وأشار إلى ذلك، الأكاديمي المدرس في جامعة "هارفارد" الأمريكية "شادي حكمت ناصر" في محاضرة إلكترونية قدّمها بسلسلة محاضرات "ثلاث ليالي مع رمضان" التي أقيمت حول مواضيع إسلامية وقرآنية كما حاضر في الليلتين التاليتين محاضران آخران.
وقال: "من المرجح أن يكون هناك مصحف كامل قبل جمع الخليفة الثالث "عثمان بن عفان" للمصحف الشريف موضحاً أن قراءة "إبن مسعود" التي تختلف عن القراءات الأخرى تعني وجود نموذج سابق قام بإتباعه في تلاوة القرآن الكريم".
وأضاف أن "القرآن الكريم لم يكن نصاً شفوياً بحت بل تفيد المصادر أن هناك مصحفاً جامعاً كان يوجد قبل جمع الخليفة الثالث للقرآن الكريم وإن لم يكن شاملاً وكاملاً ولم يجمع كل الآيات والسور".
وأوضح "شادي حكمت ناصر" أن هناك قاعدة أساسية وهي أن ما يتم نقله شفوياً يُنسى وهنا نتأكد أن القرآن الكريم لم يكن نصاً شفوياً بحت بل كان يُكتب.
وأوضح أن هناك إجماعاً بين أهل السنة وبعض علماء الشيعة على أنه لم يتم جمع كتاب معين أو مصحف كامل في عهد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
وحول حفظ المصحف الشريف من التحريف رغم اختلاف القراءات، قال: "كل بلد يتبع نوعاً من القراءة وبالتالي هناك لجنة لتنقيح وتصحيح القراءة ونشرها والإشراف عليها ولهذا لم يكن هناك تحريف للقرآن بسبب القراءة بقدر ما قد يكون هناك تحريف للحديث".
وأردف شادي ناصر مبيناً أن المصادر الإسلامية تكشف عن وجود 50 حتى 70 قراءة للمصحف الشريف على مدى 300 عام بعد نزوله موضحاً أن "إبن مجاهد" صنّف العام 936 للميلاد سبع قراءات كانت هي الأشهر في العالم الإسلامي.
وقال "شادي ناصر" إن أول نسخة مطبوعة من القرآن كانت تستند إلى رواية "حفص عن عاصم"، موضحاً أن سبب انتشار رواية حفص عن عاصم في العالم الإسلامي هو أن هذه الرواية تم انتشارها في العهد العثماني.
وقال الأكاديمي المدرس في جامعة هارفارد أن المصحف الذي لدينا اليوم هو المصحف نفسه الذي كان يقرأه الصحابة العام 800 ميلادي رغم وجود اختلافات صغيرة في أداء الألفاظ.
وأشار أستاذ الدراسات القرآنية في جامعة "هارفارد" الأمريكية إن غاية العلماء هي توحيد القراءات وإزالة أكبر قدر من الاختلاف في القراءة.
هذا ويذكر أن "شادي حكمت ناصر" هو أستاذ الأدب العربي والحضارات الإسلامية بجامعة هارفارد، وحصل على الدكتوراه في الدراسات العربية والإسلامية من جامعة هارفارد عام 2011 للميلاد. كما كان أستاذاً للغة العربية ومنسقاً لبرنامج اللغة العربية في جامعة "ييل" من عام 2009 إلى عام 2012 ، بالاضافة الى أنه عمل أستاذاً لدراسات اللغة العربية الكلاسيكية في كلية الدراسات الآسيوية والشرق أوسطية في جامعة كامبريدج في عام 2013 للميلاد.
ولـ"شادي ناصر" كتابان بعنوان "نقل القراءات المختلفة للقرآن ومسألة تواتر ونشوء القراءات الشاذة" و "التدوين الثاني للمصحف، ابن مجاهد ونشأة القراءات السبع"، كما أن لديه موقع على شبكة الإنترنت يسمى "EvQ" وهو موسوعة القراءات القرآنية.
المصحف العثماني، هو المصحف الذي تم تدوينه بأمر عثمان بن عفان، وكان يطلق على المصاحف العثمانية أو على بعضها بالمصحف الإمام، وقد تم تدوينه ليقضي على الخلافات بين المسلمين بسبب اختلاف النسخ الموجودة عندهم، وبعد الفراغ منه أمر عثمان بإعدام سائر المصاحف، وكانت تضم لجنة التدوين أربعة رجال، وهم: زيد بن ثابت، وعبد الله بن زبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث.