ایکنا

IQNA

الشیخ عبدالله ناصر...أكاديمي ومفكر إسلامي ساهم في تحقيق تطلعات شرق إفریقیا

10:54 - January 17, 2022
۱
رمز الخبر: 3484334
نيروبي ـ إکنا: كتب المفكر الاسلامي والزعيم الروحي للشيعة في شرق إفريقيا "الشيخ عبدالله ناصر" الذي توفي 11 يناير الجاري، العديد من الكتب عن الشيعة والاسلام باللغة السواحيلة، وقد تُرجم بعضها إلى الإنجليزية والرواندية، كما كان قبل وفاته منشغلاً في ترجمة وتفسير القرآن بالسواحيلية.

وتوفي المفکر الاسلامي والعالم الجليل والزعيم الروحي للشيعة في شرق إفریقیا، "الشیخ عبد الله ناصر" في 11 يناير 2022 عن عمر يناهز 89 عاماً، ولقد فقدت الساحة أحد رجالاتها الفاعلين والعاملين و وجهاً من وجهاء الشیعة.
 
حياته المبكرة:

ولد الحاج الشیخ عبدِاللهِ ناصر في مدينة "مومباسا" في کینیا في عام 1932 لعائلة من الشعراء والعلماء والمعلمين والنشطاء، وکان جده من أمه عالماً من علماء اهل السنة وكان لأمه مدرسة دينية أسستها وكانت تديرها. بدأ تعليمه المبكر بالمدرسة الدينية حيث التحق بالمدرسة في سن مبكر من أربع سنوات واستمر في دراسته للعلوم الاسلامیة من عام 1936 إلى 1946 للميلاد.

دراسته الاكاديمية:

في نفس الوقت كان لديه تعليم مدرسي أکادمي متزامن في مدرسة "الشباب العرب" الابتدائية من 1941 الی 1949 للميلاد. ثم التحق بكلية "بيت الراس" لتدريب المعلمين في زنجبار من 1950 إلى 1951.

حياته المهنية المبكرة:

عند عودته إلى مومباسا قام بالتدريس في المدرسة العربية الابتدائية من 1951 إلى 1954، ولكن بسبب حالته الصحية، تم ایقافه بمبرر صحي. تعافى من مرضه، ثم التحق بمعهد مومباسا للتربية الإسلامية بعنوان كاتب محاسب وكمدرس ديني بدوام جزئي من 1955 إلى 1957.

حياته السياسية:

وقد اهتم الشيخ الراحل بسياسة كينيا فكان من الناشطين قبل الاستقلال من 1957-1963 وکان عضواً لاتحاد حزب الشعب(people's party union). کان له نظریات مثیرة حول استقلال المنطقة من أيدي الاستعمار. 

وانتخب عضواً في المجلس التشريعي في كينيا قبل الاستقلال وشغل هذه الصفة من 1961 إلى 1963، وحضر المؤتمر الدستوري الكيني التاريخي الذي عقد في لانكستر هاوس، لندن، في عام 1963.

في حين سعت بعض الجماعات في منطقة الحدود الشمالية السابقة علناً للانفصال عن كينيا، ذهبت محمية كينيا  (Kenya protectorate) (التي كانت تحت سلطنة عمان قبل ايقاع الاتفاق مع بريطانية) إلى محادثات لانكستر للحصول على ضمانات حول مستقبل سكان قطاع 10 أميال بهدف محدد لتأمين الحقوق الدينية في أي إعفاء مستقبلي.

وذهب الشيخ محامياً عن تلك الحقوق. هناك دافع عن المحاكم الاسلامية وغيرها من حقوق المسلمين. فمن بركات مقاومة الشيخ بقاء هذه محاكم القضاء الاسلامية الى اليوم. مستندات هذه الاتفاقات موجودة عند أولاد الشيخ الراحل. 

وأشاد نائب الرئيس الكيني "وليامی روتو" بالشيخ عبد الله ناصر في تغریدته بعد وفاة الشیخ وقال إنه خدم المجلس التشريعي الكيني (ليجكو)"legco)" بعامي 1961 و 1963 بامتياز.

قال روتو: "كان الشيخ عبدالله ناصر عملاقاً أكاديمياً ومفكراً سياسياً ذكياً وقوةً مخلصةً للتنمية، وقد ساهم بشكل كبير في تحقيق تطلعات منطقة الساحل".

وقال حاكم مومباسا حسن جوهو في تغریدته إن الشيخ ناصر عالم محترم كان في طليعة الكفاح من أجل الاستقلال.

وقال جوهو "ببالغ الحزن تلقيت نبأ وفاة الشيخ عبد الله ناصر. لقد كان عالماً محترماً وعبقريًا أدبيًا ورجلًا لا تشوبه شائبة".

ما بعد اسقلال البلد من الاستعمار:

بعد الاسقلال لم تعجبه المناصب السياسية فقد ترك العالم السياسي وبقي خارج الحكومة يدافع عن الحقوق و يرشد المسلمين في اتخاذ المواقف السياسية الصحيحة، ثم من 1964-1965 عمل كمراقب عربي سواحلي مع بي بي سي في نيروبي. انضم لاحقًا إلى مطبعة جامعة أكسفورد وعمل محررًا باللغة السواحيلية مع فرع شرق إفريقيا لمطبعة جامعة أكسفورد في نيروبي من 1965 إلى 1973.

ومن ضمن الکتب التی حررها کتاب رئيس  تنزانیا الاول جوليوس نيريري. علی ما نقل عنه کان لا یجامل فی عمله هذا وقد اختلف مع الرئيس نيريري فی بعض ما کتبه فیه وحصل بینهم مناقشات.

وفي عام 1973، ترك الشيخ عبدِ اللهِ مطبعة جامعة أكسفورد ليشكل شركته الخاصة للطباعة والنشر وفي عام 1974 استدعته مطبعة جامعة أكسفورد لرئاسة فرع شرق إفريقيا كمدير عام وعمل بهذه الصفة من 1974 إلى 1977.

سبب انتقاله من مذهب اهل السنة الى مذهب اهل البيت(ع):

قال الحاج الشيخ عبد الله ناصر في حديث عن سبب تشیعه، انه بعد التعرف على فضائل الإمام علي (ع)، أدرك تدريجياً أن الإمام علي (ع) هو أفضل مسلم بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). "بعد فترة استلمت کتاب الغدير تألیف العلامة الأميني. عندما قرأت المجلد الأول، أدركت استقامة الشيعة. ثم ذهبت إلى مساجد الشيعة وقرأت المزيد من الكتب وأصبحت في النهاية شيعياً".

تألیفاته:

كتب وساعد في تأليف العديد من الكتب والكتيبات سبعة عن الشيعة والتشيع باللغة السواحيلية وعن الإسلام عشرين كتاباً، وقد تُرجم بعضها إلى الإنجليزية والرواندية. وقبل وفاته كان منشغلاً في ترجمة وتفسير القرآن الكريم باللغة السواحيلية.

کان یحب کتابة الكتيبات أكثر من المجلدات، وكان يقول إن كتبه لعامة الناس ويقول ان الناس لا يجدون وقتاً لقراءة المجلدات وكان غرضه الوصول الى الجميع و ارشادهم الى المذهب الحق والى سواء السبيل.

حياته التبليغية:

وساهم في احتواء الشباب وجذبهم الى حظيرة الاسلام ونشر الوعي في أوساطهم محارباً التطرف الديني عبر المحاضرات والدروس، وكان داعية اسلامياً من الطراز الأول حيث حظي بثقة كبار علماء الإسلام متجاوزاً الحواجز المذهبية والقبلية.

وترك أثراً واضحاً في شريحة واسعة من المثقفين وعلماء الدين في أغلب دول شرق افريقيا عبر عقد المؤتمرات والملتقيات، كما شارك في مؤتمرات اسلامية عالمية عديدة.

وعلى الرغم من نشاطه في السياسة الكينية، فقد كرس الشيخ عبد الله بعض الوقت في أنشطة الدعوة والتبليغ منذ عام 1954 حتى عام 1959. خلال الفترة 1960-80 عمل في ترجمة القرآن الكريم والتعليق عليه في الأشهر المقدسة رمضان أثناء إقامته في مومباسا (1960–64) وبعد ذلك عندما استقر في نيروبي (1965–1980).

وببراعته الفكرية، لم يتبع الشيخ عبد الله بشكل أعمى التصورات الشائعة على نطاق واسع حول الشيعة. دفعته روح الاستفسار إلى قراءة الكتب التي كتبها علماء الشيعة. في نفس الوقت، كان يتفاعل مع المجتمع الشيعي بهدف فهم العقيدة الشيعية بشكل أفضل. في الوقت المناسب، أظهر الميل تجاه العقيدة الشيعية فی برنامجه الأسئلة والإجوبة التي کان یجریه على إذاعة شرکة الإذاعة الكينية (kbc) من 1977-80 وقد أثار البرنامج الكثير من الاهتمام.

وعند عودته إلى مومباسا في أوائل الثمانينيات، كان محاضراً منتظماً لمجالس محرم التي نظمتها مؤسسة "بلال مسلم میشون" في كينيا في حسينية إمام برغة.

ومن المحاضرین الآخرين في مجالس محرم، الشريف خيتامي، الشريف بدوي، البروفیسور بكاري من جامعة نيروبي، وعدد آخر من علماء أهل السنة من مومباسا ولامو. لقد شیع الشیخ الکثیر بواسطة هذه المحاضرات.

وعندما تم افتتاح قاعة بلال مسلم  میشون رسمياً في عام 1988 ، واقیمت المجالس السواحيلية لأشهر محرم وسلسلة محاضرات أخری بعد ذلك، کان الشيخ عبد الله من بين المحاضرین الرئيسيين الذين کانوا يجتذبون جمهوراً کبیراً.

وکان في هذه الفترة وفي الوقت المناسب ، حیث أعلن الشیخ اعتناقه مذهب التشیع.

و تجدر الاشارة هنا انه كان متشيعاً قبله ولكن لم یظهر تشيعه الا بعد سنوات عديدة، وبقي يلقي المحاضرات ويظهر للناس الحقائق عن التشيع وعن التاريخ الاسلامي، فكان مستمعوه يسألونه: اذا كان التشيع هو المذهب الحق  فهل نعتنق التشيع أو ماذا ينبغي أن نفعل؟ فكان يقول لهم اذا رأيتم أن التشيع على الحق لا مانع من ان تتشيعوا. وكانوا يسألونه: و كيف انت؟ لماذا لا تتشيع؟ و كان يجيبهم: كل واحد مسؤول عن نفسه. انتم اتبعوا ما رأيتم انه الحق. وقد شيع الكثير بهذا الاسلوب.

كما أجرى الشيخ عبد الله ناصر عدة مراحل من المناقشات مع العلماء الوهابيين حول تاريخ الإسلام ومبادئ المعتقدات الشيعية.

محاضراته المسجلة:

من خلال قسم "بلال مسلم ميشون" الإعلامي قد سجل الشيخ عبد الله محاضرات مختلفة تم بثها بشكل خاص في برامج إذاعية وتلفزيونية نظتمها مؤسسة بلال مسلم ميشون في كينيا. وهكذا قسم التبليغ لجماعة الخوجا في دار السلام ومؤسسة العطرة في دار السلام.

بالإضافة إلى تنزانيا، قد سافر الشيخ الى الهند وباكستان والولايات المتحدة الأمريكية وكندا والهند الغربية، حيث دعوا الشيخ عبد الله لحضور جولة محاضرات لأنه كان قادراً على إلقاء محاضرات باللغتين الإنجليزية والسواحيلية.

وهذه المحاضرات ان جمعت وكتبت تتحول الى كتب قيمة تفيد الاجيال لما تحمل من فكر أصيل وحقائق عن تاريخ الاسلام.

اهتماماته العلمية:

وكان الشيخ متبحراً في التاريخ الاسلامي والتفسير و عقائد الخلاف والفكر السياسي. وكانت محاضراته القيمة تدور حول هذه المحاور عموماً.

تأسيسه الحوزة العلمية:

وكان من أمنياته تربية الطلبة الاسلامية المبلغين بتربية متناسبة مع منطقة شرق افريقيا. فأسس حوزة في ماتوغا، وهي مدينة في نواحي مومباسا. وعاونه في ذلك المرحوم الشيخ حسن موالوبا. سميت هذه الحوزة باسم حوزة امير المؤمنين (عليه السلام). وقد تخرج كثير من الطلبة من هذه الحوزة المباركة الى هذا اليوم، منذ عام 2004، أنشأ أيضًا مكتبة عامة مجانية وتضم فيها غرفة المطالعة في مومباسا.

نشاطاته الاجتماعية:

كان  وجهاً فريداً من وجهاء الشيعة، وكان يلجأ اليه الشيعة من كل شرق افريقيا لحلّ كثير من مشاكلهم الاجتماعية، بل حتى السياسية. كان يسافر الى الدول المجاورة لحل الخلافات الحالة بين وجهاء الشيعة، وكانت كلمته هي كلمة الفصل.

كان يتردد اليه قيادات المجتمع الشيعي من كل الاطياف لطلب النصائح والارشادات الابوية، وكان الشيخ لا يجامل أحداً، بل كان يقول الحق في وجوههم ولكن بلسان أب رحيم.

وكان من امنياته جمع كل الشيعة تحت مظلة ومؤسسة واحدة. في سنة 1988 جمع الشيعة في بيته واقترح لهم اهمية تأسيس مظلة تضم كل الشيعة في كينيا، ولكن مع الاسف كثير منهم لم يدركوه جيداً فلم تثمر الجلسة فيما بعد ما كان يرومه الشيخ.

في سنة 2005 قام الشيخ بحركة أخرى وجمعت حوله كل منظمات شيعية في البلد وأقيمت جلسات عديدة لكتابة الدستور ولكن مع الاسف الشديد لم توافق الحكومة على تسجيله رسمياً.

ندعو الله انشاء ان يتحقق أمنية الشيخ الراحل بواسطة وجهود محبيه ومريديه.

وفاة الشيخ:

وتوفي الشیخ عبد الله ناصر في 11 يناير 2022 عن عمر يناهز 89 عاماً، ولقد فقدت الساحة أحد رجالاتها الفاعلين والعاملين و وجهاً من وجهاء الشیعة.

نقدم التعازي للامة الاسلامية في شرق افريقيا ونخص بذلك ولديه الكريمين الاخ اسلامبولي والاخ عبدالقادر وبقية اولاده الاعزاء وجميع أسرته ومحبيه، نسأل الله تعالى له المغفرة والرحمة وان يجعله في الجنة مع محمد(ص) واهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

منشور: 1
تحت المراجعة: 0
غیر قابل للنشر: 0
Dr jasim Husain
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وال محمد تلقيت ببالغ الاسى رحيل الشيخ عبد ناصر الذين امضى حياته الكريمة في اعلاء كلمة الله سبحانه وفي هداية الناس الى سبيل الهدى بالموعظة والكلمة الحسنة . كان بصيرا في امر دينه شجاعا في اظهار كلمة الحق صابرا مصابرا لرعاية مصالح المؤمنين في بحر متلاطم من المصالح الدولية وبذل قصارى جهده في نشر كلمة الحق ومعالم الدين ومكارم الخصال والافعال من خلال كتباته التي سعى جاهدا لايصالها الى الناشئة من المسلمين .
رحم الله الشيخ عبد الله ناصر وحشره مع محمد واله (عليه وعلى اله السلام ) واسكنه فييح جنانه
captcha