
ورُوِيَ عن
الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ لَمْ يُنْصِفِ الْمَظْلُومَ مِنَ الظّالِمِ سَلَبَهُ اللّهُ قُدْرَتَهُ".
معادلة أخرى يكشف عنها الإمام (ع): إن تجاهل حقوق المظلومين وعدم التصدي للظلم يؤدي إلى زوال نعمة القدرة التي وهبها الله للإنسان، سواء كانت قدرة سياسية، أو اجتماعية، أو مادية.
وعليه: فنحن أمام قاعدة أخلاقية عظيمة تؤكد على ضرورة العدل وإنصاف المظلومين، فإن نصرتهم واجب ديني، وأخلاقي، وإنساني، يعكس التزام الإنسان بالقيم الإلهية والمبادئ النبيلة، وعلى المرء العاقل السَّوِيِّ أن يعمل على إقامة العدل ومنع الظلم بأي شكل من الأشكال، وعلى أي صعيد من الصُّعُد.
إقرأ أيضاً
وإن التقاعس عن نصرة المظلومين يؤول إلى عواقب وخيمة على المتقاعس نفسه وعلى المجتمع برمته، عندما يُهمِل الإنسان دوره في تحقيق العدل والدفاع عن حقوق المستضعفين، فإن الله يسلبه قدرته وقوته، هذا السلب قد يكون في صورة فقدان منصبه، أو نفوذه، أو الاحترام الاجتماعي، أو حتى صحته وعافيته.
إن الله سبحانه وتعالى أقام الكون على العدل، ويعامل خلقه، كل خلقه بالعدل، ويأمر بإقامة العدل والقسط، قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ"﴿النحل: 90﴾. وينهى عن الظلم، ويشنأ الظالم، ويتوعَّده بعذاب أليم في الدنيا وفي الآخرة، قال تعالى: "إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" ﴿إبراهيم: 22﴾.
وقال تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴿42﴾ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ"﴿إبراهيم: 43﴾.
وينهى عن التعاون مع الظالم، وعن السكوت عنه، قال تعالى: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ" ﴿هود: 113﴾.
وكان من آخر ما أوصى الإمام أمير المؤمنين (ع) ولديه الحسن والحسين (ع) فقال: "كُونا لِلظّالِمِ خَصْماً وَلِلمَظلُومِ عَوْناً". وقال الإمام زين العابدين (ع) في دعائه: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ مَظْلُومٍ ظُلِمَ بِحَضْرَتِي فَلَمْ أَنْصُرْهُ".
حين يُظلَم المظلوم ولا يجد من يناصره، فإن ذلك يُفضي إلى عواقب وخيمة على الفرد وعلى المجتمع، إن ذلك يفتح الباب واسعاً لانتشار الفساد والظلم والجور، ميستوجب عقاباً إلهياً يطال الفرد والمجتمع معاً، وعندما لا يُنصف المظلوم، يفقد المجتمع قدرته على مواجهة الظلم، ما يؤدي إلى انهياره، فضلاً عن سخط الله وغضبه.
إن علينا جميعاً، أفراداً ومجتمعاً أن نعزِّز ثقافة العدل، وننشر الوعي بأهمية الدفاع عن المظلومين والمضطهدين، ورد العدوان عنهم، وعن حقوقهم، وأن نتدخل لوقف الظلم والإبلاغ عن الممارسات الظالمة الغاشمة، وتقديم الدعم القانوني والاجتماعي، والتواصل معهم، والوقوف إلى جانبهم، ومساندتهم نفسياً ومعنوياً، وإيصال صوتهم إلى الجهات التي تقدر على رفع الظلم عنهم.
بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي: