكبر مسجد في تايوان، شُيّد عام 1960 بتصميم يجمع بين الطراز الإسلامي التقليدي واللمسات الصينية المحلية. يقع في قلب العاصمة تايبيه، ويُعتبر رمزًا للتعددية الدينية والتعايش السلمي، ويمثل نافذة رئيسية لتعريف غير المسلمين
بالدين الإسلامي وقيمه الحضارية.
مسجد تايتشونغ.. جسر معرفي حي
وفي مدينة تايتشونغ وسط تايوان، شكّلت زيارات مئات الطلبة من المدارس الثانوية للمسجد تجربة فارقة؛ إذ كانت المرة الأولى التي يدخل فيها معظمهم مسجدًا ويستمعون بشكل مباشر من الأئمة إلى أساسيات الدين الإسلامي. اللقاءات التفاعلية وما تخللها من حوارات وأسئلة غيّرت كثيرًا من نظرة هؤلاء الشباب تجاه المسلمين، ورسخت لديهم صورة أكثر إيجابية عن الإسلام كدين يقوم على القيم والتواصل.
ويواصل مسجد تايتشونغ، استقبال بانتظام وفود المدارس والهيئات التعليمية، مثل مدرسة تونغشان الثانوية ومبادرة "لي لي" للأهالي والأطفال، التي تنظم زيارات سنوية لتعريف الطلبة بالقرآن الكريم والسنة النبوية. وخلال هذه الزيارات، يحرص المرشدون على تقديم شروحات دقيقة والإجابة عن مختلف الاستفسارات، ما يثري تجربة الحاضرين ويجعلهم يغادرون المسجد برؤية أعمق للإسلام. وقد أصبح المسجد بذلك جسرًا معرفيًا وثقافيًا يعزز التبادل والحوار الإنساني.
الجامعات تنفتح على الإسلام
ولم يقتصر الاهتمام على المدارس، بل امتد إلى الجامعات أيضًا. فقد زار طلاب جامعة "جي نان" مسجد تايتشونغ، حيث تجولوا بين قاعاته ومكتبته، وحضروا درسًا للأطفال وصلاة العصر كاملة. وقدّم لهم الأئمة شروحًا عن مفاهيم الإسلام ورؤيته للحياة، إلى جانب التعريف بالفنون الإسلامية مثل الخط العربي. وأعرب الطلاب عن سعادتهم بهذه الفرصة النادرة، وأبدى بعضهم رغبة في العودة مجددًا للتعمق أكثر في فهم الحضارة الإسلامية.
يشار إلى أن تايتشونغ هو الأجمل والأكبر في منطقة وسط تايوان، ويضم قاعات صلاة وتعليمية ومكتبة، ويشكل جسرًا حضاريًا ومعرفيًا بين المسلمين والمجتمع المحلي، كما يستقبل بانتظام طلبة المدارس والجامعات ضمن جولات تعليمية وثقافية تهدف لتعريفهم بالإسلام وتعاليمه وقيمه الإنسانية.
مساجد تايوان.. فضاءات للحوار والوعي
من تايبيه إلى تايتشونغ، تؤكد هذه المبادرات أن مساجد تايوان تجاوزت وظيفتها الدينية التقليدية لتصبح منصات مفتوحة للتواصل الثقافي والديني، وجسورًا حقيقية لتعريف الأجيال التايوانية ـ طلبةً وأساتذةً وأسرًا ـ بجوهر الإسلام وقيمه الإنسانية. وبذلك تواصل هذه المساجد دورها كمنارات حضارية تُسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتسامحًا واحترامًا للتنوع.
المصدر: مسلمون حول العالم