
في عملية تشكيل الحضارة الإسلامية، أدت مواجهة الإمام الباقر (ع) مع الحضارات المتقدمة المعاصرة إلى تحديات في مختلف المجالات، كان أحد أكثر هذه المجالات حساسية هو الاقتصاد ونظام التبادل المالي، الذي كان في ذلك الوقت تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية، وكان من الممكن أن تتحول هذه التبعية الاقتصادية إلى عامل للنفوذ السياسي والثقافي.
هنا يكشف ردّ فعل الإمام الباقر (ع)، عن كيفية مواجهة القادة الدينيين بحكمة لمثل هذه التحديات، ويُظهر كيف يمكن للقيادة القوية والذكية أن تحول التهديدات والعقوبات إلى فرص.
في بداية القرن الأول الهجري، كانت تقنية صناعة الورق تُعتبر حكراً على الإمبراطورية الرومانية؛ حتى إن المسيحيين في مصر الذين كانوا يصنعون الورق بأنفسهم، كانوا يسجلون على أوراقهم، تعاليم الرومانيين.
لكن "عبد الملك بن مروان"، الخليفة الأموي، عندما رأى ذلك الرمز، غضب قائلاً: "لماذا يجب أن تحتوي المصنوعات الورقية في مصر الإسلامية على علامة شرك؟ فأصدر على الفور أمراً إلى والي مصر، طالباً منه أن يُستبدل بذلك الرمز الشركي شعار "شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ" على الأوراق.
في هذا المأزق السياسي والاقتصادي، كان التشاور مع الإمام محمد الباقر (ع) نقطة تحول في حل الأزمة، حيث قدّم حلاً تضمن تحييد التهديدات وبناء الهوية الرمزية وتأسيس نظام مالي جديد ووقف التبعية الاقتصادية.