"الحمد الله رب العالمين بارئ الخلائق أجمعين وصل الله على سيد الانبياء والمرسلين حبيب إله العالمين وخاتم النبين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الهداة المهدين سيما مولانا وسيدنا ومنقذنا الامام المبين والكهف الحصين وغياث المضطر المستكين وخاتم الائمة المعصومين.
وروى الحاكم النيسابوري بسنده عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): "يَنْزِلُ بِأُمَّتِي فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ بَلاَءٌ شَدِيدٌ مِنْ سُلْطَانِهِمْ لَمْ يَسْمَعِ اَلنَّاسُ بِبَلاَءٍ أَشَدَّ مِنْهُ حَتَّى تَضِيقَ عَلَيْهِمُ اَلرَّحْبَةَ وَ حَتَّى تَمْلَأَ اَلْأَرْضَ جَوْراً وَ ظُلْماً ثُمَّ إِنَّ اَللَّهَ يَبْعَثُ رَجُلاً يَمْلَأُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ اَلْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ اَلسَّمَاءِ وَ سَاكِنُ اَلْأَرْضِ لاَ تَدَّخِرُ اَلْأَرْضُ مِنْ بَذْرِهَا شَيْئاً إِلاَّ أَخْرَجَتْهُ وَ اَلسَّمَاءُ مِنْ قَطْرِهَا شَيْئاً إِلاَّ صَبَّهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً يَعِيشُ فِيهِمْ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَاناً أَوْ تِسْعاً يَتَمَنَّى اَلْأَحْيَاءُ اَلْأَمْوَاتَ مِمَّا صَنَعَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَهْلِ اَلْأَرْضِ مِنَ اَلْخَيْرِ".
والمقال يتضمن المقدمة، وأربع نقاط: 1 ـ الامام المهدي(عج) ضرورة عقلية 2 ـ الامام المهدي(عج) في الكتاب والسنة 3 ـ السنن التاريخية وزوال الحضارات الفاسدة السابقة واللاحقة 4 ـ مظاهر دولة العدل الموعودة.
المقدمة: لقد اتفقت الاديان السماوية والمذاهب الاسلامية والوضعية أنه لابد من وجود مخلص ومنقذ للبشريه في آخر الزمان وانه بأسماء وعناوين مختلفة لحقيقة واحدة وهذا ما أوجبه العقل والفطرة السليمة والسنن التاريخية وبناء على ذلك نرى أمماً سبقتنا لعلها أكثر تطوراً منها لكنها انتهت لانها لم تلزم بخط وتعاليم السماء الصحيحة هذا أولاً وثانياً: افسدت في الارض ونشرت الظلم وانتهكت الحقوق وأماتت القيم النبيلة وأبدلتها الشذوذ الجنسية والاخلاقية وخصوصاً الحضارة الغربية المزيفة ونلاحظ العالم مقبلاً على تحولات كبيرة منها زوال حضارات كبرى تابعة للباطل (أعوان الشيطان) وكما ورد في الاحاديث بعنوان "المسيح الدجال".
وهنا اختلف العلماء على فرض صحة الحديث في معناه هل هو رجل أم ظاهرة؟ ولعل ما أشار اليه الشهيد السيد محمدباقر الصدر "انه يمثل حضارة الباطل بكل أشكالها وكذلك الشهيد مرتضى مطهري "نعم وهو الاقرب لما نراه اليوم من آثار مدمرة للبشرية من هذه الحضارة المزيفة" وهنا حقيقة لابد من ذكرها وردت في القرآن وهو الصادق الامين من قبل رب العالمين بعنوان السنن التاريخية التى مرت بها الامم السابقة والتي أكثر تطوراً وتقدماً وقوةً لكنها عصت امر ربها "وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا"(سورة الاسراء / 16) منها قوم ثمود وعاد والفراعنة وسبأ مرت بمراحل كما يقول علماء الاجتماع ١-الطفولة ٢-الشاب والقوة٣-والشيخوخة والهم ٤-ثم الزوال.
كما ذكرنا الفراعنة ازالها نبى الله موسى(ع) والامبراطورية الرومانية كانت دولة عظمى سقطت سنة (286)م حكمت أوروبا والعالم حوالي 300 سنة زالت ولم يبقى الا آثار وكان آنذاك لايتوقعون زوالها وكذلك الدولة البيزنطية التي جاءت بعدها وحكمت 1000 سنة ثم زالت ولم يبقى من شيء وكذلك الدولة الاموية حكمت 99 سنه انتهت والدولة العباسية حكمت اكثر من خمسة قرون وانتهت وكذلك الدولة العثمانية انتهت وكذلك بريطانيا العظمى التي لاتغرب عنها الشمس وكان يسمى بالرجل العجوز.
ثم عشنا انهار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي من الداخل ولم يبقى الا روسيا، وسوف تنتهي أمريكا العظمى وتنهار من الدخل لانها عصت امر ربها واشاعت الظلم والفساد والانحراف عن خط السماء.
اذن السنن التاريخية اثبت ذلك وسوف يتجه العالم الى المنقذ الحقيقي والذي ورد ذكره في الكتب والاديان السابقة نأتي على ذكرها لاحقاً، تشير المراكز البحثية في الغرب الى عظم الفساد المالي والاخلاقي من هذه الحضارة المزيفة وما خفية اعظم: ١-ان اكبر نسبة من الأموال التى تصرف على نشر الفساد بكل انواعه وأشكاله لكي يسيطر على الانسان وعقله.
وتدمير الاسرة ورابطها، وتقليل نسبة سكان العالم الربع أو أقل من ذلك من خلال الطرق التالية:
1 ـ المخدرات وتجارتها بكل أنواعها 321 مليار دولار سنوياً ٢- مبيعات الخمور 1600 مليار دولار سنوياً ٣- تجارة الدعارة 400 مليار دولار سنوياً ٤- تجارة القمار 110 مليار دولار سنوياً ٥ ـ مبيعات الاسلحة 100 مليار سنوياً.
ماذا حصلنا من هذه الحضارة المزيفة غير القتل والدمار والتدخل بالقوانين الطبيعة لتغيرها لصالح المترفين وتجهيل الشعوب وافقارها؟ هل من المعقول أن تدوم هذه الحضارة كلا والف كلا وان اخر التقارير تشير الى إنهيار أمريكا من الداخل وهذا ليس رأينا بل علماء وفلاسفة الغرب يذكرون ذلك لان الحضارة بدون القيم الروحية والاخلاقية واساسها الدين لايمكن ان تستمر منهم "ريشادكوك" و"كريس سميث" قد اشار الى انهيار الغرب من الداخل وهو مايجعل الانحراف نحو الانتحار الجماعي يبدو حتمياً وكذلك جاء في كتاب "موت الغرب باتريك جيه بوكانن" حيث تحدث الكتاب عن الهجرات الاجنبية الى الولايات المتحدة الاميركية وتداعياتها السلبية على التغير الديمغرافي لسكان الولايات المتحدة وعواقبها السيئة مثل عزوف الشباب والشابات عن الزواج والبطالة وانتشار الجريمة والفساد والشذوذ الجنسي وقطع النسل البشري وانتشار الاوبئة القاتلة وصناعة الفايروسات وقتل البشر اذن الغرب يسير نحو الزوال والاضمحلال والانقراض كالامم السابقة.
كما ذكر القرآن الكريم الاية تشير وقوله "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا"(الاسراء) وكذلك "وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا"(الاسراء / 16) والذي عنده شك في سوف يندفع بهذه الآيات وغيرها "وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيراً بصيراً"{الإسراء: 17] كانها تشير الى ما يحدث في هذا العالم وهنا دلالة واضحة ان الله تعالى لايعذب أحداً حتى يرسل اليه الحجه "قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين"( الانعام / 149).
الادلة والبشارات من الكتب السماوية والمذاهب الاسلامية عدّها بعض المحققين ست وثلاثين والتى تشير ظهور المنقذ والمهدي باسماء مختلفة وكذلك الايات تشير الى ذلك منه "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ"
[الأنبياء: 105] وكذلك "ونُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" فارادة الله سبحانه لاتتخلف وكذلك ما ورد عن النبي الاكرم(ص) باتفاق الفرقين بخصوص المهدي المنتظر(عج) من الاحاديث ما يزيد الالاف بل طغى على جميع فروع الدين من الصلاة والصوم والحج والزكاة وغير وكذلك عن الأئمة المعصومين(عليهم السلام) كثيرة اما علماء العامة تدل على الاتفاق بل الاجماع واليكم بعض اقوالهم ابن ابى الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة:قال: قد وقع اتفاق الفريقين من المسلمين أجمعين على أن الدنيا والتكليف لاينقضي إلا عليه(المهدي) عجل الله فرجه الشريف وكذلك ذكر السويدي في سبائك الذهب وقال: "والذي اتفق عليه العلماء أن المهدي هو القائم في آخر الزمان، وأنه يملأ الأرض عدلاً".
ومنهم ابن خلدون المعروف باعدائه ونصبه لاهل البيت(ع) كماجاء في مقدمته: قال "اعلم ان المشهور بين الكافة من اهل الاسلام على مر العصور أنه لابد من ظهور رجل من أهل البيت(ع) يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلون يعني تتحقق الوحدة العقائدية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية ليظهره على الدين كله ويستولى على الممالك الاسلامية ويسمى بالمهدي عجل الله فرجه وغير ذلك من العبارات الصحيحة والصريحة والتى تدل على هذا المعنى بل لايوجد من يدعى خلاف ذلك من أهل الاديان والمذاهب وغيرهم بل حتى العقلاء والفلاسفه يقرون بذلك حتى العلمانين عنده اطروحة الخلاص البشري من الظلم والفساد اذن النتيجة لايوجد في هذا العالم غير هذا المشروع الالهي للخلاص من الظلم والاستبداد كما كشفها الامام الباقر(ع) وهو مورد اتفاق بين الفريقين يبقر العلم بقرا.
ورواية يرويها ابوبصير عن الامام الباقر(ع) قال: "دولتنا اخر الدول ولايبقى اهل بيت لهم دولة الا وهلك قبلنا كي لايقول اذا ملكنا سرنا بسيرة هولاء (لوحكمنا لعدنا) الكل من الملحد والرأسمالي والشيوعي وغير الكل يعطى الفرصة فيفشل كما جاء كتاب الغيبة للطوسى والارشاد المفيد واعلام الورى للطبرسي: اذن دولة الامام المهدي(ع) تهدم الدولة الباطلة والحضارات الفاسدة من خلال طريقين:
1 ـ تهدم القيم الفاسدة للحضارة الغربية وتأتي بمنهج جديد ينشر القيم الصالحة ويحقق العدل بين جميع المخلوقات وهذه هي خارطة السماء في نهاية الام.
وكذلك تقتضي حكمة الله تعالى ذلك ليبني مجتمعاً صالحاً في جميع المجالات يقوم على أساس القسط والعدل لتتشكل حضارة الهية عالمية واخر دعونا ان الحمدالله رب العالمين (﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾
[ يوسف: 88]
وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
بقلم رجل الدین العراقي المقیم في أسترالیا، ورئیس جمعیة التقارب بین المذاهب الإسلامیة، "الشیخ بهاء الدین الجبوري"