ایکنا

IQNA

حكمة الله اقتضت أن يكون تنصيب الامام علي(ع) في غدير خم

12:33 - July 30, 2021
رمز الخبر: 3482015
النجف الأشرف ـ إکنا: حكمة الله اقتضت أن يكون تنصيب الامام علي(ع) في منطقة غدير خم لأن الغدير هو المكان المناسب حيث به ماء فيجبر الحجاج للوقوف عنده للتزود من الماء للروي ولحمل الماء للطريق،كذلك غدير خم مفترق طرق ومحطة انطلاق للرجوع إلى المنزل.
حكمة الله اقتضت أن يكون تنصيب الامام علي(ع) في غدير خم
وفي البداية نهنئ العالم الأسلامي كافة وشيعة أهل البيت عليهم السلام خاصة مراجع وموالين بذكرى عيد الغدير الأغر سائلين المولى عز وجل بحفظ الإنسانية جمعاء من كل داء وبلاء أما بعد:

أننا نعلم أن لله أحكاماً تناسب السلوك البشري ليس في الخلق فقط بل بكل مجالات الحياة التي يعيشها الإنسان، والفرد المسلم بالذات، فنرى في الجانب الفقهي جعل أشياء محرمة لأن بها ضرر على المسلم سواء كانت خاصة بالإنسان كأكل الميتة والدم وشرب الخمر، أو أشياء عامة بها ضرر إجتماعي كالزنا وقتل النفس والنفاق الى غير ذلك.

فالله مهتم بعبده ومراعيه ومتابعه بكل جزئيات حياته وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الله يحب العبد ويريد به خيراً، ومادام يريد به خيراً، فهل من المعقول أن يهتم بأصغر الجزئيات للإنسان من أكل وشرب وسلوك وعبادات، بل حتى في كيفية الدخول في الخلوة والاستنجاء، ولم يهتم بالجانب العقائدي والقيادي للناس، ويترك الناس تقود حياتها بلا دليل ولا مرشد ولاراعي لهم، تفترسهم ذئاب الشرك والأفكار الضالة والتيارات المنحرفة، وهذا خلاف العدل واللطف الألهي، فلا بد أن يرسل لهم من رسول ويبعث لهم من نبي حتى تستمر الحياة وتسير الناس على طريق واضح، ولكن يأتي هنا تسآئل ما حال الأمة اذا  أنقضت فترة الرسل هل يترك الله الناس بعد هذه الفترة الطويلة من آدم إلى فترة نبوة محمد صلى الله عليه وآله، والذين تعذبوا في فترة نبوتهم لأجل هداية الناس ثم ينتهي دورهم وتذهب كل هذه الجهود التي بذلت سودى،ويرجع الإنسان يقود نفسه بنفسه، فهنا يوجد احتمالان:أما أن تستمر حركة النبوة بأن كل زمان له نبي إلى أن تنتهي الدنيا فيلزم على الله كما أرسل الرسل قبل رسول الله صلى الله عليه وآله بأن يستمر بارسال الرسل والأنبياء إلى الناس حتى تنتهي الدنيا، وإما أن يكون دور النبوة قد انتهى فيجعل الله كل البشر معصومين، أو من كان مسلماً أو يدخل للأسلام، يصبح معصوم حتى لايخطأ، وهذان الاحتمالان مردودان.

أما الأول:فان الله جعل الأنبياء والرسل ممهدون لرسالة النبي صلى الله عليه وآله وأنه خاتم النبين كما هو معلوم عند المسلمين، فأذا قلنا باستمرار النبوة نكون قد نفينا خاتمية رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذا محال لأننا قد نكون مخالفين للقرآن،كما في سورة الأحزاب الآية 40 (ماكان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين وكان الله بكل شيء عليما) وبهذا يكون الأحتمال الأول باطل، أما الاحتمال الثاني بأن الناس بعد رسول الله يكونون معصومين، فهذا أيضاً باطل وذلك من عدة أوجه، الأول:أنه مخالف للقرآن، لأن القرآن يذكر ويحصر العصمة بأشخاص معدودين بعد رسول الله(ص) كما في آية التطهير " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" الأحزاب 33، فهي تخص النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة المعصومين من ذرية الحسين كما شرحت ذلك السنة النبوية حين بين لجابر بن عبد الله الأنصاري عدد وأسماء الأئمة حتى يختمهم قائمهم عليه السلام، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى اذا كان الناس كلهم معصومون يعني لاتوجد معصية، فكيف بهذه الجرائم التي تحدث في كافة أرجاء العالم الأسلامي من قتل وحروب وغش وفساد جسدي واقتصادي الى مالانهاية،كذلك لوسلمنا بعصمة المجتمع نكون قد عطلنا دور الإمام المهدي(عج) فلا حاجتة بغيابه ولابظهوره، وهذا مخالف لقول النبي(ص) عن الإمام المهدي بأنه "يملأها عدلاً وقسطاً بعد ما ملأت ظلما وجوراً" أذا يوجد ظلم وجور فيدفعه الإمام المهدي(عج) وينشر العدل والقسط، وكذلك لوكانت الأمة معصومة فلاداعي بأن يخلف النبي(ص) الثقلين للأمة كما هو معروف بقوله  صلى الله عليه وآله:(أني مخلف فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي ابدا...........) وبهذا لابد من وجود خليفة يخلف النبي(ص) من بعده، ومادام الله يحب عباده فلابد أن يجعل خليفة وممثل للنبي ولايكون ذلك التنصيب بالأنتخاب بل بالنص لمن تتوفر به صفات وشروط القائد ومنها العصمة،لهذا نجد أن الله بعث جبرائيل إلى النبي لأنها أيامه الأخيرة، بأن يعين الخليفة من بعده وأن يبايعوه أمام عينيه حتى اذا أخلف أحدهم يكون عليه شهيداً، وبهذا تتضح لنا فلسفة يوم الغدير، ولماذا كانت به قضية التنصيب للإمام علي عليه السلام، لأنه الأكفأ والأجدر بقيادة الأمه، ونحن نعرف أن هذا التنصيب ليس من رسول الله(ص) بل بامر من الله كما في آية التبليغ قوله تعالى "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فمابلغت رسالته والله يعصمك من الناس...........) المائدة ٦٧  وقد بين النبي(ص) ماهو المراد من هذا التبليغ بقوله:(من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه.........) ونجد أن السماء قد كانت دقيقة حتى في اختيار الزمان والمكان.

أما الزمان فهو حجة الوداع التي من بعدها سوف يموت النبي صلى الله عليه وآله، واذا لم يبلغ الا عند عودته فربما يقتصر التبليغ على أهل المدينة،لكن التبليغ كان في موسم الحج وقداجتمع به من المسلمين منهم خارج بلاد الاسلام، حتى يقدرون من نقل تبليغ النبي(ص) فلابد أن يكونوا حاضرين،كذلك المكان كان في غدير خم وعند مفترق طرق ولم يكن في مكه لأن ضجيج الحجاج واقامة المناسك ربما لايكون للبعض حظوة بسماع تبليغ النبي صلى الله عليه وآله، فكان الغدير هو المكان المناسب لان به ماء فيجبرون للوقوف عنده للتزود من الماء للروي ولحمل الماء للطريق،كذلك غدير خم مفترق طرق ومحطة انطلاق للرجوع إلى المنزل، فاقتضت حكمة الله أن يكون التنصيب هاهنا، وهذا ماقام به النبي(ص) حيث أقر المسلمون بذلك التنصيب وهو تنصيب الإمامه،حيث توجد شواهد كثيرة على ذلك،منها:قول عمر بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة) حيث أقر بالإمامة ولم يعارض، ومنها:قول حسان بن ثابت بقصيدة المعروفه يخصنا منها قول حسان:(إماما وهاديا) صرح بلفض الإمامة ولم يعترض عليه أحد من المسلمين،كذلك من الأدلة قضية الحارث الفهري عندما إعترض على النبي صلى الله عليه وآله قضية التنصيب بقصة المعروفة حيث يقول للنبي:(ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع أبن عمك ففضلة علينا وقلت من كنت مولاه فهذا علي مولاه ،فهذا شيء منك أم من الله،فقال رسول الله:والذي لااله الاهو أن هذا من الله،فولى الفهري يريد راحلته وهو يقول: اللهم أن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أوائتنا بعذاب اليم،فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله،وأنزل الله تعالى:(سأل سآئل بعذاب واقع........) وكان ذلك بمرأى ومسمع من المسلمين بأن هذا قد عارض تنصيب علي بن أبي طالب بالإمامة فنزل عليه العذاب فأن من قبل فهو عدو الله كما قال ذلك رسول الله(ص):(اللهم والي من والاه وعادي من عاداه ) ومن الشواهد على التنصيب للإمامة هو نزول قوله تعالى:(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت  لكم الاسلام دينا.........) المائدة 3، ولهذا نجد أن لهذا اليوم مكانة خاصة عند أئمة أهل البيت عليهم السلام ونذكر شاهد على ذلك كما في الخصال ص٢٦٤ "عن الفضل قلت لأبي عبد الله كم للمسلمين من عيد؟فقال: اربعة أعياد،قال: قلت:قد عرفت العيدين والجمعه،فقال لي:أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجة،وهو اليوم الذي أقام فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام ونصبه للناس علما،قال:قلت:مايجب علينا في ذلك اليوم،قال:يجب عليكم صيامه شكرا لله وحمدا له مع أنه أهل أن يشكر كل ساعة،وكذلك أمرت الأنبياء اوصياءها أن يصوموا اليوم الذي يقام فيه الوصي يتخذونه عيدا،ومن صامه كان أفضل من عمل ستين سنة".

وقد نستفاد من هذه الرواية بأن يوم تنصيب الأوصياء كان يوم عيد، وهذا يدل بأنه ليس بدعة عند الشيعة بل هو مأمور به من قبل الأنبياء وقول الأنبياء حجة فنحن نحتفل بيوم الغدير تأسياً بالأنبياء وبأهل البيت عليهم السلام الذين عبروا عن يوم الغدير بأنه عيد الله الأكبر، وقد وردت به الكثير من الأعمال أهمها زيارة أمير المؤمنين عليه السلام في هذا اليوم،والصلاة قبل الزوال بنصف ساعة والتصدق  واطعام الطعام إلى غير ذلك من الأعمال التي ذكرتها الكتب المعتبرة فمن أراد أن يرجع اليها،ولايسعني في نهاية المقال،الأ أن أبارك لكم عيد الغدير الأغر جعلنا الله وأياكم ممن تمسك بولاية أمير المؤمنين عليه السلام، رزقنا الله في الدنيا زيارته وفي الآخرة شفاعته،والسلام عليكم ورحمة اللة وبركاته.

بقلم الأستاذ في الحوزة العلمية في النجف الأشرف "الشيخ محمد البنداوي"

captcha