ایکنا

IQNA

جواهر علوية...

الاستعانة بالعدو تُضعف الاعتماد على الله

21:42 - April 19, 2025
رمز الخبر: 3499796
بيروت ـ إکنا: إن العَدُوُّ لا يُريد الخير للمستعين به، وقد يُظهِر المساعدة ويخفي الإضرار، فيكون ماكراً ومخادعاً، ولهذا الأمر شواهد كثيرة.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ اسْتَعانَ بِعَدُوِّه عَلى حاجَتِه ازْدادَ بُعْداً مِنْها" .

هذه معادلة، أو حتمية، سمِّها ما شئتَ لكن مفادها في منتهى الأهمية، والأهم منه أن نفهمها ونبني خياراتنا على أساسها، تنبهنا من خطورة الاستعانة بالعدو في تحقيق الحاجات لأن ذلك يؤدي حتماً إلى عدم تحققها، إذْ كيف لعدوك أن يحقّق حاجاتك، وكيف له أن يعينك على بلوغ غاياتك وتحقيق أهدافك، إن ذلك غير ممكن، بل يقرب من الاستحالة، إلا إذا كان العدو يستدرجك ببعض الحاجات حين يقضيها لك، أو بإظهار نواياه الحسنة كمقدمة للإيقاع بك. 


إقرأ أيضاً


إن العداوة خصوصاً تلك الناشئة من اعتداءات متمادية، أو نتيجة ظلم تاريخي ممتد لعشرات بل مئات السنين، أو تلك الناشئة من خلافات عَقَدية نتج عنها حروب طويلة، أو عدو قامت حياته وحياة أسلافه على المكر والخديعة والكذب وتزوير التاريخ وطمس الحقائق ولبس الحق بالباطل، أو عدو يرى أنه شعب الله المختار، وأنه ليس عليه سبيل فيما يفعله بغيره من الناس، الذي يعتقد أنهم أدنى منه في الإنسانية، وأن الله خلقهم على صورة البشر ليأنس بهم، إن هذا النحو من من العداوة ليست حالة عابرة، إنما هي عداوة مستحكمة، ومن المقطوع به أن العدو هنا لا يتورَّع عن أي فعل يمكن أن يتسبّب لمن يعاديه بالشر والقتل والخسارة والهزيمة، بل لا يألو جهداً في المكر بمن يعاديه والإساءة إليه، وإنزال الضربات القاتلة به، وتدمير بُناه، وقتل أفراده، والانتشاء بذلك القتل كما حدث ويحدث الآن، إن هذا العدو وسواه لا يمكن الوثوق به، ولا حُسنُ الظن به، ولا المراهنة عليه، ولا الغفلة عنه وعن مكائده.

"مَنْ اسْتَعانَ بِعَدُوِّه عَلى حاجَتِه ازْدادَ بُعْداً مِنْها" والسرّ في ذلك يعود إلى:  

أولاً: عدم إخلاصه: فالعَدُوُّ لا يُريد الخير للمستعين به، وقد يُظهِر المساعدة ويخفي الإضرار، فيكون ماكراً ومخادعاً، ولهذا الأمر شواهد كثيرة لا مجال لذكرها في هذه المقالة.

ثانياً: التبعية والاستغلال: فإنه لا جدال بين عاقِلَين في أن يُسخِّر العدو حاجة الطرف الآخر لتحقيق مآربه، فيجعله تابعاً له اقتصادياً وسياساً وعلمياً، والتبعية تعني النعدام السيادة والاستقلال والحرية، مِمّا يؤدي بالتابع أن يصير مجرد أداة بيد المتبوع.

ثالثاً: الابتعاد عن التوكل على الله: فالاستعانة بالعدو تُضعف الاعتماد على الله، والله هو مصدر القوة الحقيقي.

نستنتج مِمّا سبق: ضرورة الاعتماد على النفس، وتعزيز الاستقلالية، وذلك بالسَّعي الدائم لحل المشكلات بالاعتماد على الذات وتقوية القدرات الذاتية، وهذا مسار طويل يجب البدء به اليوم قبل الغد، وضرورة الثقة بالنفس وأننا قادرون على الحصول على حاجاتنا وابتكار ما نحتاج إليه، وضرورة أن يكون لنا حلفاء صادقون مخلصون نعتمد عليهم فيما لا نقدر عليه، وأن يكون اعتمادنا قبل ذلك على الله تعالى فالله هو المعين، بل خير معين.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

captcha