في عالم أصبح فيه الرأي العام أكثر حساسية من أي وقت مضى تجاه مساءلة وشفافية المسؤولين، وتحول السعي للعدالة إلى مطلب اجتماعي جاد، يمكن أن يكون الرجوع إلى سيرة النبي (ص) منارة لطريقنا اليوم. لم يكن النبي الأكرم (ص) مؤسس مدرسة عالمية وخالدة فحسب، بل قدّم في صميم حياته الاجتماعية والسياسية نموذجاً فريداً في الإدارة الرحمانية، والعدالة، والمسؤولية؛ نموذج يتجلى في سلوكه الفردي وتواضعه، وكذلك في كيفية تعامله مع المنتقدين والمعارضين وحتى الأعداء.
وأشار إلى ذلك، "مجيد زجاجي"، الكاتب الايراني والباحث في التاريخ الإسلامي في حديث له مع وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية حول مدى اتباع السيرة النبوية في الإدارة المعارصرة، وقال: "كان (ص) في تعامله مع الناس من حيث الإجابة والرد، يتبع أوامر الله وكان واضحاً وشفافاً، ولم يكن ذا وجهين."
وأضاف: "كان ينقل ما أبلغه الله إليه دون زيادة أو نقصان، ويوضح ذلك، وهذا هو معنى الشفافية."
وأردف مبيناً: "في العالم الذي نعيش فيه، يجب على المسؤولين أن يظهروا الشفافية في عملهم تجاه الناس؛ مع الإشارة إلى أن الإجابة تتطلب أسلوباً ومنهجاً يمكن استخلاصه من القرآن الكريم وكلام المعصومين (ع). كما جاء في الآية "وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا".
إقرأ أيضاً:
وفيما يخصّ النموذج الذي يمكن استلخاصه من السيرة النبوية الشريفة في مواجهة الفساد والتمييز في نظام الحكم، قال: "كان النبي محمد (ص) حتى في مواجهة معارضيه السياسيين شديد الوقار؛ ولكن بشرط ألا يدبروا المؤامرات."
وأردف مبيناً: "كان عمل النبي (ص) على شكلين: "رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ" و"أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ"، بعض المسيحيين من منطقة نجران بعد دعوة النبي (ص) لم يقبلوا الدين الإسلامي وطرحت قصة المباهلة، لو أراد النبي (ص) زيارتهم، مع أنه كان قد أسس حكومة، كان يمكنه أن يذهب مع جيشه؛ لكنه ذهب مع عائلته، وهكذا تحولت القصة إلى المباهلة، لم يضغط النبي (ص) عليهم."
وأشار إلى نموذج آخر من حياة النبي (ص) موضحاً: "كان النبي (ص) بالتأكيد "أشداء" في مواجهة الذين يتآمرون لإسقاط النظام الإسلامي ويواجههم بشدة."
وأكدّ: "اليوم، يقف العالم الإسلامي في مواجهة الكفر بقيادة أمريكا والصهيونية الغاصبة، وقد تشكل في العالم الإسلامي جبهة المقاومة، ويمكننا أن نرى أوضح مثال على ذلك في عصرنا."
وتابع قائلاً: "لا يمكن لأي من المدارس البشرية، أن تهدي الإنسان إلى السعادة، لأنها نابعة من تفكير الإنسان؛ بل إن الشريعة السماوية للإسلام تحتوي على كل ما كان لدى الأنبياء السابقين. ومع مجيء الإسلام، نُسخت الشرائع السابقة، وكل ما يتحقق من نمو وتكنولوجيا يظهر في هذا الدين في إطار تلبية احتياجات الإنسان. نحن ملزمون بالبقاء على نهج القرآن والنبي وأهل البيت (ع)، ونتيجة ذلك هي سعادتنا."
وأردف: "من واجبنا أن نبقى على نهج القرآن والنبي (ص) وأهل البيت (ع)، الإسلام دين ديناميكي، ليس تقليدياً ولا يتراجع إلى الوراء؛ بل يحترم آراء كبار العلماء والسابقين، ويستجيب لاحتياجات جميع الناس، وخاصة الشباب، في جميع المجالات."