ایکنا

IQNA

نهضة الحسين (ع) مواقف وقِيَم

19:10 - August 06, 2022
رمز الخبر: 3487154
بيروت ـ إکنا: قد أجمع المسلمون بل غير المسلمين على أنه ما من فضيلة إلا وكانت في الامام الحسین(ع) في درجاتها العُليا، ولا نَسَبَ يعدوه أو يتجاوزه أو يسبقه، فهو ابن عَلِيٍّ ولي الله، وهو حفيد محمد رسول الله(ص) وخيرته من خلقه.

"اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ وَعَلَى الأَرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ، عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ الله أَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ".

لما بَلغَ الحسينُ (ع) في مسيره إلى العراق منطقة تسمَّى "بَيضة" خطب في أصحابه وأصحاب الحُرِّ الرِّياحِيِّ، وكان مما جاء في خطابه الشريف: "فأنا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، وابنُ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسولِ اللهِ (ص)، نَفْسِي مَعَ أَنْفُسِكُم، وَأَهْلي مَعَ أَهْلِيْكُم، فَلَكُم فِيَّ أُسْوَةٌ".

هو ذا الحسين (ع) يُعلن للناس هويته، يعلن لهم من هو، وينتسب لهم، وهو صاحب الحسب الرفيع والنسب النبيل، فلا حسب فوق حسبه، كيف وهو التقي النقي الذي لم يكن منه خطأ طيلة حياته الشريف، ولا مثلبة، ولا معصية، وقد أجمع المسلمون بل غير المسلمين على أنه ما من فضيلة إلا وكانت فيه في درجاتها العُليا، ولا نَسَبَ يعدوه أو يتجاوزه أو يسبقه، فهو ابن عَلِيٍّ ولي الله، وهو حفيد  محمد رسول الله وخيرته من خلقه، وأمه الزهراء سيدة نساء العالمين، وجده الأعلى عبد الله أحد الذبيحَين، ثم عبد المطلب سيد مكة، ثم هاشم سيد البطحاء، ثم يستمر نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم (ع) شيخ الأنبياء ورافع قواعد الكعبة المُشَرَّفة، فأي نَسَبٍ يرقى إلى نَسَبهِ، وأيّ مجدٍ يسمو إلى مجده.

لقد كان ضرورياً جداً أن ينتسب الحسين (ع) إلى الناس، أن يذكر لهم إلى من ينتمي، وإلى أي أُسرَة ينتسب، إنه ينتسب إلى الأسرة التي أخرجت الناس من الظلمات إلى النور، الأسرة التي جعلت من قبائل العرب التي كانت يغزوا بعضها بعضاً أُمَّة تُناظرُ الأممَ الأخرى بل تتفوق عليها بدينها وإيمانها وقِيَمِها، الأسرة التي أعزَّتهم بالإسلام بعد أن كانوا أذلاء بجاهليتهم وشركهم وعبادتهم لأصنام كانوا يصنعوها بأيديهم. 

إنه ينتمي إلى الأسرة التي منها رسول الله خاتم رسل الله وأنبيائه، والتي كان الحزب الأموي لدودا في العداء له، وقد قام مجَيِّشاً جيوش الكفر والنفاق والشقاق لمحاربته والصَّدِّ عنه، ولم يترك وسيلة إلا واستعملها، ولا فرصة إلا واستغلَّها، وكانت له جيوش من المتخصصين في الحرب الدعائية يعتمد عليها في تشويه سمعته وسمعة أهل بيته الأطهار، حتى كان من ليس له بصيرة ولا يتمتع بالوعي الكافي يعتقد أن علياً (ع) لم يكن يُصَلي، متأثرا بالدعاية الأموية التي كانت تشتري ذِمَمَ رواة الحديث فيختلقون الأكاذيب في حق النبي (ص) وعليٍّ (ع)، لذلك كان من الضروري أن ينتسب لهم الإمام الحسين في هذا المكان وفي سواه من الأمكنة.

بعد انتسابه لهم هو ذا (ع) يقول لهم: "نَفْسِي مَعَ أَنْفُسِكُم، وَأَهْلي مَعَ أَهْلِيْكُم" فنفسه معهم، هو منهم وهم منه، وأهله مع أهليهم، يجري عليهم ما يجري على أهل الآخرين، فهو لا يترفَّعُ عليهم من جهة، ولا يطلب منهم ما لا يفعله في نفسه وأهله، لا يطلب منه النهوض إلى قتال الطغاة ويقعد هو أهله عن القتال بانتظار أن يستثمر النتائج، ولا يدعوهم إلى الموت ذوداً عن الدين ثم يُجَنّب نفسه وأهله الموت، بل هو معهم في كل ما يطلبه منهم ويحثُّهم عليه، بل يتقدمهم أشواطاً في ذلك، إن كثيراً من أصحابه الذين استُشهِدوا مع الحسين (ع) كانت عوائلهم في الكوفة أو غير الكوفة، استشهدوا ولم يُقْتَل معهم أبناؤهم إلا ما ندر، اسُتشهِدوا ولم تُسبى نساؤهم إلا ما نَدَر كذلك، أمّا الحسين (ع) فقد قٌتِلَ هو وأبناؤه وإخوته الصغار منهم كما الكبار، ولولا قدَرُ الله ومشيئته لَقُتِلَ خَلَفه الإمام زين العابدين (ع)، وأما زوجاته وبناته وأخواته فقد سُبينَ جميعاً، وسار الطُّغاة بهنَّ من بلَدٍ إلى بَلَد، وعرضوهن على عامة الناس وهُنَّ على الحالة التي كُنَّ عليها. 

وإذا فلهم فيه أسوة، وقدوة، ومثَلٌ أَعلى يُحْتَذى، في حسبه، وفي تضحياته، وفي إيثاره، وفي فنائه في الله ربه.

بقلم الأكاديمي والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "السيد بلال وهبي"

captcha