ومن التساءلات حول المعاد هو أن الله يکون قادراً علی محاسبة الناس في الدنیا وجزاءهم ولکن لو کان الأمر کذلك لعمل الانسان صواباً بغیة الجزاء أو خشیة من الجزاء وهذا ما لاقیمة له عند الله.
وشرف الإنسان رهن حقه في الإختیار لأن العبادة قسراً یقوم بها الملائکة إنما الإنسان خُلق بین أهوائه وتوجهاته المتضاربة لیقوم بالإنتخاب من بینها.
ولم یمتدح القرآن الکریم إلا الذین باتوا أمام الحق والباطل فقاموا بإختیار الحق رغم میولهم النفسیة وففي القرآن الکریم نماذج علی ذلك منها ذبح إبراهیم (ع) لإبنه إسماعیل (ع) إبتغاء مرضاة الله.
والنموذج الآخر تمثل في سیرة أهل البیت (ع) عندما دخل فقير علی الامام علي(ع)، والسيدة فاطمة الزهراء(س)، والامام الحسن(ع) والامام الحسین (ع) فقیراً فأعطوه إفطارهم وهم صیام "إمتثالا للآیة الکریمة " وَ یُطعِمون الطَّعامَ عَلى حُبّه".
فالمؤمنون يستيقظون في منتصف الليل لطلب المغفرة والدعاء لله كما قال الله سبحانه وتعالى في الآية الـ16 من سورة "السجدة" المباركة "تَتَجافى جُنوبَهم عَنِ المَضاجِع"، كما جاء في الآية الـ18 من سورة الذاريات "و بِالاَسحارِ هُم یَستَغفِرون".
ومعيار قيمة العمل في الرؤية الإلهية هو أن يختاره الإنسان بحرية تامة وبدون انجذاب مادي وغريزي ، وإلا فلا قيمة له.
ويختلف العقاب والمكافأة الفورية عن العقوبة والمكافأة طويلة الأمد من حيث المشاعر الإنسانية. لذلك أخّر الله الثواب والعقاب ليختار الإنسان الطريق الصحيح بحرية كاملة من بين الغرائز والرغبات والميول.
مقتطفات من كتاب "أصول العقيدة الاسلامية(المعاد)" بقلم الكاتب والمفسر الايراني للقرآن "الشيخ محسن قرائتي"