ایکنا

IQNA

أكاديمي إيراني يشرح:

مفهوم الإنسان من منظور الفلسفة الغربية والديانات الإبراهيمية

10:42 - November 23, 2025
رمز الخبر: 3502534
طهران ـ إکنا: شرح أستاذ مدرس في جامعة طهران معنى الإنسان من المنظور الغربي، وقال بأن الإنسان في الديانات الإبراهيمية هو أساس الخليقة، وكل الخلق قد تمّ من أجله، كما في الحديث القدسي "لولاك لما خلقت الأفلاك".

مفهوم الإنسان من منظور الفلسفة الغربية والديانات الإبراهيميةوأعلن عن ذلك، الأستاذ المشارك في قسم الفلسفة بجامعة طهران، الدكتور "سيد محمد رضا بهشتي"، في حوار خاص له مع وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية، مبيناً معنى الفلسفة لدى الغرب والمسلمين.

وقال: "نعيش في زمان نشهد فيه العديد من الاضطرابات في الفكر البشري، بما في ذلك في مجتمعنا، حول الحياة الإنسانية ووجود الإنسان في العالم المعاصر، وبعض الأسئلة التي كان يبدو أن هناك إجابات واضحة نسبياً عليها، كـ أنها تعود للظهور من جديد وتفتح المجال لأسئلة جديدة".

وأضاف: "هناك مقولة مشهورة تقول "الحيرة منطلق الفلسفة"، وقد نُقلت هذه العبارة مع بعض الاختلافات عن أفلاطون وأيضاً عن أرسطو، فـ مبدأ وبداية الفلسفة هو "الدهشة" أو "الحيرة".

وأردف مبيناً: "عندما يكون هناك أمر كنت معتاداً عليه وكان بديهياً بالنسبة لك، ولم تشعر بالحاجة إلى السؤال عنه، يخرج هذا الأمر بطريقة ما من دائرة البديهة، وعندما يخرج من دائرة البديهة، تشعر بالدهشة، وهذه الدهشة في كائن مثل الإنسان، تصبح بداية التفكير وطرح السؤال الفلسفي. فإذا سألنا هكذا السؤال، يجب أن نقول بأنه سؤال فلسفي! سؤال عن الماهية وسؤال عن العلة."


إقرأ أيضاً:


وصرّح الأستاذ المشارك في قسم الفلسفة بجامعة طهران: "لقد وجدنا أنفسنا في أزمنة، بل مرات عديدة في تاريخ البشرية، يتكرر فيها السؤال: لماذا نحن موجودون أساساً بدلاً من ألا نكون؟ وإذا كنا موجودين، فإن وجودنا هذا معرض للشك، على الأقل طريقة وجودنا معرضة للشك، بطريقة تبدو وكأن هناك حاجة لإعادة السؤال من البداية ومن المنشأ".

وأضاف أن السؤال جاد لدرجة أنه يشمل جميع جوانب حياتنا، وكما ذكرت، على مرّ تاريخ الفكر البشري، بُذلت جهود لتقديم إجابات لهذا السؤال، وبدا أن بعض هذه الإجابات كانت تتمتع بصفة الإقناع والرضا، على الأقل لأجزاء من المجتمعات، لفترات معينة. ولكن الغريب أن هذا السؤال يعود للظهور مرة أخرى بعد مرور الأزمان والتغيرات! ربما يكون هذا السؤال من تلك الأسئلة التي تشغلنا دائماً، ونحن مضطرون للسعي للإجابة عليها، ولكن في الوقت نفسه، ليس الأمر أن نقول إننا توصلنا إلى إجابة نهائية مرة واحدة ولن يظهر هذا السؤال مرة أخرى.

وفي جزء من حديثه، قال الدكتور سيد محمد رضا بهشتي: "إن الإنسان يعيش في عالم ترتبط فيه معيشته وحياته بشيء يُسمى التقنية والعلم، وتدور حياته استناداً إلى علاقاتهما، وهذه الظاهرة شاملة، أي يبدو أن العالم بأسره يُدار ويتقدم في اتجاه واحد، وكما طُرح في بدايات العلم في العصر الحديث كـ فكرة مثالية وطموح، كان من المفترض أن يؤدي هذا المسار بطريقة ما إلى "الرفاهية" و"حياة أفضل".

واستطرد قائلاً: "لكن الآن يبدو أن العيش بشكل أفضل والحياة الأفضل قد أصبحت محل تساؤل، خاصة وأننا نواجه ظواهر تشكك حتى في أصل وجود الإنسان على كوكب الأرض،  وليس من الواضح في أي اتجاه نتحرك!"

وتابع الأكاديمي الإيراني موضحاً: "لقد شهد القرن الماضي تجارب قاسية مثل الحربين العالميتين اللتين انتشرتا من منطقة أو منطقتين إلى مساحات واسعة من سطح الأرض، وشملت أمماً وشعوباً مختلفةً، وكانت لها تبعات ونتائج ثقيلة جداً، وانتهت بظاهرة مثل انفجار القنبلة الذرية ومقتل أكثر من مئتي ألف شخص في لحظة واحدة."
مفهوم الإنسان من منظور الفلسفة الغربية والديانات الإبراهيمية
وأردف الدكتور سيد محمد رضا بهشتي قائلاً: "هذه الأحداث دفعت العديد من المفكرين منذ حوالي ثمانين عاماً إلى التأمل الجاد والتساؤل بأننا إلى أين نسير؟ ما كان يُعتبر إنجازاً ونتيجة للعلم والتقنية، تحول إلى أداة ربما جلبت معها دمار الجنس البشري."

وأضاف أنه في الثقافة الغربية التي تتوسع في جميع أنحاء العالم منذ ما يقرب من قرنين من الزمان، وتشكل عملياً حياة الأفراد والمجتمعات في أجزاء مختلفة من العالم، واجهنا في البداية غموضًا بشأن هذه المسألة. إن تصور هذه الثقافة للإنسان هو مزيج من التصور ووجهة النظر تجاه الإنسان من الثقافة اليونانية القديمة، وبعد ذلك ارتبط هذا التصور بالديانات الإبراهيمية، وخاصة المسيحية، وشكل صورة عامة. صورة تحتوي على خصائص تبدو متعارضة مع بعضها البعض، وفي كل مرة يبدو أنها تصل إلى بعض التوليفات والتأليفات؛ توليفات وتأليفات قد لا نتمكن من تقييم مدى استقرارها.

وبعد شرحه للمنظور الغربي حول الإنسان المعاصر، قال الأستاذ المشارك بجامعة طهران: "إن المكون الآخر هو الإنسان الذي يتشكل في الديانات الإبراهيمية، كأن الإنسان هو أساس الخليقة، وكل الخلق قد تم من أجله، وذلك كما في الحديث القدسي "لولاك لما خلقت الأفلاك"، فالإنسان هو محور العالم كله."

ولدى مقارنته بين الصورتين الإسلامية والغربية من الإنسان، قال: "هناك صورة تراجيدية للإنسان، وهناك صورة يبدو كأن العالم كله قد تم ترتيبه من أجله ومن أجل ظهور هذا الكائن."
مفهوم الإنسان من منظور الفلسفة الغربية والديانات الإبراهيمية
وأشار الى أن الخطوة التالية كانت أن الإنسان تقبل أننا بيولوجياً نسير في هذا المسار وعلى امتداد الكائنات الأخرى ولسنا نسيجاً مختلفاً، الآن أصبحنا ما أصبحنا عليه! ولكننا من حيث الفكر والتفكير نحن المركز، مرة أخرى اعتبرنا أنفسنا في المركز. مع طرح المسائل المتعلقة بعلم النفس، والتحليل النفسي، وطرح مسألة الوعي، واللاوعي، اتضح أن الكثير مما كنا نعتقد أننا نفكر فيه وأننا مركز الفكر، لم يكن يحدث بوعي بل في كثير من الأحيان كان لا واعياً. إن اعتقادنا بأننا بوعينا ومعرفتنا لدينا وضع استثنائي في العالم وأننا في مركز العالم، في الواقع أصبح موضع تساؤل.

وأوضح أنه في قسم الوعي أيضاً، يقال في العقود الأخيرة، أنه يمكن أن يكون هناك ذكاء يرافقك وينبع منك والآن يتقدم عليك بخطوة ويشكل تدريجياً عقليتك، وهذا الذكاء والوعي ليس بالضرورة "وعياً بشرياً". باختصار، كل تلك الأشياء التي كانت تمنح نوعاً من الثبات والطمأنينة لوجود الإنسان، مع المسار الذي سلكه عملياً، أصبحت موضع تساؤل جدي، وبالتالي فإن هذه المحاولات، خاصة أن الإنسان يعرف نفسه بأشياء يبدو أنها لم تعد خاصة به، ويبدو أنها كانت خاصة به في يوم من الأيام، قد قادتنا إلى هذا السؤال مرة أخرى: من نحن؟

هل يمكن إصلاح مكانة الإنسان اليوم؟
 
ليس من الواضح ما إذا كان قابلاً للإصلاح، ربما نحتاج إلى قطع وإعادة رؤية وإعادة تأسيس. ليس من الواضح ما إذا كان بإمكاننا الاستمرار في الإصلاح والتعديل على الأساس الذي وصلنا إليه حتى الآن والذي أدى بنا إلى هنا.
 
ولكن يجب أن نلاحظ أنه ليس عبثاً أن الأسئلة جادة وعميقة، فأسئلة الإنسان اليوم حول معنى الحياة ليست سطحية بأي حال من الأحوال، وبعض أسئلة اليوم ربما لم تكن لدى البشرية قبل 3 آلاف عام، كلما تقدمنا، ظهرت أسئلة جديدة، وهذه الأسئلة، تتناسب مع المسار الذي قطعناه، وتواجهنا، وليس من الواضح ما إذا كانت سابقة، وقد تكون العديد من تلك الأسئلة غير مسبوقة، في كل مرة تقدمنا حتى وصلنا إلى هنا، والسؤال هو: ماذا سيحدث للوضع الحالي لكائن ذي قدمين يسمى الكائن البشري مع استمرار هذا المسار؟

يتبع...
captcha