ایکنا

IQNA

مصاحف تتصدر مزاد فنون العالم الإسلامي بدار «سوذبيز» في لندن

10:07 - October 12, 2019
رمز الخبر: 3473998
لندن ـ إکنا: في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام تتألق الفنون الإسلامية والشرقية في لندن، وتتنافس دور المزادات مع «الغاليريهات»، وأيضاً المتاحف، على تقديم أجمل ما أنتج الحرفيون في بلدان العالم الإسلامي قديماً.

وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) أن الجولة الموسمية تأخذنا بداية إلى دار «سوذبيز» بشارع «نيو بوند ستريت»، حيث تحتل القطع المختلفة أرفف غرف قسم فنون الشرق الأوسط. هي متعة أن نتجول في تلك المساحة الصغيرة التي تمتلئ أرجاؤها بقطع بديعة الصنع متخمة بالتاريخ، وحيث يتحير البصر بين المجوهرات الهندية فائقة الجمال، وما بين المنسوجات أو قطع الخزف التي تنتثر أمامنا على المكاتب الخشبية العتيقة. عموماً لنبدأ جولتنا التي تصاحبنا فيها ألكساندرا روي نائبة قسم الشرق الأوسط بـ«سوذبيز»، التي تعرض لنا على مدى ساعة قطعاً مختارة من المزاد الذي سيُقام في يوم 23 من أكتوبر الحالي.

مصاحف نادرة

نبدأ مع قطعة من مجموعة مقتنيات أطلق عليها «مجموعة الشاكرين»، وهي تضم 94 مخطوطة جُمِعت على مدى خمسين عاماً، وتضمّ نماذج لأفضل أعمال الخط العربي. من أهم القطع في المجموعة نرى مصحفاً ضخماً يعود للعهد الصفوي في أواسط القرن السادس عشر في بلاد فارس. المصحف يتميز بحجمه الضخم وبالزخارف الدقيقة التي تجتمع ببهاء وجلال في صفحات المدخل. يُعتقد أن المصحف كُتِب استجابة لأمر أحد الملوك أو النبلاء، وتم عرضه في نيويورك عام 1940، كجزء من معرض الفن الفارسي. من مجموعة الشاكرين أيضاً هناك قصيدة «البردة» للبوصيري، التي يعود تاريخها لعام 846 الهجري - 1442 ميلاديّاً. وتتكون المخطوطة من 28 صفحة، في كل صفحة 15 سطراً من القصيدة، وتتميز بزخارف بديعة مذهبة وملونة.

هناك أيضاً نسخة من القرآن الكريم منسوخة من قبل أحمد الإلهامي بتاريخ 1854، وتتميز بالزخارف البديعة والخط العربي، وتُعدّ الصفحة الافتتاحية مثالاً على الزخرفة بالطراز العثماني (الروكوكو)، التي تجمع بين عناصر الزخرفة العثمانية التقليدية وعناصر جمالية من حركة «الروكوكو» الفنية الأوروبية.

هناك أيضاً مصحف نسخه الخطاط محمد رشيد، المعروف باسم «حافظ القرآن»، كان سابقاً في مكتبة رجل الأعمال الأميركي ألبرت ماي تود. كما يُعرَض في «مجموعة الشاكرين» نسخة من كتاب «دلائل الخيرات» تم نسخها من قبل أحمد فؤاد، ويضم الكتاب عدداً من الرسومات لمكة والمدينة.

من المخطوطات المتفردة في المجموعة كتاب عن الحيوان في القرآن، كتبه كمال الدين محمد موسى الضامري، يعود إلى عام 1031 هجريّاً- 1621 ميلاديّاً. ويعد الكتاب أشهر ما ألَّف الضامري المولود بالقاهرة، وعدّد فيه 1000 نوع من الحيوانات المذكورة في القرآن وفي الأدب العربي.

1000 عام من الفنون الإسلامية والهندية

من معروضات «مزاد فنون العالم الإسلامي»، تشير روي إلى وجود ورقة من المصحف الأزرق النادر، وتضيف أن هناك عدداً من صفحات المصحف في عدد من أكبر المتاحف العالمية؛ فهو «مخطوطة شهيرة جداً، وإن كان العلماء لم يتفقوا بعد على المكان الذي كُتِب فيه؛ إن كان في شمال أفريقيا أو في جنوب إسبانيا». المصحف مميز بالكتابة الذهبية على رقع من الجلد الملوَّن بالأزرق، أسألها عن طريقة التلوين، وتجيب: «لا أعتقد أن رُقَع الجلد قد تم غمسها في اللون، ولكن أميل لأن يكون الخطاط قد استخدم فرشاة لدهن الرقع باللون الأزرق».

أمامنا رقعة أخرى من مصحف قد يكون أشدَّ ندرة من المصحف الأزرق، وهي تعود للقرن السابع الميلادي، وهي مكتوبة بالخط الحجازي، وتُعدّ من أقدم المخطوطات العربية التي تحمل أهمية مضاعفة؛ سواء من الجانب الديني، حيث كُتِبت بعد وفاة الرسول بسنوات، بل أيضاً لأنها توضح مرحلة من مراحل تطور الكتابة العربية.

من القطع المميزة في المزاد كتاب يعود للقرن الثاني عشر الميلادي، من تأليف نجيب الدين السمرقندي «كتاب الأسباب والعلامات»، الذي يشرح أسباب وطرق علاج الأمراض المختلفة. بالنسبة لروي، فهناك جانب للكتاب تراه مثيراً، وهو الجانب الذي يتناول الأطعمة المختلفة وأساليب الغذاء الصحي، وتضيف: «مثير جداً للاهتمام، ولعل المقارنة مع أساليب التغذية الحديثة ستكون مثيرة للاهتمام أيضاً».

ولا يخلو أي مزاد لفنون العالم الإسلامي من الخزفيات بديعة النقوش، مثل طبق فخار أزرق وأبيض يعود للقرن السابع عشر يصوِّر أسدا يمشي داخل منظر طبيعي من النباتات الكثيفة، ويدمج الطبق ما بين فن الخزف الصيني من فترة «مينغ»، ونقوش أضافها الحرفيون الصفويون.

المجوهرات الهندية

المجوهرات الهندية التقليدية والمتميزة بالأحجار الكريمة والمينا الملونة تحتل جانباً كبيراً من مزاد هذا الموسم، إذ تضم مجموعتين من المجوهرات الاستثنائية. تمتد أمامنا القطع المختلفة داخل علب من المخمل، ويبدو الأمر وكأننا قد فتحنا أحد صناديق الكنوز من حكايات «ألف ليلة وليلة»، وتبدو أول قطعة تقع في يدنا وكأنها تجسيد لإحدى الحكايات التي يرتدي فيها السلطان أجمل ملابسه، وتزين عمامته قطعة من المجوهرات التي تخطف الأبصار. وها هي هنا أمامنا الآن مصنوعة من الذهب المطعّم بقطع الماس والزمرد. أما السلطانة، فيمكننا تخيلها وهي ترتدي أحد العقود الفخمة هنا مثل عقد «مانغا مالاي»، المصنوع من الذهب والماس والياقوت، الذي صُنِع في جنوب الهند. تمتاز قلادة «مانغا مالاي»، وتعني «قلادة المانغو»، بتفردها وانتظام القطع الذهبية التي شُكّلت على شكل ثمرة المانغو، فوفقاً للأساطير الهندوسية، فإن ثمار المانغو تُعدّ رمزاً للحب والخصوبة. العقد التالي لا يقل إبداعاً وتفرُّداً، فهو مصنوع من عقود اللؤلؤ الصغير، التي تنتهي بحلية ضخمة مصنوعة من الزمرد الكريستالي. وكان الزمرد يرتبط في عصر المغول بالهند بالخصوبة، واعتُقِد سابقاً أنه يحسّن الرؤية، وتعد هذه القلادة مثالاً نادراً على تركيب الزمرد في شكله البلوري. نرى أيضاً عقداً آخر من الزمرد والماس منقوشاً بالمينا الأخضر صُنِع في شمال الهند، عام 1900.
مصاحف تتصدر مزاد فنون العالم الإسلامي بدار «سوذبيز» في لندن
ومن القطع التي ترتبط بالسفر نرى أكثر من نموذج للأسطرلاب ودليل القبلة صُنِعت بأشكال مختلفة، أولها دليل للقبلة صُنِع على هيئة صندوق دائري يمكن إغلاقه، وفي حالة فتحه نرى رسماً لمكة المكرمة داخل الغطاء الأعلى، ثم مؤشر القبلة في الغطاء الثاني، وتشير روي إلى وجود نموذج مشابه في المتحف البريطاني، وأيضاً عدد محدود في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة «دليل القبلة يتميز بأنه يمكن طيه وحمله في رحلة الحج».

إلى الجانب، نرى كرة أرضية أنيقة مصنوعة من النحاس الأصفر تعود للعصر الصفوي ببلاد فارس، في القرن السابع عشر.

قطع إضافية

من المنسوجات نرى لوحة نادرة من الحرير والخيط المعدني كانت في الماضي ضمن مجموعة إدموند دي روتشيلد، ويصور التصميم زخرفة نباتية على شكل ورد وقرنفل ونخيل.

ومن شمال الهند نرى قاعدة أرجيلة ذهبية صُنِعت في منتصف القرن الثامن عشر أو التاسع عشر وكان السفير البرتغالي أحضر التبغ للهند للمرة الأولى في 1604، وبحلول نهاية القرن السابع عشر كانت الأرجيلة عنصراً دائماً في اللوحات.
 
captcha