ایکنا

IQNA

رسالة مفتوحة من رئيس الأكاديمية الوطنية الأذربيجانية للعلوم إلى ماكرون

9:05 - November 04, 2020
رمز الخبر: 3478842
باكو ـ إکنا: أكد رئيس الأكاديمية الوطنية الأذربيجانية للعلوم، "الأكاديمي رامز مهدييف"، في رسالة مفتوح إلى رئيس الجمهورية الفرنسية "إيمانويل ماكرون" أن إعطاء الضوء الأخضر لإهانة المشاعر الدينية لبعض المواطنين الفرنسيين من خلال التمييز على أساس ديني يعني أولاً وقبل كل شيء، يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الفرنسي.

وجاء في هذه الرسالة المفتوحة أن منظمي فضائح الرسوم الكاريكاتورية لم يتلقوا أبدًا مثل هذا الدعم السياسي المفتوح من الرؤساء الفرنسيين السابقين، ولم تكن هناك محاولات لإضفاء الشرعية على أفعالهم بهذه الطريقة العدوانية،  كما أن الموقف غير المتسامح للقيادة الفرنسية بشأن هذه القضية يعني أنه على الرغم من دماء الشعب الفرنسي و مثابرته, تم محو القيم والأعراف القانونية التي أرستها الثورة الفرنسية الكبرى. 
 
واليكم النص الكامل لهذه الرسالة:

السيد الرئيس!

كما هو معلوم، فإن الانتشار السريع للرسوم الكاريكاتورية المهينة التي تستهدف النبي محمد (ص) في فرنسا في الأيام الأخيرة والدعم الصريح لهذا الاتجاه غير السار من قبل قيادة الجمهورية الخامسة وشخصياً من قبلك، قوبل بغضب واحتجاج من العالم الإسلامي. وكتعبير عن هذا الغضب تم استدعاء رؤساء البعثات الدبلوماسية الفرنسية في الشرق الأوسط إلى وزارات خارجية لهذه الدول وتقديم مذكرة احتجاج، بما في ذلك مقاطعة واسعة النطاق للمنتجات الفرنسية.
 
وتسبب السلوك المعادي للإسلام للقيادة الفرنسية في قلق عميق في أذربيجان، حيث الغالبية العظمى من السكان هم مسلمون وتهيمن عليها تقاليد التسامح التي تعود إلى قرون.
 
وبالطبع الحادثة التي تسببت في فضيحة الرسوم الكاريكاتورية - مقتل مدرس الثانوية صموئيل باتي في 16 أكتوبر 2020 على يد مراهق مسلم أهان مشاعره الدينية أمام أقرانه، تسببت في نفس الغضب والأسف. لا يمكن أن يكون هناك أي تبرير أو تفسير لمثل هذا الشكل من السلوك. جميع مظاهر العنف غير مقبولة على حد سواء.

ولكن بدلاً من تقييم قانوني موضوعي لما حدث ، واتخاذ إجراءات وقائية ضد التعصب والعنف الديني، اختارت القيادة الفرنسية إهانة القيم الإسلامية خاصة النبي محمد(ص)، مما أثار موجة من الاحتجاجات في العالم الإسلامي. و وقعت أحداث في فرنسا في الماضي مثل إهانة نبي الإسلام  وأسفرت في كثير من الحالات عن نهاية مأساوية. ومثال على ذلك المذبحة التي وقعت عام 2015 في مكتب تحرير المجلة الفرنسية شارلي إبدو.

 وصحيح أيضًا أن منظمي فضائح الرسوم الكاريكاتورية لم يتلقوا أبدًا مثل هذا الدعم السياسي المفتوح من الرؤساء الفرنسيين السابقين، ولم تكن هناك محاولات لإضفاء الشرعية على أفعالهم بهذه الطريقة العدوانية. وأدى  تشبيه وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الرسوم الكاريكاتورية الى الافلام الكرتونية العادية ودعم الرئيس ماكرون لها، إلى رأي مفاده أن فرنسا تتخلى تدريجياً عن حقوق الإنسان الأساسية والقيم العالمية مثل التسامح.
 
والسيد ماكرون، لا تنس أنك رئيس دولة تحكمها سيادة القانون، حيث يعيش العديد من الشعوب وتتعايش فيها الديانات المختلفة. وفقًا للدستور الفرنسي أنت رئيس كل الفرنسيين كذلك المواطنين المسلمين في فرنسا. حماية حقوق المواطنين واحترام حقوقهم وحرياتهم الأساسية من أهم مسؤولياتك. إن إعطاء الضوء الأخضر لإهانة المشاعر الدينية لبعض المواطنين الفرنسيين من خلال التمييز على أساس ديني يعني أولاً وقبل كل شيء، يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الفرنسي. كما أن الموقف غير المتسامح للقيادة الفرنسية بشأن هذه القضية يعني أنه على الرغم من دماء الشعب الفرنسي و مثابرته, تم محو القيم والأعراف القانونية التي أرستها الثورة الفرنسية الكبرى. 

ونعم، لا أستبعد أن يكون موقفك من القيم الإسلامية، ولا سيما النبي محمد(ص)، نتاج رؤيتك للعالم. بالطبع، لكل فرد الحرية في الإيمان بطريقة أو بأخرى أو بشخصية تاريخية. من المستحيل لأي شخص أن يفرض وجهات نظره على الآخر. لكن على أي حال، لا يمكن أن تكون حدود هذه الحرية بلا حدود بحيث تسيء إلى مشاعر الآخرين. والأهم من ذلك  سيد ماكرون يجب أن تفهم أنت وبعض أعضاء فريقك مسؤولية المناصب العليا وأن تكون قادرًا على تنحية الكراهية جانبًا والاسترشاد بسيادة القانون والمصالح العليا لفرنسا.

وإلى جانب كل هذا، سيد ماكرون، سيكون من الجيد لك أن تدرس أنشطة، شخصية وتراث النبي محمد(ص) بعناية بعيدًا عن أسر الصور النمطية. سيساعدك هذا على فهم المهمة الحقيقية للدور التقدمي الذي لعبته هذه الشخصية البارزة والنبيلة في تاريخ البشرية في القرن السابع. سوف تكون مقتنعًا بأن الغرب كان عليه أن يمر عبر قرون لتحقيق التقاليد السياسية الديمقراطية التي أرساها النبي محمد(ص) قبل 14 قرنًا، وأن الفاشية ومعاداة السامية كانا موجودين من سمات أوروبا و نتيجة لنظام القيم الذي أسسه النبي محمد(ص) لم ترهما في العالم الإسلامي.
 
وأعتقد أنه من الضروري لفت انتباهكم إلى نقطة أخرى. إن الجرائم والمذابح والنهب التي ارتكبها المستعمرون الأوروبيون في الشرق الأوسط في القرون الثامن عشر - العشرين معروفة جيدًا. تاريخ الاستعمار الفرنسي هو أيضا حقيقة لا يمكن إنكارها. على الرغم من هذا لم يربط ممثلو الشعوب الإسلامية الذين قاوموا المستعمرين الأوروبيين أبدًا ما حدث بالمسيحية وبنبي ذلك الدين عيسى المسيح. على العكس من ذلك كان علماء الدين والمفكرون المسلمون يحظون بتقدير كبير لعيسى المسيح و يقبلونه كأحد أعظم ممثلي الرسالة النبوية. ويستند التقليد الذي ذكرته إلى ثقافة متجذرة في الإسلام، تعاليم القرآن الكريم وسنة النبي محمد(ص).

ولم يلُم المسلمون أبدًا المسيحية أو عيسى المسيح بسبب الزعماء الفاشيين الذين نشأوا في أوروبا مثل هتلر، موسوليني او منفذي محاكم التفتيش مثل توماس دي توركيمادا، ولم يهاجموا أبدًا بسبب هؤلاء القيم المقدسة. في رأيي هذا أعظم عقلانية، تسامح و ثقافة. و رداً على مجموعة من المتعصبين الذين ارتكبوا الإرهاب والعنف تحت ستار الإسلام، فإن مهاجمة النبي محمد(ص)، الذي عاش قبل 14 قرنًا و بشر بالسلام والأخوة في جميع مراحل حياته، ليس سوى مظهر من مظاهر التفكير البسيط و انعدام الثقافة.

ويؤسفني أن أقول إن الشعب الأذربيجاني يعاني أيضًا من عادتك في اتخاذ قرارات بشأن قضايا السياسة الخارجية والداخلية المهمة بناءً على التعاطف الشخصي أو الكراهية. إن رد فعلك على العملية المشروعة التي شنها الجيش الأذربيجاني في كاراباخ في 27 سبتمبر من هذا العام وفقًا لجميع قواعد القانون الدولي، سيذكره الأذربيجانيون إلى الأبد كمثال واضح على الذاتية والتحيز. من خلال دعمك للاحتلال، التي احتلت منطقة ناغورنو كاراباخ المشهورة عالميًا والمناطق السبع المحيطة بها لما يقرب من 30 عامًا، فإنك تعارض مهمة الوساطة لبلدك في إطار مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. يجب أن تعلم أنه من خلال إعاقة تنفيذ قرارات مجلس الأمن الأربعة التي تؤكد وحدة أراضي أذربيجان، فإنك تقوض نظام العلاقات القانونية الذي نشأ في العالم بعد الحرب العالمية الثانية.

والآن القيادة الفرنسية ووسائل الإعلام تحاول تبرير أفعال الاحتلال في كارابا باشكال مختلفة وتغض الطرف عن جرائم الحرب مثل قتل المدنيين الأذربيجانيين في كنجة، مينغاشفير، بردعة و ترتر. بصفتك رئيس دولة مهمتها ضمان السلام، يجب عليك الابتعاد عن هذه المؤيدة الصارخة للأرمينيا والاعتذار لشعبنا، كما قال الرئيس إلهام علييف. تذكر أن الدخول في التاريخ كراعٍ للذين يحتلون أراضي دولة أخرى، لا يمكن أن يكون مرفوع الرأس، بما فيهم أنت.
 
وأيضاً، أي شخص يدعم الاحتلال كمثالك ويحاول معارضة القضية العادلة لأذربيجان يجب أن يعلم أن هذه المحاولات ستذهب سدى. إن تصميم الرئيس الاذربيجانى وشجاعة جيشنا وتضامن الشعب والدولة سيضمن عاجلاً أم آجلاً انتصار قضية أذربيجان العادلة في حرب كاراباخ. لن تتمكن أي قوة خارجية من منع ذلك. النصر للحق!

رئيس الأكاديمية الوطنية الأذربيجانية للعلوم

الأكاديمي رامز مهدييف
 
أخبار ذات صلة
captcha