
صباح يوم 13 یونیو 2026 م أو
الهجوم الأميركي من بعده، بعد أن سخروا عملاء من الداخل والخارج، وبعد أن تمكنوا من القيام باغتيالات لقادة عسكريين وعلماء نووين واستهدفوا مواقع عسكرية وأمنية ومستشفيات ومؤسسات إعلامية ومواقع للطاقة النووية، رغم كل هذه السلسلة من الاستهدافات للتجربة الإسلامية في ايران، خرج النظام واستطاع أن يردّ بكل قوة واقتدار على خصومه وأن يحافظ على أمنه واستقراره، وأن يلتف الشعب أكثر حول قيادته ويسارع لمواصلة البناء والاعمار وإصلاح ما تمّ تدميره على يد الأعداء.
انشغل كثيرون في البحث عن سرّ صمود التجربة السياسية بايران، وتماسك النظام الاسلامي، والاشتمال على التحديات والازمات بكل وعي وادراك، والخروج بأقل الخسائر ومواصلة
مسيرة الثورة الاسلامیة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والعسكرية.
أحد هذه الآراء ـ وهو الأحدث ـ للكاتب عبد الوهاب المرسي والذي نشره على موقع (الجزيرة نت) بتاريخ ٢٧-٦-٢٠٢٥ حيث كتب (أن هذا النظام، بكل ما فيه من تعقيد، ليس مجرد واجهة سياسية يمكن تفكيكها من الخارج. بل هو شبكة متداخلة من الأجهزة، والذاكرة، والإيديولوجيا، والمصالح. دولةٌ قائمةٌ على جراحها، وعلى الخوف الجماعي من تكرار الماضي الإمبراطوري، أو من عودة الهيمنة الغربية تحت أسماء جديدة).
إقرأ أيضاً:
وهناك تفسيرات أخرى تقترب أو تبتعد عن هذا الرأي، لكن ليس فيهم من ذهب الى أن الاسلام كعقيدة حاكمة وراء سر قوة ايران وصلابة تجربتها في مواجهة التحديات التي تعصف بها، ولا كيف استطاعت دولة من العالم الثالث أن ترقص مع الكبار وان تدك قلعةً من قلاع الاستكبار العالمي سواء بالعراق عام ٢٠٢٠ (عين الاسد) أو (العديد) في قطر وتصرخُ (ردوها إنْ استطعتم)!
ان العقيدة الحاكمة في ايران عقيدة إسلامية محمدية حسينية وهذا مثبت بالدستور الذي صوّت عليه الشعب الإيراني بالإيجاب بأكثرية 98.2% ممن كان لهم الحق في التصويت.
وجاء في نص المادة الثانية: يقوم نظام الجمهورية الإسلامية الایرانیة على أساس:
۱- الإيمان بالله الأحد (لا إله إلا الله) وتفرده بالحاكمية والتشريع، ولزوم التسليم لأمره.
۲- الإيمان بالوحي الإلهي ودوره الأساس في بيان القوانين.
۳- الإيمان بالمعاد ودورة الخلاق في مسيرة الإنسان التكاملية نحو الله.
۴- الإيمان بعدل الله في الخلق والتشريع.
۵- الإيمان بالإمامة والقيادة المستمرة، ودورها الأساس في استمرار الثورة التي أحدثها الإسلام.
۶- الإيمان بكرامة الإنسان وقيمته الرفيعة، وحريته الملازمة لمسؤوليته أمام الله.

وهو نظام يؤمّن القسط والعدالة، والاستقلال السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والتلاحم الوطني عن طريق ما يلي:
- الاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط، على أساس الكتب وسنة المعصومين(سلام الله عليهم أجمعين).
- الاستفادة من العلوم والفنون والتجارب المقدمة لدى البشرية، والسعي من أجل تقدمها.
- محو الظلم والقهر مطلقًا ورفض الخضوع لهما.
هذا هو جوهر نظام الحكم في الجمهورية الاسلامية وبمبادئه ونصوصه واجهت الثورة جميع التحديات التي وقفت في طريقها.
فالعقيدة الاسلامية المحمدية الحسينية لاتنظر الى خسائر المعارك التي تخوضها في بعدها المادي بل في بعدها الروحي فمثلاً بالقياس المادي أن الامام الحسين(عليه السلام) خسر المعركة في واقعة الطف،حيث استشهد جميع أفراد جيشه والعديد من افراد أسرته كما استشهد الامام(ع) نفسه ايضاً وسُبيت اسرته وسيقت الى قصور الطغاة.
لكن العقيدة الاسلامية الحسينية في ايران لاترى في استشهاد الامام الحسين(ع) وماحدث لاهل بيته واصحابه بانها معركة خاسرة، بل ترى انها ثورة مازال اوارها قائماً وباتت منهجاً وعقيدة لكل احرار العالم وتوالدت من جذوتها ثورات وثورات اطاحت بالطغات والمستكبرين.
في معركة الـ١٢ يوماً الاخيرة التي هاجم فيها الكيان الصهيوني ايران في (٢٣-٦-٢٠٢٥) وتمكن من اغتيال عدد من القيادات العسكرية وعلماء نوويين عجبَ كثيرون كيف استطاعت القيادة الايرانية ايجاد البديل بهذه السرعة وكيف استطاعت ان تتحمل الصدمة وان تواجه مخططاً كان معداً له ان يطيح بالنظام، بعد ان شاركت بالاعداد له دول عديدة بامكانيات كبيرة مالياً واستخبارياً واعلامياً.
إنّ السرّ الحقيقي في ذلك يعود الى الاسلام الذي يرسّخ قيم الصبر والرضا بامر الله قال تعالى: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).
فالصبر والتصبر عند المحن عدّة المؤمن في الحياة لمواجهة الصعاب،كما لاننكر ميزة الشعب الايراني في الصبر.
يقول وزير خارجية ايران "سید عباس عراقجي" إنّ تعقيد الإيرانيين وصلابتهم تتجلى بوضوح في سجادنا الفاخر، الذي يُنسج بصبر لا نهائي ولساعات طويلة من العمل الدؤوب.كما للشعب الايراني من ميزات أخرى في اعتزازه بتاريخه وارثه العلمي والفكري والادبي كونه وريث حضارات عريقة.
اما كيف يعاجل النظام الايراني في ايجاد بديل لاي قائد يسقط شهيداً فذلك ما أخذه عن الرسول الكريم محمد (ص) حين أرسل جيشاً لمحاربة الروم في غزوة "مؤتة" في العام الثامن من الهجرة حيث سمّى قائداً للجيش جعفر الطيار واوصى اذا استشهد جعفر فالراية لزيد بن حارث وان استشهد زيد فالراية لعبد الله بن رواحة.
هذه التراتبية من أدبيات الحرب عند المسلمين، ويرى فيه الاسلام أحد مقومات نجاح النظام الاسلامي في ادارة الدولة حتى لايشغر منصبٌ وتبقى الرعية بلا راعٍ.
ان قادة الجمهورية الاسلامية هم قادة مسلمون يؤمنون بما جاء به الله ورسوله ويؤدون واجبات الدين في اصعب الظروف حيث بعد استهداف مستشار السيد القائد الخامنئي الجنرال (شمخاني) وانهيار منزله عليه أكد انه ادى صلاة الصبح وهو تحت ركام الحجر.ان خلف كل ضابط وعالم ومفكر ومسؤول ايراني مئات يصطفون ليتشرفوا بعمل لخدمة الاسلام والمسلمين.
هكذا هو الاسلام يعلمنا أن كرامة الله للانسان المسلم المجاهد (الشهادة) وانه ولد ليعيش حياة حرةً كريمة يقول الرئيس الايراني بزشكيان (تعلمنا من الحسين بن علي (عليهما السلام) ألا نستسلم للذل، ألا ننحني أمام الظلم).
بهذه العقيدة الاسلامية تواجه ايران كل التحديات والأزمات فتخرج منتصرةً شامخةً عزيزةً.
بقلم "د.محمود الهاشمي"؛ مدير مركز "الإتحاد" للدراسات الاستراتيجية في العراق