ایکنا

IQNA

دعوات لسنّ تشريعات خاصة حماية للغة القرآن

15:24 - December 17, 2017
رمز الخبر: 3467136
جدة ـ إکنا: يحتفل المسلمون والعرب والأمم المتحدة غداً الاثنين 18 ديسمبر باليوم العالمي للغة القرآن، وسط دعوات بسن تشريعات لحمايتها وتطوير مناهج تعليمها بين الناطقين وغير الناطقين بها.
دعوات لسن تشريعات خاصة حماية للغة القرآن في يومها العالمي
وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا)، يعود الاحتفال بهذا الحدث إلى اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في ديسمبر عام 1973، الذي تقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدمته كل من المغرب والسعودية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.

وقد بدأت جهود إدخال اللغة العربية للأمم المتحدة منذ خمسينات القرن الميلادي الماضي، وأسفرت عن صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 878 الدورة التاسعة في 4 ديسمبر 1954، الذي أجاز الترجمة التحريرية فقط إلى اللغة العربية.

وفي عام 1960 اتخذت اليونسكو قراراً يقضي باستخدام اللغة العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربية وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية. واعتُمد في عام 1966 قرار يقضي بتعزيز استخدام اللغة العربية في اليونسكو وتقرر تأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربية ومن العربية إلى لغات أخرى في إطار الجلسات العامة. وفي عام 1968 تم اعتماد العربية تدريجياً لغة عمل في المنظمة مع البدء بترجمة وثائق العمل والمحاضر الحرفية وتوفير خدمات الترجمة الفورية إلى العربية.

واستمر الضغط الدبلوماسي العربي، حتى تم جعل العربية تُستعمل كلغة شفوية خلال انعقاد دورات الجمعية العامة في سبتمبر 1973، وبعد إصدار جامعة الدول العربية في دورتها الستين قرارا يقضي بجعل اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة وباقي هيئاتها، ترتب عنه صدور قرار الجمعية العامة رقم 3190 في ديسمبر 1973 يوصي بجعل اللغة العربية لغة رسمية للجمعية العامة وهيئاتها، أما مسألة استخدام اللغة العربية كلغة عمل في دورات المجلس التنفيذي، فأُدرجت في جدول الأعمال في عام 1974 بناءً على طلب من حكومات الجزائر، والعراق، والجماهيرية العربية الليبية، والكويت، والسعودية، واليمن، وتونس، ومصر، ولبنان.

وفي أكتوبر 2012 عند انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لليونسكو تقرر تكريس يوم 18 ديسمبر يوما عالميا للغة العربية، واحتفت اليونيسكو في تلك السنة للمرة الأولى بهذا اليوم. وفي 23 أكتوبر 2013 قررت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية (أرابيا) التابعة لليونسكو، اعتماد اليوم العالمي للغة العربية كأحد العناصر الأساسية في برنامج عملها لكل سنة.

خدمة القرآن

ويؤكد أستاذ الدراسات الإسلامية بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة المنوفية المصرية الدكتور حسن خطاب على أن خدمة اللغة العربية تعني خدمة القرآن الكريم؛ ويقول: لهذا بذل السلف الصالح الجهد والمال والوقت لخدمة لغة القرآن، وعكفوا على تعلمها لما لها من مكانة مقدسة في نفوسهم، وغاروا عليها، وغاروا على بيانها المعجز، فقضوا حياتهم في تقعيدها وإشادة أركانها ورسم أوضاعها.

ويحذر الدكتور خطاب من انصراف بعض الهمم إلى تعلم غير العربية وهجر العربية كلية والتفكير بغير أدواتها، ويصف ذلك بأنه يعد لونا من ألوان التخاذل والتبعيّة، ويقول: الواجب علينا في هذا اليوم العالمي للغة العربية أن نعيد الثقة في لغتنا العربية، ونثبت للعالم أن هذه اللغة ثرية غنية باقية فنرعاها حق الرعاية، ولا ندعها تتعرض للتقويض والانهيار من الداخل والخارج.  

ويشير الدكتور خطاب إلى أن أعداء الإسلام يريدون أن يطمسوا لغة القرآن بدعاوى عدة منها تبسيط النحو / صعوبة النحو ... الخ )، ويقول: لا تعدو مثل هذه الدعاوى أن تكون معولاً يحاول أن يصيب مقتلاً في كيان هذه الأمة، وهي محاولات هدامة تحاول إضعاف العربية وعلى الأمة أن تنتبه لتلك الدعاوى الباطلة، وأن تهتم باللغة العربية منذ النشأة في جميع المراحل التعليمية، وفي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وفي كل منابر العلم والدعوة، وفي كل المجالات والمحافل حتى تستطيع مواجهة تلك الحملات المشبوهة للنيل من العربية أو من القرآن الكريم.  

أهم اللغات وأشرفها

ويشدد الدكتور خطاب على أن اللغة العربية لغة عالمية وهي أهم اللغات وأشرفها على الإطلاق، وذلك للعديد من العوامل منها أنها لغة مقدّسة؛ لأنها لغة القرآن الكريم، ووجه تقديسها وتشريفها ما ذكره الله صراحة في الكتاب المجيد، كما في قوله تعالى: " كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" وقوله: "إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"، وأيضاً لأنها لغة خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق، وخاتم الأنبياء.
قال تعالى: "وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ" وهذا معناه أن الله تعالى اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم اللغة العربية، وهذا يعني صلاحيتها؛ لأن تكون لغة البشرية جمعاء، وهذه من الأمور المهمة التي تزداد بها العربية شرفًا كبيرًا، كما وصفها الله بالبيان عن سائر اللغات كلها في قوله:" بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ " (وهذا معناه أن سائر اللغات قاصرة عنها، وهذا شرف عظيم خص الله به العربية، خصوصًا حين ناط الله بها كلامه المنزل، قال تعالى: "قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ".

لغة الدين

ويوضح الدكتور خطاب، أن اللغة العربية محفوظة بحفظ الله تعالى حيث تكفل الله بحفظها ضمنًا في قوله: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، ولهذا وردت آثار عن السلف تشير إلى محاسن وفضائل العربية على غيرها،  ومن ذلك، ما روي عن عمر بن الخطاب: «تعلموا العربية فإنها من دينكم، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم، وروي عن الشافعي أنه يكره لمن يعرف العربية أن يتكلم بغيرها، وقال ابن تيميه: "إن اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، لأن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بالعربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، وقال ابن فارس: "لذلك قلنا إن علم اللغة كالواجب على أهل العلم لئلا يحيدوا في تأليفهم أو فتياهم".

 حضور العربية

وبمناسبة اليوم العالمي للغة العربية وجّه المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –إيسيسكوــ الدكتور عبد العزيز التويجري، رسالة دعا فيها إلى الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، بما يليق بها من احتفاء وتكريم لها، وإعلاء لشأنها، وإرساء حضورها في الحياة العامة، وتمكيناً في المجالات كافة، موضحاً أن اللغة العربية هي من أقـوى مقوّمات الهوية العربية، ومن أهم خصائص الثقافة الإسلامية، باعتبار أنها لغة كتاب الله العزيز، ولغة رسوله الكريم، بها أبدع أعلام الفكر والعلم والأدب والثقافة وأقطاب المعرفة وشيّـدوا بها صروح الحضارة العربية الإسلامية عبر العصور المتعاقبة.

وشـدّد المدير العام للإيسيسكو على ضرورة إيـلاء الاهتمام البالغ بفسح المجال الواسع أمام اللغة العربية، لتكون اللغة الأولى في الدول العربية لا تنافسها أية لغة أخرى، ولأجل أن تُـعتمد لغةً رسميةً مع اللغات الوطنية في المؤسسات التعليمية بدول العالم الإسلامي غير العربية. مؤكداً أن حماية اللغة العربية تتطلب قرارات فاعلة ذات التأثير القوي على السياسات العامة في الدول الأعضاء، على أساس أن اللغة من رموز السيادة الوطنية، وأن الأمن اللغوي من الأمن القومي للدول.

وأكد التويجري، على ضرورة سـنّ قوانين وطنية لحماية اللغة العربية من العبث بها والإساءة إليها وتجاوزها وتهميشها وإضعافها وإفقارها، وعلى وجوب التوسّع في استعمال اللغة العربية في جميع مراحل التعليم ومختلف تخصصاته، واعتمادها في تدريس مختلف المواد بما فيها المواد العلمية، والبرامج الجامعية في الجامعات والكليات العربية، مع الاهتمام في الوقت نفسه بإتقان اللغات الأجنبية ونشرها.

توحيد الجهود

وحثّ التويجري المجامعَ اللغوية والأكاديمية والاتحادات العلمية والمنظمات العربية وهيئات المترجمين ونقابات الصحافيين والإعلاميين، على ضرورة توحيد الجهود التي تقوم بها، حتى لا تتعدّد مناهج التعريب وتَـتَـبَايَن بالتالي مصادر المصطلح ووجهاته. كما دعا المسؤولين التربويين وواضعي الخطط والبرامج التربوية في الدول الأعضاء، إلى تجديد وسائل تعليمها في مختلف المراحل التعليمية، والاستفادة مما صارت توفره التكنولوجيا الرقمية من مُنتجات وبرمجيات وآليات تيسّـر عمليات التعليم والتعلّم اللغوي وتحـفّـز الطلاب لدراسة اللغة العربية وإتقان مهاراتها.

وأكد المدير العام للإيسيسكو، أن العالم الإسلامي يتحمّـل المسؤولية التاريخية في حماية اللغة العربية، من هيمنة اللغات الأجنبية عليها، ومن الدعوات المشبوهة لاستخدام العاميات مكانها، ومن القصورعن الوفاء بمتطلبات خدمتها والنهوض بها، وإغناء رصيدها اللساني والمعرفي.

 وأكد التويجري أن التشبث باللغة العربية وتقوية الارتباط بها والوفاء لها وضمان الحماية لها، كل ذلك لا يمنع بأية حال، من الانفتاح على الآفاق الإنسانية الواسعة، ومن المشاركة الفعالة في الإبداع العالمي في جميع فروع العلم والمعرفة والتِـقـانـة، ومن الولوج إلى مجتمع المعرفة، ومن امتلاك ناصية العلوم، ومن الإسهام بنصيب وافر يليق بنا، في صناعة الحضارة الإنسانية الجديدة.

المصدر: إینا
captcha