ایکنا

IQNA

آية الله السيد فاضل الجابري:

اليوم العالمي للقرآن يمثّل محطةً للتأمل في عظمة هذا الكتاب الإلهي

15:24 - February 05, 2025
رمز الخبر: 3498870
النجف الأشرف ـ إکنا: أكد الأستاذ البارز في الحوزة العلمية بالنجف الأشرف "سماحة آية الله السيد فاضل الموسوي الجابري" أن اليوم العالمي للقرآن الكريم، يمثّل محطةً للتأمل في عظمة هذا الكتاب الإلهي، وإبراز دوره في بناء الحضارات، وإحياء القيم الإلهية في المجتمعات الإنسانية.

وأصدر سماحة آية الله السيد فاضل الموسوي الجابري من أبرز أساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف بياناً بمناسبة اليوم العالمي للقرآن الكريم:
 
جاء نصّ البیان کما یلی:
 
"بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنزل الكتاب تبيانًا لكل شيء، وجعله هدى ورحمة للعالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
 
ان اليوم العالمي للقرآن الكريم، يمثل محطةً للتأمل في عظمة هذا الكتاب الإلهي، وإبراز دوره في بناء الحضارات، وإحياء القيم الإلهية في المجتمعات الإنسانية.
 
لقد اختار الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم ليكون كلمة الفصل بين الحق والباطل، وجعله معجزة خالدة تتحدى العقول والأزمنة، فقال جلّ وعلا: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَـٰنًۭا لِّكُلِّ شَىْءٍۢ وَهُدًۭى وَرَحْمَةًۭ وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ} (النحل: 89).

إقرأ أيضاً

وإن تخصيص يوم عالمي للقرآن الكريم ليس مجرد احتفاء رمزي، بل هو دعوةٌ جادة لإعادة هذا الكتاب العظيم إلى موقعه الطبيعي في قيادة الفكر الإنساني، وتنظيم حياة الأفراد والمجتمعات، ومواجهة التحديات الفكرية والأخلاقية التي تعصف بالعالم اليوم.
 
لقد كان القرآن الكريم على مدى القرون الماضية مصدرًا للإلهام العلمي، ودليلًا للأمة نحو الاكتشافات المعرفية، فقد أرسى أسس التفكير العقلي والمنهجي، وأكد على أهمية العلم والتدبر، فقال سبحانه وتعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد: 24).

وقد أكد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) على عظمة القرآن ودوره بقوله: "إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع، وماحل مصدق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار." (نهج البلاغة، خطبة 176)؟.
 
أهل البيت (عليهم السلام) والقرآن؛ العلاقة الوثيقة:

لقد أوصى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أمته بقوله: "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدًا." (صحيح مسلم، ج4، ص1873؛ الكافي، ج2، ص415). 

فكانت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) الحارس الأمين لتفسير القرآن الكريم وتوضيح معانيه، ودعوتهم إلى التدبر فيه لم تكن مجرد وصية نظرية، بل منهجًا تربويًا وعلميًا متكاملًا، كما قال الإمام علي (عليه السلام): "ذلك القرآن فاستنطقوه، ولن ينطق، ولكن أخبركم عنه: ألا إن فيه علم ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظم ما بينكم." (نهج البلاغة، خطبة 158).
اليوم العالمي للقرآن يمثّل محطةً للتأمل في عظمة هذا الكتاب الإلهي
اليوم العالمي للقرآن الكريم؛ دعوة للتدبر والتطبيق:

يا أمة القرآن، إن اليوم العالمي للقرآن الكريم يجب أن يكون فرصةً حقيقيةً لإعادة تعريف العلاقة بين الأمة وكتابها الخالد، وذلك عبر:
 
1 ـ  تعزيز الدراسات القرآنية المعمقة، وربطها بالواقع المعاصر، لتقديم حلول قرآنية للقضايا الفكرية والاجتماعية.

2 ـ تطوير مناهج تعليمية متكاملة تجعل القرآن الكريم محورًا رئيسيًا في بناء الوعي الديني والثقافي للأجيال القادمة.

3 ـ إحياء مفهوم التدبر في القرآن الكريم، والابتعاد عن الاقتصار على التلاوة المجردة، لنستخرج من كنوزه ما ينير طريق الإنسانية.
 
4 ـ العمل على نشر التفسير الموضوعي للقرآن وفق منهج أهل البيت (عليهم السلام)، الذين كانوا المفسرين الحقيقيين لحقائقه وأسراره.
 
مسؤولية العلماء والمفكرين تجاه القرآن:

إن مسؤولية العلماء والمفكرين في هذا اليوم العالمي للقرآن، تتجلى في إعادة توجيه الخطاب الديني والثقافي ليكون قرآنيًا بامتياز، من حيث المضمون والمنهج، بعيدًا عن التفسيرات الضيقة والتأويلات القاصرة التي تعيق نهضة الأمة.

وقد أكد أمير المؤمنين (عليه السلام) على دور القرآن في بناء الأمة، فقال: "واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان من عمى." (نهج البلاغة، خطبة 176).
 
مسؤولية الامة تجاه القرآن الكريم:

يا أمة القرآن؛ إن الإهتمام بالقرآن لا يكون بالشعارات فقط، بل يكون بترسيخ قيمه في وجدان الأمة، وتعزيز حضوره في المناهج التربوية، وتقديمه للعالم باعتباره رسالةً للإنسانية كلّها، فهو الكتاب الذي لم يُنزَل لقومٍ دون قوم، ولا لزمان دون زمان، بل هو دستور خالد، كما قال الإمام الرضا (عليه السلام): "هو حبل الله المتين، وعروته الوثقى، وطريقته المثلى، المؤدي إلى الجنة، والمنجي من النار، لا يخلق من الأزمنة، ولا يغث على الألسنة، لأنه لم يجعل لزمان دون زمان، بل جعل دليل البرهان، وحجة على كل إنسان." (عيون أخبار الرضا، ج2، ص130).
 
ختاماً: دعوة للعودة إلى القرآن الكريم:
 
في هذه المناسبة المباركة، ندعو الأمة الإسلامية إلى اتخاذ اليوم العالمي للقرآن الكريم نقطة انطلاق جديدة نحو إعادة بناء حضارتها وفق المبادئ القرآنية، والاستنارة بهديه في كل مجالات الحياة.
 
وفي الختام : لا يفوتني ان أقف احتراماً وتقديراً لكل من ساهم في تخصيص يوم عالمي للقرآن وهو خير دليل على تعلقه بهذا الكتاب الكريم وخدمته له وان شاء الله تعالى سوف يكون له شافعاً مشفعاً يوم القيامة.
 
نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن، القائمين بحدوده، المتدبرين في آياته، وأن يعيننا على حمل رسالته، ونشر نوره في أرجاء المعمورة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
السيد فاضل الموسوي الجابري 
الخامس من شعبان المعظم 1446 
الحوزة العلمية في النجف الاشرف

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

captcha