ایکنا

IQNA

القيادة الإيرانية وعزيمة التفاوض السلبي

11:35 - June 25, 2025
رمز الخبر: 3500689
بيروت ـ إکنا: إن إيران الإسلام اليوم لا تحتاج إلى محاورة مع الأعداء الظالمين بل هي بحاجة ماسّة إلى إعداد القوة، بل إلى مطلق القوة لترهب أعداء الله تعالى،وتجعلهم يائسين في ما يدبّرونه من مكائد وعدوانية.

لا شك في أن الحوار والمفاوضة، وكذلك القدرة على التواصل والتعارف بين الدول والشعوب،كل ذلك يأتي في صميم الدعوة الإسلامية،بل هو أساس في دين الإسلام إلا أن  هذا الحوار والتفاوض، إنما يكون ممكنًا مع مَن يقبل الحوار ويريده، وقد قال تعالى في محكم كتابه:"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم…". فالجدال والمحاورة هي طريقة أهل الحق في التعبير عن الرؤية والموقف، والدفاع عن الحقوق.

وما جعلنا في حيرة من أمرنا، هو استعداد الرئيس الإيراني الدائم للحوار والمفاوضة، إذ هو يُبدي استعداده بعد إعلان أمريكا لوقف النار بين إيران والكيان الصهيوني للانخراط في مفاوضة جديدة للدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الإيراني! ولكنّ حضرة الرئيس لم يقل لنا ماذا كان يفعل وأسلافه من الرؤساء طيلة العقود الماضية، ألم يكونوا جميعًا يدعون إلى الحوار، ويختلفون على طريقة الحوار مع الغرب، وخصوصًا مع أمريكا،رغم أن الإمام الخميني "قده"،قد أوصاهم أن لا يهتموا للحوار مع أمريكا وأن لا يصدّقوها حتى ولو كانت صادقة!


إقرأ أيضاً:


وهذا ما عرضنا له في بحوثنا عن الإمام والثورة منذ أربعين سنة!؟ إن الذي يعنينا في عجالة موقفنا،هو هذا الحب للحوار مع الذين ظلموا،وكم كانت للسيد الخامنئي من تعقيبات ترشد المسؤولين إلى عدم التلهي بالحوار مع الغرب وأمريكا!؟ وكان آخر ما قدّم لنا هو كتاب"قوة التفاوض"،لوزير الخارجية،فهو قدّم رؤيته في ذات اللحظة التي كانت تحاك فيها المؤامرة للاعتداء على الجمهورية الإسلامية!؟

ولسنا نريد في هذه العجالة الوقوف عند ما كانت تتقاذفه التيارات الإيرانية من تهم حول مفاوضة الغرب، فكل انتخابات في الجمهورية الإسلامية كانت ولا تزال تأخذ حيزًا مهمًا تحت عناوين الإصلاح والحوار والاعتدال في الموقف،وغير ذلك!؟ فإيران اليوم،هي في لحظة وجودية فارقة، وعلى كل مسؤول الاستفادة من تجربته، وأن يقدّم لشعبه الموقف المناسب بحيث يعلم الشعب والأمة أن الحوار والتفاوض مع مَن يقتلون الناس، ويعتدون على حقوقهم، ويدمّرون صناعات وأمجاد أبنائهم، فضلًا عن قتل علمائهم، لم يعد له  ما يسوّغهُ في الدين،ولا في السياسة!

فعن أي استعداد يتحدث الرئيس الإيراني؟ ومع مَن سيكون الحوار؟ إن الذي ينفع الأمة اليوم هو وحدة الموقف، وقطع الحوار مع الظالمين،والمطالبة بالتعويضات اللازمة عن ما سببه العدوان على الأمة الإيرانية!

فليكن الاستعداد لمقاضاة هؤلاء الأعداء، لا العودة إلى ترانيم ما قبل الحرب من مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة! لقد سمعنا للتو،سمعنا عجبًا،أن الوزير السابق "ظريف "يتحدّث عن ما تحتاج إليه المفاوضة من احترام، فإذا البديل لذلك يكون القنابل!؟ فيا لها من مفارقة عجيبة،أن معظم القادة لم تثرهم تعاليم القائد الخامنئي حتى استيقظوا على دوي القنابل فوق رؤوسهم!؟

إنها مفارقة تحتاج إلى تأسيس في صياغة الموقف والرؤية في الدين قبل السياسة،ونحمد الله تعالى على ما خصّ به هذه الثورة الإسلامية من عناية عظيمة،فنظر إليها نظرة عطف ولطف ونصر،لتكون في درع الله الحصينة.

إن إيران الإسلام اليوم لا تحتاج إلى محاورة مع الأعداء الظالمين بل هي بحاجة ماسّة إلى إعداد القوة، بل إلى مطلق القوة لترهب أعداء الله تعالى،وتجعلهم يائسين في ما يدبّرونه من مكائد وعدوانية..هذا ما نرى أن الجمهورية الإسلامية تحتاج إليه في هذه اللحظة الحرجة من صراعها مع الغرب والصهيونية العالمية،فلا ينبغي مداهنة الوكالة الذرية بعد الذي تسبّبت به من أضرار للشعب الإيراني،وقد هالنا فعلًا أن مدير هذه الوكالة يُسرع الخطى للقاء الوزير عراقجي،وسؤاله عن كمية اليورانيوم المخصّب،واعدًا نفسه بالعودة المظفّرة لإكمال مكيدته في إيران!

فلتكن الجمهورية الإسلامية في ولادة جديدة،وليستمع المسؤولون جيدًا إلى هتاف السماء في ما خصّت به الأمة الإيرانية من عناية إلهية،حتى كان لها هذا الانتصار العظيم على قوى الاستعمار الغربي! دعونا من الحوار ،وملاطفة الكلام ،وغرابة حماية الحقوق المشروعة بالمفاوضة غير المشروعة مع الظالمين في اللحظات الحاسمة.

فإيران الإسلام اليوم تحتاج إلى منهجية إسلامية جديدة لإحكام المواقف السياسية في التعامل مع الأعداء،سواء في الداخل الإيراني أو خارجه،فلو لم تكن للعدو هذه القوة الداخلية،لما تجرأ على عدوانه،وهذا ما يستدعي المزيد من بذل الجهود للفوز في الحرب التي لن تتأخر كثيرًا طالما أن بشارة الفتح قد أطلت برأسها في استهداف القواعد الاستعمارية.

بقلم أ.د.فرح موسى؛ رئيس المركز الإسلامي للبحوث والدراسات القرآنية في لبنان 

captcha