ایکنا

IQNA

أكاديمية إیرانیة: موسم الحج منبر عالمي لتعزيز الوحدة الإسلامية

13:29 - May 04, 2025
رمز الخبر: 3500002
طهران ـ إکنا: صرّحت الأكاديمية الايرانية "الدكتورة زهراء سلامي" أن موسم الحج ليس مجرد مناسك حركية ومظاهر عبادة شكلية، بل هو رسالة كبرى، ومنبر عالمي للوحدة الاسلامية كما يعدّ ميداناً عمليً لإحياء روح الأمة الإسلامية، في وجه التحديات المتراكمة والفتن المتزايدة.
زهرا سلامیوأعلنت عن ذلك،الأستاذة الجامعية الايرانية والباحثة والناشطة الدولية "الدكتورة زهراء سلامي" خلال الكلمة التي ألقاها صباح اليوم الأحد 4 مايو / أيار 2025 م في الندوة الالكترونية الدولية التي نظّمها المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية تحت عنوان "الحج دعوة للوحدة وإحیاء الأمة المسلمة".
 
فيما يلي نصّ کلمة الدكتورة زهراء سلامي:

"بسم الله الرحمن الرحيم  

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين و صحبه المنتجبين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أيها العلماء الأجلاء، الحضور الكرام، الحج ليس مجرد مناسك حركية ومظاهر عبادة شكلية، بل هو رسالة كبرى، ومنبر عالمي للوحدة، وميدان عملي لإحياء روح الأمة الإسلامية، في وجه التحديات المتراكمة والفتن المتزايدة. إنّه مؤتمر سنويّ ربّاني، يجمع المسلمين من كل فجٍّ عميق، بمختلف مذاهبهم وأعراقهم وألوانهم، ليرفعوا كلمة التوحيد، ويجددوا العهد مع الله، ومع الأمة.

وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ(الحج / 22)

إنّ الأمة الإسلامية تعاني اليوم من تمزق داخلي، وصراعات مذهبية وسياسية أضعفت جسدها، ووهنت إرادتها، وسهلت على أعدائها اختراقها واحتلال أراضيها. وفي هذا السياق، تأتي فريضة الحج كفرصة استثنائية لتذكير المسلمين بأن ما يجمعهم أعظم مما يفرقهم، وأنّ قبلتهم واحدة، وربهم واحد، وكتابهم واحد.

إقرأ أيضاً:

وقد أكّد سماحة الإمام القائد آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (دام ظله الوارف) على هذه الحقيقة في إحدى رسائله إلى الحجاج، قائلاً: "إنّ الحج مظهر الوحدة الإسلامية ومحلّ إعلان الموقف من القضايا المصيرية للأمة... الحجّ ميدان تلاقٍ وتفاهم وتلاحم وتعاون وتكافل، وفرصة لتعريف المسلمين بقضاياهم المشتركة".
  
ومن أبرز القضايا المشتركة التي ينبغي أن تتصدّر خطاب الحج، قضية فلسطين، وخصوصاً ما يجري اليوم في غزة الجريحة، حيث يمارس الكيان الصهيوني أبشع أنواع الإبادة الجماعية ضد شعبٍ أعزل، لا يملك إلا الإيمان والصمود، أمام آلة القتل والدمار المدعومة من الاستكبار العالمي، وعلى رأسه أمريكا.

العدوّ لا يفرّق بين طفلٍ وامرأة، ولا بين شيخٍ وشاب، وقد تجاوز كل القوانين الدولية والأخلاقية، وسط صمتٍ مشين من أغلب الأنظمة العربية والإسلامية، بل وتواطؤ بعضهم مع المعتدي. نعم! إن ما يؤلم القلب حقاً هو صمت الكثير من الحكومات الإسلامية إزاء هذه المأساة و تراجع بعضها عن مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية.

وفي هذا السياق، يقول الإمام الخامنئي: "فلسطين اليوم هي المعيار الحقيقي لفهم إلتزام الدول والشعوب بالإسلام وقيمه... إنّ الدفاع عن غزّة هو دفاع عن الإسلام، عن الكرامة الإنسانية، عن العدالة".

الحج، أيها الإخوة، ليس مكاناً للسكوت، بل هو ساحة لفريضة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، ومن أعظم المنكرات اليوم هو الصمت على جرائم الصهاينة، وغضّ الطرف عن معاناة أهلنا في فلسطين. ألا ينبغي أن يكون منبر الحج منبراً لرفع الصوت بوجه أمريكا والكيان الصهيوني؟ أليس الحج موسماً للفريضة السياسية الكبرى التي دعا إليها الإسلام؟!

إنّ الوحدة التي يدعو إليها الحج، ليست وحدة شكلية أو مجاملة وقتية، بل هي وحدة على أساس القيم والمواقف، وحدة ضد العدوّ المشترك، وحدة تعيد للأمة قوتها وهيبتها.

إنّ الحجّ ليس مجرّد عبادة شعائرية محضة، وإنما هو منظومة متكاملة ذات أبعاد إيمانية و اجتماعية و سياسية وثقافية، تهدف إلى إحياء الأمة الإسلامية وإعادة بنائها على أسس الوحدة والوعي والتكامل.

أولاً: الحج مدرسة للوحدة الإسلامية  

في الحج، تذوب الفوارق القومية واللغوية والطبقية، فيرتدي المسلمون لباساً واحداً، ويقفون في موقف واحد، ويؤدّون شعائر واحدة. هذا المشهد العظيم يُجسّد عمليًّا مفهوم وحدة الأمة. فحين يرى المسلم نفسه في حضرة ملايين من إخوانه، من مختلف أنحاء الأرض، يدرك عمق الانتماء إلى أمة واحدة، هي أمة الإسلام، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ هٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.

ثانياً: الحج منصة للتواصل والتبادل الفكري
  
ويتيح موسم الحج فرصاً ثمينةً للعلماء والمفكرين والدعاة وقادة المجتمعات الإسلامية للتواصل وتبادل التجارب والرؤى. ومن هنا يمكن استثمار هذا اللقاء السنوي في وضع استراتيجيات مشتركة لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الأمة، كالتغريب، والفرقة، والجهل، والاحتلال، وسوء استخدام الموارد.

ثالثًا: الحج يعيد ربط الأمة بالمنابع الأصيلة  

الحج يعيد المسلم إلى الجذور: إلى إبراهيم عليه السلام، إلى التوحيد الخالص، إلى الكعبة المشرفة التي هي رمز المركزية والقداسة في الإسلام. وهذه العودة الفكرية والروحية تحيي في النفس المسلمة الارتباط بالعقيدة الصافية، وتدعو إلى نبذ البدع والخرافات والانحرافات الفكرية التي مزّقت جسد الأمة.

رابعًا: الحج يعزز الهوية الإسلامية الجامعة
 
في زمن العولمة وفقدان الهويات، يُشكّل الحج أداة فاعلة لتعزيز الهوية الإسلامية. فالمسلم في الحج يشعر أنه جزء من كيان حضاري له رسالة، وله موقع في التاريخ. هذا الإحساس العميق يولد دافعًا لحمل الأمانة، والدفاع عن قضايا الأمة، والعمل من أجل نهضتها.

خامسًا: منبر للحوار والتفاهم بين الشعوب المسلمة  

في ظل النزاعات المذهبية والسياسية، يمكن للحج أن يكون ساحةً للحوار والتقارب، بعيدًا عن التوترات، حيث يلتقي المسلمون على كلمة سواء، تحت شعار: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾. وإذا ما استُثمرت هذه الفرصة في بناء الثقة وتعزيز التفاهم، فإنها تُمهّد الطريق لمصالحة داخلية كبرى على مستوى الأمة.  

أيها الإخوة، و الأخوات

إنّ الحج ليس فقط عبادة فردية، بل هو عبادة أممية. وإذا وعينا أبعاده الكبرى، وأحسنّا استثماره، يمكن أن يكون وسيلة لإحياء الأمة الإسلامية، وبناء وعيها، وتعزيز وحدتها، والانطلاق نحو نهضتها الحضارية الشاملة.

إن اجتماع المسلمين في الحج يمثل فرصة عظيمة لتحقيق وحدة الأمة الإسلامية. هذا التجمع العظيم يُظهر أن المسلمين - رغم اختلاف ألوانهم ولغاتهم وثقافاتهم - أمة واحدة تجمعهم عقيدة التوحيد. لتحقيق الوحدة الحقيقية، علينا التركيز على القواسم المشتركة، وبناء تعاون اقتصادي وتعليمي، وتفعيل دور المؤسسات الإسلامية المشتركة. بذلك نستطيع مواجهة التحديات المعاصرة واستعادة دور الأمة الريادي في العالم.

إن فريضة الحج تمثل قبضةً قويةً وصوتاً موحداً للأمة الإسلامية في وجه قوى الاستكبار العالمي وأعداء الإسلام. فحينما يجتمع الملايين من المسلمين من مختلف بقاع الأرض، متجردين من كل الفوارق، ملبين نداء واحداً، يرسلون رسالة قوية مفادها أن الأمة الإسلامية أمة واحدة متماسكة رغم كل محاولات التفرقة والتمزيق. إن هذا التجمع المهيب ليس مجرد شعيرة عبادية فحسب، بل هو إعلان سنوي للعالم أجمع بأن المسلمين قادرون على توحيد صفوفهم ومواجهة كل التحديات التي تحاك ضدهم من قبل قوى الظلم والاستكبار العالمي.
 
ختامًا، أدعو نفسي وإياكم لاستثمار موسم الحج في الدعوة إلى:
 
- توحيد الصف الإسلامي، ونبذ التفرقة والفتن.  
- إعادة تعريف العدوّ الحقيقي للأمة، وهو الصهيونية والاستكبار.  
- تفعيل الفريضة السياسية في الحج، وجعلها منبرًا لنصرة المظلومين في فلسطين واليمن وسائر البلدان الإسلامية.  
- الاستفادة من توجيهات القيادة الإسلامية الواعية، وفي طليعتها الإمام الخامنئي، الذي لا يزال يذكّرنا بمسؤوليتنا أمام الأمة.
 
نسأل الله أن يجعل حجّ هذا العام خطوة نحو يقظة الأمة، ووحدتها، وعودتها إلى عزّها. نسأل الله أن يرزقنا حجًّا مبرورًا، ووعيًا مستنيرًا، وعملًا صالحًا يُسهم في بناء أمتنا وإعلاء شأنها.  

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
captcha