ایکنا

IQNA

كاتب ومفكّر مسیحي في حوار لـ"إکنا":

المسيحية والإسلام رفيقا درب في الإيمان والتوحيد

10:41 - December 26, 2025
رمز الخبر: 3502942
بيروت ـ إکنا: أكد الكاتب والمفكر المسيحي اللبناني "ميشل كعدي" أن المسيحية والإسلام رفيقا درب في الإيمان والتوحيد، عبارة "لا إله إلا الله" كانت موجودة في المسيحية قبل الإسلام، مبيناً أن الرسالة المشتركة للسيد المسيح(ع) والرسول الأعظم (ص) هي وصول الإنسان إلى الكمال.

"ميشال كعدي" باعتباره الكاتب والشاعر والأديب المسيحي اللبناني المولود عام 1944، هو أحد الشخصيات النادرة والبارزة في العالم العربي الذي كرّس حياته الفكرية للكتابة والترويج لأفكار أهل البيت (عليهم السلام). ميشل كعدي، كمفكّر مسيحي يعتبر أهل البيت(ع) من القدّيسين والأخيار عند الله وقد ألّف العديد من الأعمال ذات المضامين الروحية العميقة حول شخصيات مثل الإمام علي (ع) والسيدة فاطمة (س). هذا النهج الفريد جعله شخصية محترمة في كل من المجتمعين المسيحي والمسلم، وتُعرف أعماله كنموذج بارز للحوار بين الأديان والتقارب الفكري.
 
ميشال كعدي، على الرغم من تركيزه العميق على أهل البيت(ع) والشخصيات الإسلامية، لديه نظرة مميزة وعميقة للسيد المسيح (ع) وتعاليم المسيحية. أفكاره حول المسيحية مبنية على مفهوم القداسة والزهد الذي يتجلى في الشخصيات الروحية التي يحترمها، وهو يرى السيد المسيح (ع) ليس فقط كنبي، بل كتجسيد لأعلى درجات العرفان والقداسة، وهذا المنظور يخلق نقطة التقاء مهمة مع تعظيمه لأولياء الله في الدين الإسلامي.

إقرأ أيضاً:


في كتاباته، تُقدّم المسيحية كتقليد روحي غني متجذر في البحث عن الحقيقة والأخلاق النقية، وهذا يساعد على فهم أفضل لأتباع الأديان لبعضهم البعض، حيث يُعتبر الحبّ والتضحية المحور الرئيسي لرسالة جميع المختارين الإلهيين.
 
أجرت وكالة الأنباء القرآنية الدولية (إكنا) حواراً مع المفكر والكاتب والأديب المسيحي اللبناني "ميشال كعدي" بمناسبة ذكرى ميلاد السيد المسيح (ع) حول رؤيته بين الأديان.
 
في البداية، هنأ بذكرى ميلاد السيد المسيح (ع) وصرّح قائلاً: "من الضروري أن نقول إن المسيحية والإسلام رفيقا درب في الإيمان والتوحيد، عبارة "لا إله إلا الله" كانت موجودة في المسيحية قبل الإسلام. لم تنس المسيحية أن ثلاثة من المجوس جاءوا من أرض الحضارة الإيرانية إلى بيت لحم لتهنئة المسيح (ع) بميلاده، وجلبوا معهم الهدايا. فور وصولهم، سجدوا أمام طفل المغارة المسيح (ع) إحتراماً وتقديراً. من الضروري أن نقول إنه لا يوجد إختلاف أبداً بين المسيحية والإسلام، خاصة عندما نعترف جميعاً بأننا كلنا مسلمون لله، ومن أسلم نفسه لله هو مسلم بلا شك".
 
وأضاف: "على هذا الأساس، في محاضراتي ومؤلفاتي عن أهل البيت (عليهم السلام)، والتي تبلغ أحد عشر مجلداً، أقول إننا جميعاً مسلمون لله ولا يوجد فرق بين هذين الدينين. وهنا أشير إلى زيارة قداسة البابا بأكبر مرجع ديني للشيعة في العراق، آية الله السيد علي السيستاني. هذا دليل قاطع على أن الإسلام والمسيحية لهما أسس إلهية وأن التوحيد واحد، ونحن المسيحيين نحبّ الإسلام لأنه دليل على الوحدانية وعبادة الله".
 
وأشار إلى أن "العديد من رجال الدين المسيحيين زاروا إيران المتحضرة وألقوا محاضرات هناك"، مضيفاً: "نحن المسيحيين، أكثر من 400 كاتب وشاعر ومؤرخ، نفخر بأننا كتبنا كتباً عن آل بيت النبي (ص) واعترفنا بقدسية الإسلام والنبي (ص) الذي قضى على الأصنام وعبادة الأوثان تحت راية "لا إله إلا الله" والتوحيد. في النهاية، أقول إن التوحيد هو أساس الإسلام والمسيحية".
 
وتابع ميشال كعدي قائلاً: "يجب أن أعترف أنني عرفت السيد المسيح(ع) من الآيات القرآنية؛ قبل أن يصوّره الغرب من روايات الإنجيل المزيفة أو أقرأ الشكوك والالتباسات الروائية حوله. بعد أن قرأت القرآن سبع مرات بالكامل، أدركت أن الرسول (ص) قال عن السيد المسيح(ع) إنه رسول سلام ورسول الله على الأرض".
 
وأردف مبيناً: "شخصية النبي الأكرم (ص) والسيد المسيح (ع) كلاهما مستمدتان من الذات الإلهية لله ليُبعثا على الأرض. كما قال الله تعالى في الآية 33 من سورة مريم المباركة: "وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" هذه الآية تعبّر بوضوح عن أن السيد المسيح(ع) كان له ميلاد طاهر ونقي تماماً كما نقول في المسيحية. وعلى هذا الأساس، أعتقد أن جذور الإسلام والمسيحية واحدة وأن كلا الدينين ينتميان إلى شريعة واحدة".

القواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية

وأضاف هذا المفكر المسيحي: "أما فيما يتعلق بالمبادئ الإنسانية لشخصية السيد المسيح(ع)، فيجب القول إنه بعد ولادته، أعلن القيم الإنسانية منذ لحظة ولادته وبعد ذلك طوال حياته، وغيّر العديد من العادات البشرية غير الأخلاقية، وأضفى عليها طابعاً إلهياً. لذلك، أعتقد أنه يجب علينا أن نعلن للعالم أجمع أن ما نعرفه ونفهمه عن المسيح مذكور حرفيًا في القرآن الكريم. مثل المحبة التي كان يكنّها السيد المسيح لعباد الله، والصيحة التي أطلقها من أجل المساواة والعدالة، والعديد من القضايا الإنسانية والاجتماعية التي وجه البشرية إليها بهدف نمو الإنسان وتطوره نحو الكمال، لتربية نموذج إنساني كامل ومميز من البشرية".

لقد عرفت المسيحية من قلب القرآن

وأوضح ميشيل كعدي: "في أقل تقدير، يجب أن نتعلم المحبة والعشق لبعضنا البعض من خلال الاقتداء بالقيم الإنسانية التي نادت بها المسيحية، وأن يفهم الإنسان على الأقل أن حب الآخر هو أساس جميع المجتمعات البشرية، وهذا هو ما نادى به المسيح ودعا إليه القرآن الكريم. ومن هنا قلت إنني عرفت المسيحية من قلب القرآن".
المسيحية والإسلام رفيقا درب في الإيمان والتوحيد
وأشار هذا الأديب اللبناني إلى رسالة النبيين العظيمين، السيد المسيح (ع) والرسول الأكرم (ص) في بناء الإنسان وتنمية الذات على أساس القيم الإلهية، قائلاً: "إن ولادة السيد المسيح المعجزة وتحدثه منذ ولادته في المهد، يعبر عن عظمة رسالة هذا الرسول الإلهي، لأنه منذ ولادته أُرسل لهداية الإنسان واختاره الله، وتكلم. كما أن الرسول الأكرم (ص) قد أعلن رسالته للناس بالآيات التي أوحيت إليه. لذلك، كان عيسى (ع) ومحمد (ص) كلاهما عبدين مختارين ومصطفين من الله ليصورا الإنسانية بكل ما تحمله من مفاهيم وتفاصيل".

لا يوجد فرق في الرسالات السماوية للأنبياء

وأضاف ميشيل كعدي: "القرآن والإنجيل كلاهما كتابان سماويان مليئان بالدروس الأخلاقية والتربوية لتنشئة الإنسان والمبادئ الإنسانية، والقاسم المشترك بين هذين الكتابين هو احترام الآخر وفهم بعضنا البعض، ليوصلا الإنسان إلى الهدف المنشود، وهو المحبة الإلهية، والعشق الإلهي، والحقيقة المثالية، وقد كرس كلا النبيين حياتهما كلها لهذه الرسالة، وهي إيصال الإنسان إلى الكمال، فالسيد المسيح والرسول الأكرم ضحيا بأنفسهما من أجل ترسيخ القيم الأخلاقية، كما أن الإسلام يحمل نفس المعنى للبشرية".

وأوضح أن "هناك العديد من البشارات من السید المسيح(ع) حول بعثة الرسول(ص)، مصرحاً: "عندما يعطي المسيح هذه البشارة، فإنه يريد أن يقدم رسالته كأمر مستمر. لقد بشر بقدوم أحمد، أي الشخص المختار من الله الذي يستحق الثناء، لأنه أراد أن تستمر القيم الأخلاقية بعده بقدوم خاتم الأنبياء؛ كما نقرأ في الآية 128 من سورة التوبة: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ".

وأكد ميشيل كعدي في الختام: "يجب ألا نفرق إطلاقاً بين رسالة الديانات السماوية الإسلام والمسيحية، لأن هدف كليهما هو الحب، ومحبة الله، والرحمة. كما جاء في القرآن الكريم في الآية 110 من سورة الكهف: "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا".

فيما يلي مقتطفات من مقابلة الشاعر والأديب والمفكر المسيحي اللبناني الدكتور "ميشل كعدي" مع وكالة الأنباء القرآنية الدولية:

captcha