ایکنا

IQNA

العتبة الرضوية؛ مكان لوحدة القلوب وتلاحم الأمة الإسلامية

15:45 - August 25, 2025
رمز الخبر: 3501403
مشهد المقدسة ـ إکنا: إن العتبة المقدسة للإمام الرضا (ع) ليست مجرد مقصد لملايين الزوار من داخل البلاد، بل تستضيف أيضاً المسلمين ومحبي أهل البيت (ع) من جميع أنحاء العالم، وهذا التواصل العالمي جعل إيران محط أنظار العالم الإسلامي، وجعل العتبة الرضوية مكاناً لوحدة القلوب وتلاحم الأمة الإسلامية.

وأشار إلى ذلك، حجة الإسلام "أميرعلي حسنلو"، أستاذ الحوزة العلمیة ومدير قسم التاريخ والسيرة في مركز الدراسات والإجابة على الشبهات في الحوزات العلمية، خلال مقالاً خصّ به وكالة الأنباء القرآنية الدولية "إكنا" بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام علي بن موسى الرضا (ع).

وقال: "إن الإمام الرضا (ع) ليس فقط إماماً معصوماً وقائداً دينياً، بل هو شخصية كان لحضوره وشهادته في أرض إيران تأثير عميق ومصيري في تاريخ وثقافة وهوية هذا البلد."

وأضاف: "في الحقيقة، إذا نظرنا إلى مراحل التاريخ الإيراني المختلفة، فسنرى أن حادثة هجرة وشهادة الإمام الثامن (ع) في طوس وتأسيس مدينة مشهد، تُعدّ نقطة محورية في الهوية الإسلامية والحضارية للإيرانيين؛ نقطة انبثقت منها الوحدة الوطنية، والازدهار الثقافي، والنمو العلمي، والتلاحم الاجتماعي، واستمرت حتى يومنا هذا."

وأردف قائلاً: "يمكن دراسة تأثير حضور الإمام الرضا (ع) في إيران من عدة جوانب؛ أولاً: الجانب الديني والعقائدي؛ فقد أقام الإيرانيون، من خلال قبولهم ولاية وإمامة الإمام الرضا (ع)، علاقة عميقة بين إيمانهم الإسلامي وسيرة أهل البيت (ع)، وهذا الارتباط أدى إلى انتشار التعاليم الأصيلة للشيعة في إيران.

واستطرد قائلاً: "أما الجانب الثاني فهو الجانب الثقافي والاجتماعي، والجانب الثالث فهو الجانب العلمي والحضاري. فمنذ القرون الأولى بعد شهادة الإمام الرضا (ع)، تأسست الحوزات العلمية والمراكز التعليمية بجوار مرقده الشريف، ومع مرور الزمن تحولت مدينة مشهد إلى أحد المراكز الرئيسية للعلم في العالم الإسلامي."

وأشار حجة الإسلام "أميرعلي حسنلو" الى أنه من الآثار الأخرى لوجود مرقد الإمام الرضا (ع) في إیران يمكن الإشارة إلى تشكيل نوع من "حضارة الزيارة" في إيران بحیث أن مدينة مشهد المقدسة بملايين الزوار سنويًا، ليست فقط أكبر مركز ديني في إيران، بل هي أيضًا واحدة من أكبر المراكز الدينية على مستوى العالم الإسلامي. هذه الحركة العظيمة لها أبعاد مختلفة، من تعزيز الروحانية الفردية والأخلاق الاجتماعية إلى الازدهار الاقتصادي والتنمية الحضرية، كما أن تقديم الخدمات للزوار، وتأصيل ثقافة الوقف، وبناء المدارس والمستشفيات والمراكز الخيرية، كلها مظاهر من الحضارة الرضوية التي تشكلت عبر التاريخ وتستمر بقوة اليوم.

وأوضح أن نقطة مهمة أخرى هي الارتباط العاطفي للشعب الإيراني بالإمام الرضا (ع)، وهذا الارتباط لا يقتصر على المجال الديني فحسب، بل يتواجد في الحياة اليومية للناس. تربط العديد من العائلات نذورها وحاجاتها بالإمام الرضا (ع)، وتُتخذ العديد من القرارات المهمة في الحياة تحت ظل التوسل به، وتُسهّل العديد من الصعوبات بأمل شفاعته. بعبارة أخرى، الإمام الرضا (ع) في حياة الإيرانيين ليس مجرد شخصية تاريخية أو دينية، بل هو ظاهرة حية ومتدفقة في نسيج الحياة الاجتماعية والفردية.

وصرّح أن مشهد المقدسة وحرم الإمام الرضا (ع) اليوم ليسا فقط وجهة لملايين الزوار المحليين، بل يستضيفان المسلمين ومحبي أهل البيت (ع) من جميع أنحاء العالم. وقد أدّى هذا الارتباط العالمي إلى وضع إيران في بؤرة اهتمام العالم الإسلامي، وتحول الحرم الرضوي إلى مكان لوحدة القلوب وتآزر الأمة الإسلامية. ومن هنا، يمكن القول إن الإمام الرضا (ع) بوجوده واستشهاده في إيران، قد أقام جسرًا بين الثقافات والشعوب، ومهّد الطريق لإيران لتتألق دائمًا في قلب العالم الشيعي.

وفي الختام، صرّح أن وجود الإمام الرضا (ع) في إيران وتشكيل حرمه الشريف في مشهد، ليس مجرد حدث تاريخي، بل هو نقطة تحول في الهوية الدينية والثقافية والحضارية للإيرانيين. لقد أعطى هذا الحدث معنى لإيران ومنح شعبها روحًا جديدةً، حتى اليوم، كل إيراني، سواء كان زائرًا أو مقيمًا، يحدّد علاقته بالإمام الرضا (ع) ويجد طريقه في الحياة في ظل نوره الساطع. هذه حقيقة حولت مشهد إلى "مدينة الإمام الرضا (ع)" وإيران إلى "أرض الولاية".

4301311

captcha