
وقاد الموكب بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، ومن المقرر أن يشارك في قداس منتصف الليل لإحياء عيد الميلاد وفق التقويم الغربي، في كنيسة المهد ببيت لحم التي تعتبر مهد المسيح عليه السلام.
وشارك مئات الأشخاص في المسيرة التي جابت شارع النجمة الضيق المفضي إلى كنيسة المهد والساحة المؤدية لها.
وفي وسط الساحة، وقفت شجرة الميلاد الكبيرة المزينة بكرات حمراء وأخرى ذهبية لتزيد بهجة على الأجواء.
واختفت مظاهر احتفالات عيد الميلاد التقليدية في بيت لحم على مدار العامين الماضيين بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكن مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عادت الاحتفالات ووضعت شجرة عيد ميلاد كبيرة خارج كنيسة المهد في بيت لحم.
وانطلقت المجموعات الكشفية في استعراض رسمي، سارت بخطى ثابتة من شارع النجمة باتجاه ساحة المهد، تتقدمها الألحان الكشفية والأعلام، في حين توافد المواطنون من داخل المدينة وخارجها للاستمتاع بعروض الكشافة.
وكان بيتسابالا زار غزة في عطلة نهاية الأسبوع، وترأس قداس عيد الميلاد في رعية العائلة المقدسة بمدينة غزة الأحد.
حصار متواصل
وفي الوقت الذي تعود فيه أجواء الاحتفال إلى ساحة المهد، لا تزال بيت لحم تعاني حصاراً إسرائيلياً وإغلاقات ووضع حواجز أثّرت بشكل مباشر في حركة الفلسطينيين، وفي الاقتصاد المحلي، وفي القطاع السياحي الذي يشكّل ركيزة أساسية لحياة سكانها.
وتعد بيت لحم مركزاً روحياً وسياحياً يقصده الحجاج المسيحيون أواخر ديسمبر/كانون الأول من كل عام، احتفالا بعيد الميلاد، حيث يزورون كنيسة المهد التي أقيمت فوق مغارة، يُعتقد أن السيدة مريم بنت عمران عليها السلام، وضعت طفلها عيسى عليه السلام فيها.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، قال رئيس بلدية بيت لحم "ماهر قنواتي" إن بيت لحم، رغم ما مرّت به من ظروف قاسية جراء الإغلاقات الإسرائيلية والحصار الاقتصادي وتعطل السياحة في العامين الماضيين، قادرة على النهوض من جديد.
وأضاف أن عودة أجواء الميلاد تشكّل رسالة أمل إلى العالم بأن هذه المدينة لا تزال حاضنة للسلام ومتمسكة برسالتها الإنسانية.
وأوضح قنواتي أن البلدية عملت خلال الفترة الماضية على إعادة تحريك القطاع السياحي من خلال مبادرات هدفت إلى استعادة ثقة الزائرين وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي، مؤكداً أن عودة الاحتفالات، حتى وإن جاءت في ظروف استثنائية، تمثل دفعة معنوية كبيرة لأهالي المدينة ورسالة صمود في وجه كل محاولات العزل والتهميش.
على صعيد متصل، سمحت إسرائيل، مساء الأربعاء، لحسين الشيخ نائب الرئيس الفلسطيني، بالوصول إلى مدينة بيت لحم للمشاركة في قداس منتصف الليل عقب تدخل أميركي، وذلك بعد ساعات من إعلان مكتبه عن منعه من الوصول للمدينة.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد كلف نائبه بتمثيله في هذه المناسبة، لكن إسرائيل منعت وصول موكبه إلى بيت لحم في البداية.
قداس الميلاد في غزة بعد عامين من الحرب: فرح منقوص وأمل بالسلام
أحيا المسيحيون الفلسطينيون، مساء الأربعاء، قداس عيد الميلاد في كنيسة العائلة المقدسة شرقي مدينة غزة، وذلك بعد مرور عامين على حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل، وخلفت خسائر بشرية فادحة ودمارًا هائلًا.
وأقيم القداس داخل مجمع دير اللاتين (الكاثوليك)، وسط أجواء حاول فيها المشاركون استعادة شيء من رمزية العيد الدينية والإنسانية، رغم أن آثار الحرب ما زالت جاثمة على الواقع النفسي والمعيشي للفلسطينيين في القطاع، إذ لا يزال الدمار والفقد حاضرين في أدق تفاصيل الحياة اليومية.
فرح منقوص في غزة
ورغم غياب القصف، لم تختفِ تداعيات الحرب عن وجوه المشاركين في القداس، الذين عاشوا تجربة النزوح وفقدان الأمان، إذ اختلطت صلواتهم بأمنيات أن يشكّل هذا العيد بداية لمرحلة أكثر استقرارًا بعد عامين من المعاناة. وفيما كانت الكنائس في مثل هذا التوقيت تتزين لاستقبال الأعياد، خيّم الحزن هذا العام على أروقتها، إثر ما لحق بها من دمار خلال عامي الحرب التي بدأتها إسرائيل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وانتهت باتفاق لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2025.
وقبيل بدء القداس، انشغل الحاضرون داخل الكنيسة بتزيين شجرة ميلاد صغيرة وإعداد "المغارة"، في مشهد بسيط حاولوا من خلاله إضفاء أجواء من الفرح واستعادة شيء من روح العيد. وعلى وقع التراتيل الخافتة وأضواء الشموع، جلس الجميع في صمت لالتقاط لحظة سلام عابرة، فيما بدت المقاعد شاهدة على أعوام من النزوح والخوف.
إدوارد صباغ، أحد المشاركين في القداس، قال لـ"الأناضول" إن أجواء العيد هذا العام أفضل نسبيًا مقارنة بفترة الحرب، رغم ثقل المعاناة التي يعيشها المواطنون. موضحاً أن العائلات تحاول إحياء العيد عبر التمسك بالطقوس التقليدية وتزيين الكنيسة، سعياً لاستعادة شيء من الفرح الداخلي بعد عامين من الإبادة. وأضاف أن مشاعر الفرح تبقى منقوصة لكنها حاضرة ولو جزئياً مع توقف الحرب، معرباً عن أمله بأن يسود السلام في البلاد وألا تعود المعارك مجدداً.
وأكد صباغ أن المواطنين في قطاع غزة لا يريدون الدمار، بل يتوقون إلى العيش بسلام كما كانت الأوضاع قبل الحرب، مشيراً إلى أن عائلته كانت قد نزحت إلى هذه الكنيسة في التاسع من أكتوبر 2023، قبل أن تتعرض للقصف في الشهر نفسه. وختم حديثه بالقول إن العيد هذا العام يختلف عن الأعياد السابقة؛ إذ لا يمكن الشعور بالفرح الكامل بعد كل ما شهده القطاع، إلا أن انتهاء الحرب بحد ذاته يمنح الناس سبباً للأمل.
المصدر: وكالات